حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12297

الأنا العليا وجلد الجماعة من منظور الثقافي

الأنا العليا وجلد الجماعة من منظور الثقافي

 الأنا العليا وجلد الجماعة من منظور الثقافي

05-08-2023 03:25 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
الأردني، وبحكم تكوينه العروبي، منفتحٌ على كل الشعوب العربية، ويتجلّى ذلك عبر مواقع التواصل، حيث لا تكاد تجد واحدًا ليس لديه العشرات أو المئات من الأصدقاء العرب، ولئن كانت هذه الظاهرة جيّدة، إلّا أنّ سوء استخدامها قد يؤدي إلى نتائج غير محمودة، فكل واحدٍ يعكس صورته الشخصية، ويعكس بالضرورة أيضًا، صورةً مجتمعيةً ذهنية لدى المتلقي، وخاصة غير الأردني.


صفحات التواصل تشبه المنازل إلى حدٍ كبير، فغرفة الضيوف بالعادة للضيوف، وباقي الغرف لأهل البيت، وليس مسموحًا للضيف أن يدخل غرف النوم، إلّا أنّ البعض ممن فقد بوصلته الوطنية، يتباهى بكشف العورات، وفضح غرف النوم، وكأنّه يقوم بعملٍ بطولي، أو فعلٍ لا يجرؤ غيره على القيام به، معتقدًا أنّ ما يراه هو، لا يراه غيره، في حين أنّ الجميع يراه، لكنّ البقيّة تُبقي الشأن الداخلي في الإطار الداخلي، احترامًا لقيمةٍ أخلاقية، وانتماءً لوطن.


ما يلفتُ الانتباه في مجتمعنا الثقافي، أنّه بالكاد تجد شاعرًا يُنصفُ شاعرًا، أو قاصًا يمدح قاصًا، أو روائيًا معجبٌ بروائيٍ آخر، أو ناقدًا يلتفتُ بموضوعيةٍ لتجربةٍ لم تأخذ حقّها في الظهور، ولعلّ مرّد الأمر يعود إلى (الأنا العليا) التي لا ترى غيرها، ولا تعترف بسواها، ولو توقّف الأمر عند هذا الحدِّ لهانت المصيبة، ولو بقي (غسيلنا) بيننا لظلّت الأمور في مجراها الطبيعي، لكنّ البعض استمرأ جلد الذات (وخاصة الجماعية)، فأعطى صورةً انطباعيةً سيئةً عن العموم.


صحيح أنّ حالة التردّي في المستوى الإبداعي عامّة، إلّا أنّ ذلك لا يبرر الانتقاص من الآخرين وجلدهم – من خلال التعميم أو التلميح - على مواقع التواصل، لأنّ هذا الانتقاص والجلد الجماعي انتقاصٌ وجلدٌ لوطن كامل، فلا يكاد يخلو مهرجانٌ ثقافي أو أمسية أو فعاليةٌ ثقافية من عشرات الانتقادات والانتقاصات من المشاركين فيها، وأزعم أنّ لديّ شخصيًا مئات الأصدقاء من غير الأردنيين، تربطني بالكثير منهم علاقات صداقةٍ واقعية وليست افتراضية، ومع ذلك، لم أقرأ لأحدهم انتقاصًا من أيٍ من أبناء بلده، ولم أسمع من أيّ واحدٍ منهم تجريحًا في غيره من الشعراء والقاصين والمبدعين، على الرغم من وجود الآلاف في بلدانهم ممن يكتبون الرداءة كل يوم.


لعل المشكلة لدينا تكمن أساسًا في عدم استيعاب الآخر ومنتجه، وعدم وجود حركةٍ نقديةٍ حقيقية، تضع النقاط على الحروف، وتفرز الغثّ من السمين، ولذلك صار في داخل كلّ واحدٍ منّا ناقدٌ لا يرى سوى نفسه، ولا يقيس إلّا بمسطرته الشخصية.


هذه الفردانية، والنظرة الأحادية، ألغت الآخر، وأنكرت وجوده، فعلى سبيل المثال، شاعر العمود لا يعترف بشاعر التفعيلة، وشاعر التفعيلة لا يؤمن بقصيدة النثر، والأمثلة لا حصر لها.


أمن الوطن الثقافي يحتاج إلى حكمةٍ وتعقّل عند ذوي الأقلام، ولئن كان لدينا أقلامٌ رديئة إلّا أنّ لدينا أقلامٌ كثيرة فوق (الممتازة) أثبتت حضورها في الساحة العربية، وبدأت بالانطلاق نحو العالمية.


ما نحتاجه هو أن نفخر بمنجزنا الثقافي، وبكتّابنا المبدعين، أمّا الزبَدُ فسيسقط من تلقاء نفسه، ومن كانت لديه الجرأة على التجريح والانتقاص من وراء الشاشات، وجب أن تكون لديه القدرة على أن يقول وجهًا لوجه لمن يدّعي الشعر بأنّه ليس شاعرًا، ولمن ليس مبدعًا بأنّ ما يكتبه مجرد هراء، لأنّ البطولات الالكترونية وحدها، لا يجرؤ عليها إلّا الجبناء.
أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين








طباعة
  • المشاهدات: 12297
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-08-2023 03:25 PM

سرايا

2 -
اوجزت وابدعت وشملت كل ما يجول بخاطر المواطن شاعرنا وكاتبنا الرائع الاستاذ أكرم الزعبي
05-08-2023 03:41 PM

عبدالباسط عبيدات

التبليغ عن إساءة
3 -
كل الاحترام والتقدير
05-08-2023 05:00 PM

محمد علي

التبليغ عن إساءة
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم