10-08-2023 10:22 AM
بقلم : الدكتور عبدالله عامر البركات
التفويض في الاسلام هو انه ان لم نفهم الحكمة أو الكيفية في امر ديني او كان المعنى الظاهري لا يليق بمقام الله تعالى مما ورد في النصوص الشرعية مما يتعلق بالذات والصفات او عند تعارض المنقول للمعقول فيما يتعلق بالاخبار عن الماضي او الانباء عن الآتي .. ان نتوقف عن البحث فيه ونؤمن به ونفترض انه من المتشابه وانه إما سيأتي يوم يكشف سره او يبقى كذلك الى يوم القيام يوم يأتي تأويله.
كثير من الامور التي أشكل فهمها في الماضي تبينت حقيقتها لاحقاً. وكثير منها لم يتبين أمرها بعد وقد لا يتبين.
وقد يعتبر البعض ذلك نقطة ضعف في الحجج الدينية. ولكن المطلع على عامة العلوم الطبيعية ونظرياتها يكتشف أن التفويض ليس خاصًا بالامور الدينية بل هو شائع في الامور العلمية الطبيعية كذلك. واذا قُبل ذلك في النظريات العلمية وتم احتمالها وانتظار انجلاء الشبهات حولها، فمن باب أولى ان يقبل في الامور الدينية. فهي اي الدينية مظنة غموض اكثر وغيوب اعمق.
ولا أجد حاجة للتمثيل على التفويض في الامور الدينية لكثرتها ومعلوميتها للناس مثل الاستواء على العرش ونزول الله الى السماء الدنيا واحوال يوم القيامة وترتيبها وتنوعها وغير ذلك كثير. ولكن ما هو غير معلوم للعامة ولا الى كثير من الخاصة ان اصحاب النظريات العلمية ومعتقديها يلجأون الى التفويض فيما لا يُفهم من ظواهر او ما يناقض اسس نظرياتهم.
فمثلاً هناك كثير من القضايا التي كانت ومازالت تعارض نظرية النسبية وبعضها تم حلها مثل كتلة الكون التي لم تكن كتلة المادة المعروفة كافية لتفسير الظواهر الكونية وباكتشاف المادة السوداء والطاقة السوداءتم حلها وبقي الكثير الذي ينتظر الحل. ومع ذلك تمسك بها اتباعها ويتمسكون بها اي النظرية النسبية على امل ان ينجلي الغموض فيما بقي من شؤونها. وكذلك الامر بخصوص نظرية التطور فمازال تفسير وجود التركيبات التي لا تقبل الظهور التدريجي (Irreducible complexity( تحير علماء التطور وغيرها كثير. واشكالات نظريات نشأت الكون. ومع ذلك تجد اتباع هذه النظريات يصبرون عليها وينتظرون الاكتشافات العلمية ان تجيب على هذه التناقضات. وهم ليسوا في عجلة من امرهم ان يرفضوها. ولا يضير طرحي هذا ان يقال ان كذا وكذا قد تم حل الاشكال فيه. فهناك العشرات من الاشكالات التي ما ان يحل احدها حتى تظهر اشكالات اكبر واكثر.بل ان العلم يقبل ما لا يقبله العقل مثل نظرية الاوتار او الابعاد الاحد عشر فعقدنا لا يعرف عملياً الا الابعاد الثلاثة وفي احسن الاحوال الابعاد الاربعة. كل ذلك دون ان يفقد العلماء ثقتهم بالعلم.
أوليس المسلم هو الاولى بان يفوض امر المتشابه وغير المعقول الى الله.
أخيراً لا أريد ان يُفهم من هذا اننا لسنا مكلفين بمحاولة فهم افضل للنصوص الشرعية، وان لا نعتبر فهم السلف نهاية المطاف. فالقران الكريم لا تنقضي عجائبه. وكونه صالح لكل زمان ومكان فهو يتفتح على العقول الباحثة حسب قدراتها وحاجاتها ومعطيات العلوم الحديثة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-08-2023 10:22 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |