30-08-2023 09:53 AM
سرايا - يشكل تراجع الدعم المقدم لخطة الاستجابة الأردنية لمواجهة أزمة اللجوء السوري ضغطا حقيقيا على الاقتصاد الأردني، خاصة وانه يأتي مع تقلص المساعدات المقدمة من برنامج الغذاء العالمي للاجئين السوريين، وفق ما يرى خبراء اقتصاديون.
وبين الخبراء في تصريحات خاصة أن أزمة اللجوء لم تعد ذات أولوية للمجتمع الدولي، الذي تغيرت أولوياته واهتمامته لصالح قضايا اخرى حول العالم خاصة الازمة الروسية والاوكرانية، إضافة إلى الازمات والحروب في افريقيا وغيرها، معتبرين ذلك تنصلا واضحا من قبل المجتمع الدولي من مسوؤلياته الانسانية.
وأكد هؤلاء أن الحلول المتاحة أمام الحكومة الأردنية لمواجهة نقص التمويل تبدو محدودة للغاية ما يستدعي من الحكومة مضاعفة التحرك عالميا لإبراز معاناة الأردن من هذه الازمة، إضافة إلى ضرورة الإلتفات لدول المنطقة ومحاولة إيجاد حل من خلالها.
وكانت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي زينة طوقان، كشفت على هامش أعمال الملتقى الحكومي "عام على التحديث" الذي عقد في البحر الميت، أن نسبة التمويل الموجه لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية بشقيها المساعدات النقدية والتنموية لم تتجاوز 9 % من الاحتياجات التي وضعتها المملكة حتى نهاية تموز (يوليو) الماضي.
ما يعني استمرار تراجع تمويل خطة الاستجابة الأردنية للتعامل مع أزمة اللجوء السوري والتي كانت قد بلغت نسبة العجز في تمويلها العام الماضي نحو 70 % من حجم الموازنة السنوية المخصصة للخطة والمقدرة بـ2.276 مليار دولار، إذ شكل العجز خلال النصف الأول من العام الماضي ما نسبته 89.7 %.
وأكدت طوقان أن أزمة اللجوء السوري تشكل تحديا كبيرا أمام المملكة، وضغوطات كبيرة على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية.
وكان قد أظهر رصد سابق أن عجز تمويل خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية منذ عام 2015 حتى نهاية العام الماضي بلغ 10.27 مليار دولار من إجمالي حجم الموازنات السنوية المخصصة لدعم اللاجئين السوريين في المملكة، بحسب بيانات لمنصة خطة الاستجابة المنشورة عبر موقع وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
وبلغت نسبة العجز في 8 سنوات حوالي 51.84 % من إجمالي حجم الموازنات السنوية المخصصة لدعم اللاجئين السوريين في الأردن والمقدرة بـ20.1 مليار دولار.
وقال الخبير الاقتصادي ووزير تطوير القطاع العام الاسبق ماهر المدادحة، إن تراجع وضعف تمويل خطة الاستجابة الاردنية لأزمة اللجوء السوري خلال الاشهر الماضية من العام الحالي، يؤكد أن أزمة اللجوء لم تعد تشكل أولوية للمجتمع الدولي، الذي تغيرت أولوياته واهتماماته لصالح قضايا أخرى حول العالم خاصة الازمة الروسية والأوكرانية، إضافة إلى الازمات في افريقيا وغيرها.
وبين المدادحة أن تقليص حجم التمويل المقدم لخطة الاستجابة سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني، الذي يواجه تحديات كبيرة فاقمتها أزمة اللجوء خلال العقد الأخير بشكل واضح، حيث تعرضت البنية التحتية والخدمية لضغوط هائلة، ما يرتب على الموازنة العامة للحكومة ضغوطا مالية إضافية، إلى جانب مفاقمة أزمة البطالة، حيث أن هناك مزاحمة واضحة من اللاجئين خاصة الذين يقطنون خارج المخيمات للأردنيين في سوق العمل.
ولفت المدادحة إلى أن الخيارات أمام الحكومة لمواجهة مشكلة عجز تمويل خطة الاستجابة تبدو محدودة للغاية، مطالبا بضرورة مضاعفة التحرك عربيا ودوليا لإبراز معاناة الأردن من هذه الأزمة المتعاظمة.
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي مفلح عقل أن تقلص حجم تمويل خطة الاستجابة يشير إلى تنصل واضح للمجتمع الدولي من مسؤلوياته الإنسانية تجاه أزمة اللجوء السوري، إضافة إلى تخليه عن وعوده التي قدمها للأردن وغيرها من الدول المستضيفة للاجئين باستقبالهم مقابل دعم هذه الدول ومساندتها.
وأكد عقل بأن تقليص المساعدات سيلحق الضرر بالاقتصاد الوطني الذي تحمل كثيرا جراء هذه الازمة خلال السنوات الماضية، رغم المشكلات المزمنة التي يعاني منها من تواضع معدلات النمو وارتفاع حجم المديونية، وزيادة معدلات البطالة، ومحدودية الموارد المائية، حيث سيترتب على الحكومة في ظل تراجع تمويل خطة الاستجابة المزيد من الإنفاق المالي لتلبية المتطلبات التي تحتاجها البنية التحتية.
وأشار عقل إلى أن التطورات الأخيرة في سورية وعودة زخم الاحتجاجات، قد يدفع كثيرا من السوريين إلى مغادرة بلدهم، إضافة إلى أنه يقلل من فرص نجاح الجهود التي بذلت مؤخرا لتشجيع اللاجئين على العودة، ما يستدعي من الحكومة الأردنية التحوط للتعامل مع أي موجة جديدة من اللاجئين.
إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة إن تراجع الدعم المقدم لخطة الاستجابة الأردنية لمواجهة أزمة اللجوء السوري من عام لآخر، وخلال الفترة الماضية من العام الحالي، يشكل ضغطا حقيقيا على الاقتصاد الأردني، خاصة وأن هذا التراجع يأتي أيضا مع تقليص المساعدات المقدمة من برنامج الغذاء العالمي للاجئين السوريين.
وأوضح مخامرة أن الاحتياجات لتعامل مع الازمة ستتضاعف على الحكومة خلال الفترة القادمة مما سيدفعها إلى المزيد من الاقتراض لتلبية هذه الاحتياجات مما سيؤثر على الاقتصاد الوطني، لافتا إلى أن الحل الذاتي من خلال الاقتراض قد يكون هو الحل الوحيد المتاح أمام الأردن في ظل محدودية الحلول وتخلف المجتمع الدولي عن وعوده.