بقلم : يوسف رجا الرفاعي
من هناك من قلب اوروبا حيث وُلِدَت اجمل رواية لطيَّبَ الذِكر ( الطيِّب صالح ) صاحب رواية "موسم الهجرة إلى الشمال " والتي تحولت الى إحدى اهم الروايات في القرن العشرين ، من هناك بدأت تلك الرواية وفي هذا الوقت بالذات تم نشرها ، وعلى ابواب شهر ايلول موسم الهجرات ومن هناك ايضاً وفي هذه الأيام بالذات بدأت رحلة الهجرة الى الشرق وتحديداً الى جزيرة العرب ، وجزيرة العرب لا تشبهها الجُزُر ، وبدأت الهجرة بشكلٍ ملفتٍ للنظر .

عنوان هذه الهجرة رياضيٌ خالص لا يحتاج الى تمحيص او تحليل ولا يحتاج الى دليل ،
هي هجرة جاءت على عكس انماط الهجرات التي عرفها الناس حديثا ، فهي جاءت بنمط عكسي ابتدأت بنماذج من الاسماء الاكثر سمعة والاوسع انتشاراً عبر المعمورة كلها ، وهذه الأسماء هي نماذج تحتذى للكثير جداً من الشباب والأطفال والكبار والصغار على الرغم من إختلاف وجهات النظر في هذا المجال ، فها نحن نتابع هذه الحالة الغير مسبوقة في منطقة الشرق الاوسط باكمله لعملية انتقال عمالقة اللعبة الرياضية الأوسع انتشاراً على مستوى العالم والتي يمثلها ابطالها المعروفين على مستوى العالم ايضا .

المشكلة العالمية على مستوى الدول العظمى والكبرى ودول العالم الثالث والدول الفقيرة محورها وجوهرها الاقتصاد الذي هو العمود الفقري لمنظومة الحياة بكامل أركانها السياسية والعسكرية والثقافية والاجتماعية ، وهي التي تفرض على الناس رتم الحياة ونمطها وتفرض عليهم طبيعة علاقاتهم من حيث متانتها او تفككها او فقدان الكثير جداً من اواصر المحبة والتواصل إن على المستوى القريب من حيث روابط الدم او الصداقات والعلاقات الاجتماعية لعموم فئات وشرائح المجتمع كما نراه اليوم .

عندما نعلم ان حركة يد قام بها لاعبٌ عندما ازاح زجاجةً لأحد اهم المنتجات العالمية للمشروبات الغازية من امامه ووضعها جانباً بعيداً عن عدسات الكاميرات العالميه التي كانت تبث ذلك اللقاء ، عندما نعلم ان تلك الحركة قد تسببت بخسائر الشركة العملاقة المنتجة لذلك المشروب الغازي زادت عن ٤ مليار دولار من قيمتها السوقيه وذلك حسبما اعلنته شبكة ESPN والتي تُعتبَر في صدارة شبكات الإعلام الرياضي العالمي ، عندما نعلم هذا فإن للحديث وجه آخر ومعنى يحمل ابعاداً ذات آثار بالغه على الاقتصاد المتعلق والمرتبط باللاعب والدولة التي ينتمي اليها النادي وان الامر أبلغ بكثير من وصف الحالة بانها مجرد لعبه .

هذه الهجرة قد مهدت الطريق وفتحت الابواب امام مختلف المهن وكثير من أدوات ومكونات صناعية وتجارية ستتبع هذه الهجرة عاجلاً ام آجلاً ، وهي محركات اقتصادية قويه بلا شك ، ولن تستعصي مهنة مهما كان طبيعتها على هذه الهجرة التي بدأت بزخم وعنف تنبه لها مرحلياً وآنياً اصحاب اليد الطولى وعمالقة التدريب الرياضي في اوربا ورأوا ان هذا سيكون له الاثر السلبي البالغ على الرياضة في عموم اوروبا ، وعندما نعلم ان هذه الرياضة يمثلها اندية عملاقة كلها ذات إمكانيات ماليه هائلة لا ابالغ ان قلت ان امكانياتها الماليه قريبة من إمكانيات دول كثيرة فقيره ، وعندما نعلم ان صناديق استثمارية سيادية لها تأثير بالغ في الاقتصاد على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي تدخل وبقوه على هذا الخط فإن الامر ابعد بكثير مِن أن الموضوع مجرد لعبه .

لن تكون الآثار المدمرة للحرب الروسية الاوكرانية مقتصرة على روسيا واوكرانيا كما يعرف ذلك القاصي والداني ، وما هذا الذي نراه اليوم من ظاهرة رياضية غير مسبوقه تحمل في طياتها ابعاداً على مختلف الصُعد ما هي الا بداية ستلحقها تباعاً مظاهر أُخرى تؤسِّسُ لمرحلة تاريخية قد تُعيد الاُمور الى سيرتها الاولى في حركة سفن وقوارب وطائرات منطلقة بمن فيها مِن" عموم الغرب" نحو الشرق وإن كان هذا الامر يوصف من وجهة نظر الكثيرين بالمستحيل .
يوسف رجا الرفاعي