27-08-2023 08:15 AM
بقلم : مكرم أحمد الطراونة
تشير تقارير صحفية عالمية إلى أن المنطقة مقبلة على تغيرات عديدة، وتطورات ملحوظة في منهج التطبيع مع إسرائيل، خصوصا ما يتصل بتقدم في ملف العلاقة مع السعودية.
ما يعزز هذا الطرح ما أفاد به موقع "والاه" الإسرائيلي، مساء الجمعة، نقلاً عن أربعة مسؤولين أميركيين لم يسمهم، بأن الإدارة الأميركية أكدت لحكومة الاحتلال الأسبوع الماضي، أنه سيتوجب عليها تقديم "تنازلات كبيرة" للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، كجزء من أي اتفاقية تطبيع مستقبلية مع الرياض يتم توقيعها برعاية أميركية، وهو أمر حرصت الإدارة الأميركية على التشديد عليه لحكومة اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو الذي يريد أن يأخذ الأمور بـ"القطعة"، ولا يريد أن يربطها بمسار يفضي إلى حل شامل وعادل للفلسطينيين الذين يتم تناسيهم اليوم في ضوء الأزمات الدولية الناشئة.
في الجانب الآخر، فإن المتابع للسياسة الخارجية للسعودية الشقيقة، سيرى بوضوح أنها باتت تعتمد نهجا مغايرا اليوم، يقوم على أساس مصلحة الدولة أولا وأخيرا دون اللجوء إلى الربط بأي ملفات أخرى، ما عكس تحولا في أولوياتها وتحالفاتها، حيث رأينا التقارب مع إيران والصين وروسيا، وأخيرا انضمامها لتحالف بريكس.
إن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل سيكون نقطة تحول كبيرة، فالرياض ليست كباقي الدول الأخرى التي سبقتها في هذا المجال، وتطبيعها للعلاقات مع الاحتلال يمكن أن يفتح الباب واسعا أمام دول العالم الإسلامي جميعها للتطبيع.
هذا الأمر يشير إلى الثقل الكبير الذي تمثله الرياض، ما يعني قدرتها على تحقيق مكاسب كبيرة للقضية العربية الأساسية، وهي القضية الفلسطينية، ومسؤوليتها الأخلاقية تتطلب منها حمل هذا الملف في أي جلسات تفاوضية، ولا نعتقد أن السعودية ستذهب إلى تهميش هذا الأمر، وعدم وضعه على الطاولة أمام حكومة الاحتلال، مهما تحولت أولوياتها ومصالحها، فالأمر سيمثل حينها تفريطا في ثقلها السياسي، وجر العالم الإسلامي إلى تطبيع وسلام مجانيين.
لا ننسى، كذلك، أن الرياض هي صاحبة مبادرة السلام العربية في العام 2002، التي أطلقها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي ربطت جميع المسارات مع بعضها بعضا، وهدفت إلى إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967، وعودة اللاجئين، وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل. بالتأكيد أن هذه المبادرة تمثل إرثا سعوديا ينبغي احترامه، ولا نظن أنها ستفرط فيه، بل ستحافظ عليها، وستقاتل من أجل تحقيق مكتسبات للأشقاء الفلسطينيين.
في المقابل، لا شك أن الرياض تدرك أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة، والدور المحوري الأردني فيها، ولطالما أكدت الرياض ذلك، ولا شك أن إدراكها هذا سيجعلها حريصة على كف يد العبث الإسرائيلية فيها، في ظل حكومة للاحتلال هي الأكثر تطرفا في تاريخ الدولة الصهيونية.
السعودية اليوم، أمام فرصة كبيرة لتحقيق مكاسب حقيقية للأشقاء الفلسطينيين الذين يتم التجاوز عن حقوقهم في ظل سياسات عالمية مزدوجة للدول الكبرى، لذلك يصمّ العالم آذانه عن صرخاتهم، ويغمض عيونه عن جراحهم، بينما آلة القتل الصهيونية القائمة على الإبادة العرقية لا تذر صغيرا ولا كبيرا.
إذا كان العالم يدّعي العمى والصمم أمام المذبحة الفلسطينية المستمرة على مدار قرن، فإن الأشقاء لا يفعلون ذلك، وهم بالتأكيد سيأخذون على عاتقهم حمل رسالة الأشقاء إلى طاولة المفاوضات، ويحاولون تصحيح الموازين المختلة منذ عقود.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-08-2023 08:15 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |