09-08-2023 08:32 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
أشار رئيس الوزراء في الجلسة الحوارية التي عقدها مع طلبة جامعة اليرموك أخيراً إلى أن عدد الأحزاب السياسية التي قامت بتوفيق أوضاعها بما يتناسب مع القانون الجديد قد بلغ (27) حزبا سياسيا، وأنه يتوقع أن ينخفض هذا العدد مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية القادمة.
إن هذه التوقعات الحكومية لعدد الأحزاب السياسية التي ستشارك في الانتخابات النيابية لاختيار مجلس النواب العشرين بأنها ستقل عن العدد الحالي، تقوم على أساس الفهم القانوني للنصوص التشريعية المستحدثة في قانون الانتخاب الجديد لعام 2022، التي حددت مقاعد نيابية على مستوى الوطن للأحزاب السياسية، والتي ستزداد من حيث العدد مع تشكيل المجالس النيابية خلال السنوات العشر القادمة.
فما يميز قانون الانتخاب الحالي عن القوانين السابقة التي أخذت بفكرة الدائرة الانتخابية العامة أن القانون الذي ستُجرى بموجبه الانتخابات القادمة قد أخذ بفكرة نسبة الحسم «العتبة»، والتي يقصد بها الحد الأدنى من مجموع أصوات المقترعين الذي يتوجب أن تحصل عليه القائمة الانتخابية للتنافس على الفوز بمقعد أو أكثر من مقاعد مجلس النواب.
وقد جرى تحديد نسبة الحسم بالنسبة للمقاعد النيابية للدائرة الانتخابية العامة في القانون الحالي بواقع (2.5%) من مجموع عدد المقترعين في الدائرة الانتخابية العامة، حيث تحصل كل قائمة انتخابية تجاوزت هذه النسبة على مقاعد في الدائرة الانتخابية العامة بنسبة عدد الأصوات التي حصلت عليها من مجموع عدد أصوات القوائم التي تجاوزت نسبة الحسم.
وإذا لم تصل ثلاث قوائم حزبية على الأقل نسبة الحسم «العتبة»، تقوم الهيئة المستقلة للانتخاب بتخفيض هذه النسبة بمقدار نصف بالمائة على التوالي، حتى يصل عدد القوائم الحزبية الفائزة إلى ثلاث قوائم كحد أدنى.
إن التطبيق السابق لفكرة الدائرة الانتخابية العامة في قانون الانتخاب القديم لعام 2012 لم تتضمن الأخذ بنسبة الحسم، حيث جرى توزيع المقاعد المخصصة للقوائم على مستوى الوطن بحسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة انتخابية. وهذا ما أسفر عن وصول عدد كبير من القوائم الانتخابية في المجلس النيابي السابع عشر وقلة عدد النواب الفائزين عن كل قائمة انتخابية، بشكل لم تتحقق معه الغاية من الدائرة الانتخابية العامة، التي تتمثل بوصول أكبر عدد من المرشحين عن القائمة الوطنية، وقلة عدد القوائم الممثلة في البرلمان.
إن الأحزاب السياسية تعي حقيقة التطور التشريعي في مجال الانتخاب على مستوى الدائرة الانتخابية العامة، وستسعى بالتأكيد إلى العمل المشترك فيما بينها لإيصال أكبر عدد من ممثليها إلى المجلس القادم، مما يضمن لها تمثيلا وتأثيرا ملحوظا على سير العملية البرلمانية.
وقد حدد قانون الأحزاب السياسية لعام 2022 آليات متعددة يمكن من خلالها للأحزاب أن تتشارك مع بعضها البعض لخوض الانتخابات القادمة؛ أولها حق الأحزاب في تشكيل ائتلافات سياسية بهدف العمل معا وتحقيق غايات مشتركة، على أن يتم الإعلان عن الائتلاف وإشعار أمين السجل في الهيئة المستقلة للانتخاب بذلك، ولا يُعتبر الائتلاف حزبا جديدا ولا يتمتع بالشخصية الاعتبارية.
كما يمكن للأحزاب السياسية أن تشكل تحالفا فيما بينها لخوض الانتخابات النيابية، على أن تقوم بتزويد أمين السجل بإشعار مُوقّع من قياداتها التنفيذية المخولة باتخاذ قرار التحالف، واسم التحالف وشعاره، وأسماء مترشحي الأحزاب المشاركة فيه. وقد أحسن القانون الحالي عندما حظر على الأحزاب السياسية الانسحاب من التحالف خلال الانتخابات النيابية.
ومن آليات التعاون بين الأحزاب السياسية حقها في الاندماج؛ إذ يحق لحزب أو أكثر الاندماج في حزب قائم أو الاندماج مع حزب أو أكثر لتأسيس حزب جديد، وذلك وفق إجراءات خاصة محددة في القانون.
إن الحكمة السياسية تقتضي أن تبدأ الأحزاب الأردنية باختيار أي من الآليات السابقة للعمل المشترك بهدف زيادة فرص تمثيل أعضائها في المجلس النيابي القادم. وهذا ما سيضمن انخفاض عدد الأحزاب السياسية المرخصة في الأردن في حال اختيار الإندماج، أو على أقل تقدير قلة عدد الأحزاب التي ستخوض غمار الانتخابات القادمة في حال اختيارها تشكيل ائتلافات وتحالفات سياسية فيما بينها.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-08-2023 08:32 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |