24-08-2023 08:42 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
تعتبر العملية التشريعية هي الركن الأساسي في أي نظام ديمقراطي، وذلك لما تفرزه من تشريعات وضعية تختلف في تراتبيتها وفق سلم الهرم التشريعي، الذي يعلوه الدستور ثم القانون العادي فالأنظمة والتعليمات. كما تنبع أهمية هذه الوظيفة الدستورية من أنها تعبر عن تشاركية بين السلطات الثلاثة في الدولة؛ فالسلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء تقترح مشاريع القوانين وتحيلها إلى السلطة التشريعية لمناقشتها وإقرارها، ليأتي فيما بعد دور السلطة القضائية التي تقوم بتطبيق هذه التشريعات على المنازعات المعروضة أمامها.
وعادة ما يتم تسليط الضوء على مراحل العملية التشريعية في مشروعات القوانين الهامة والمثيرة للجدل، كتلك التي جرى إقرارها خلال الدورة الاستثنائية الحالية لمجلس الأمة.
إن هذا الواقع يدعونا إلى التأمل في واقع العملية التشريعية في الأردن من حيث إجراءاتها ومراحلها المختلفة، كما هي واردة في التشريعات الوطنية ذات الصلة كالدستور والأنظمة الداخلية لمجلسي الأعيان والنواب.
وفي هذا السياق، نجد بأن العملية التشريعية قد جرى تنظيمها بنصوص قانونية متوافقة مع أحكام الدستور وذلك بدءا من مرحلة صياغته وإعداده، حيث تنص المادة (11) من نظام ديوان التشريع والرأي رقم (1) لسنة 1993 وتعديلاته على أن يقوم الديوان بنشر مشروع القانون الذي يحال إليه من رئيس الوزراء على موقعه الالكتروني لمدة لا تقل عن عشرة أيام، وذلك لتمكين المواطنين والمختصين من الاطلاع عليه وإبداء ملاحظاتهم حوله، على أن يستثنى من هذا الحكم المشروعات التي يقرر رئيس الوزراء إعطاءها صفة الاستعجال.
كما تظهر صفة الاستعجال كاستثناء واضح وصريح على مجريات العملية التشريعية في الأنظمة الداخلية لمجلسي الأعيان والنواب، حيث تعتبر هذه الصفة مبررا للخروج عن القواعد العامة في التشريع. فالمادة (76) من النظام الداخلي لمجلس النواب تنص على ألا يوضع أي مشروع قانون قيد البحث والمذاكرة في المجلس ما لم تكن نسخة من المشروع والأسباب الموجبة لوضعه قد وزعت على كل عضو قبل ثمان وأربعين ساعة على الأقل من البدء بالمذاكرة فيه، إلا إذا كانت هناك أسباب اضطرارية تستدعي النظر فيه بصفة الاستعجال.
كما يتسع نطاق «صفة الاستعجال» ليشمل التعامل مع تقارير اللجان النيابية، حيث تنص المادة (79/1) من النظام الداخلي لمجلس النواب على أن تطبع تقارير اللجان مرفقا بها نصوص مشاريع القوانين وتعديلاتها واقتراحات اللجنة وتوزع على الأعضاء قبل البدء في مناقشتها بمدة لا تقل عن خمسة أيام، إلا إذا قرر المجلس إعطاء الموضوع صفة الاستعجال فيبحثه فورا.
إن الخروج عن القواعد العامة في التشريع بحجة الاستعجال في إقرار القانون قد يكون له ما يبرره في بعض الظروف والحالات. فمشروع القانون قد يكون ايجابيا من حيث نصوصه وأحكامه، إلا أن التعاطي التشريعي معه بطريقة استثنائية استنادا إلى «الاستعجال» في إقراره قد يؤدي إلى تبعات سلبية على التشريع نفسه وعلى الجهات الدستورية التي أعطت القانون صفة الاستعجال.
وعليه، فإن تطوير العملية التشريعية في الأردن يستلزم النظر بموضوعية إلى الحق المقرر للسلطتين التشريعية والتنفيذية في إعطاء مشروع القانون صفة الاستعجال، بحيث يتم ممارسة هذا الحق في أضيق الحدود والمناسبات، مع إلزامية تقديم ما يبرر اسقاط صفة الاستعجال على مشروع القانون.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-08-2023 08:42 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |