14-08-2023 08:27 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
أشرت في مقالي السابق بعنوان (نحن والقانون) إلى ضرورة نشر الثقافة القانونية على نطاق واسع، ودعوت إلى تفعيل دور القطاعات المختلفة كشركاء مباشرين في نشر ثقافة وتعليم قوانين السير، وخاصة قطاع التربية والتعليم والتعليم العالي، لكن كثيرا من التعليقات على المقال تركزت على قانون الجرائم الإلكترونية من زاوية أنه يتعارض مع حرية التعبير، ومع عملية التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، وغير ذلك مما يجري الحديث عنه قبل وبعد إقرار القانون من مجلس الأمة.
ليس في نيتي الدخول في هذا السجال، لكن انتقاد ذلك القانون على النحو الذي سمعناه ورأيناه هو كذلك شكل من أشكال ممارسة حرية التعبير، والآن وبعد أن يمر القانون أي قانون في مراحلة الدستورية فإن الانتقادات لا تغير من الأمر شيئا، وبالطبع يتوجب على الجميع التعرف على أدق التفاصيل في تلك القوانين لمعرفة حقوقهم وواجباتهم، فالقاعدة القانونية في الأصل قاعدة سلوكية للفرد والجماعة بما يحفظ سلامة المجتمع وأمنه واستقراره!
ننظر إلى الدول الديمقراطية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية التي يضمن دستورها حرية الصحافة، فإن البعض يظن بأنها حرية بلا حدود، مع (قانون التشهير) وغيره من القوانين المتعلقة بالمعلومات ومصادر المعلومات تشكل قيودا حقيقية، والعقوبات المادية التي يمكن أن تتكبدها الصحف ووسائل الإعلام عند انتهاك أي من تلك القوانين في حال وجود حكم قضائي تشكل هاجسا يوميا لدى الشركات المالكة.
يقول أحد الباحثين الأميركيين في دراسة حول نوعية وتكلفة التعويضات التي طالب بها أشخاص أو مؤسسات عامة وخاصة إنك إذا دخلت إلى صالة تحرير الأخبار في الصحف الكبرى فليس بإمكانك التمييز ما إذا كان الجالسون في تلك الصالة محررين يحذقون القوانين أم قانونيين يحذقون التحرير، وذلك في إشارة إلى حجم المسؤولية التي يتحملها الصحفيون كي يعطوا للصحافة أفضل ما لديهم دون المساس بسمعة أو مصالح الآخرين من دون سند قانوني!
حتى المنظمات المتخصصة بحماية الصحفيين والمدافعة عن قضاياهم لم تتردد في إصدار كتيبات مرجعية لتعليمهم كيفية المواءمة بين النصوص القانونية وحرية الصحافة، ورغم ما تنطوي عليه بعض التعليمات أو النصائح من مراوغة وتحايل إلا أنهم جميعا يخضعون للقوانين.
في هذه الحالة وعندما يتعلق الأمر بالمصلحة العامة فإن الثقافة القانونية كإطار عام ليست كافية في مهنة الصحافة والإعلام على سبيل المثال، لأن القائمين بالاتصال عبر مؤسسات الإعلام على اختلاف أشكالها مطالبون بإدراك القانون وفهمه، بل وممارسته في الحالات التي يسمح بها لتناول قضية ما قد تكون أكبر وأخطر من كل القضايا التي يرهبونها، فالقانون بقدر ما يفرض الواجبات بقدر ما يعطي الحقوق.
مرة أخرى لا بد من القول هنا إنه كلما تقدمنا في مسيرتنا الديمقراطية كلما أصبحت الثقافة القانونية على المستوى الشعبي حاجة ضرورية، وأصبحت الدراية القانونية واجبا ملزما على جميع أولئك الذين يتأثر المجتمع بأقوالهم وأفعالهم على حد سواء.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-08-2023 08:27 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |