02-09-2023 10:39 AM
بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
لا تبدو الأرقام المعلنة في الأردن عن عدد الجمعيات، ووصولها إلى حوالي سبع آلاف جمعية، موزعة في مرجعياتها على حوالي اربع عشرة وزارة مبشرّة بالخير، خاصة أنّ معظمها يتبع إلى وزارات التنمية الاجتماعية والثقافة والأوقاف.
عدد الجمعيات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة تضاعف عدة أضعاف في السنوات الأخيرة، حتى وصلت إلى ما يتجاوز حاجز السبعمائة جمعية، موزعة ما بين منتدى وملتقى ورابطة واتحاد وبيت وأسرة، ينص النظام الداخلي لسوادها الأعظم على رعاية الثقافة والمثقفين والمبدعين، والارتقاء بالشأن الثقافي والموهوبين، لكن ما يغلب على سوادها الأعظم أيضا، أنّها تقتصر في نشاطاتها على إقامة بعض الفعاليات (أمسية شعرية، قصصية، ندوة، محاضرة)، وتكاد وجوه حاضري هذه الفعاليات (المحدودة والتي لا تتجاوز بضع عشرات من الناس) تتكرر في جمعية، وفي كل فعالية.
تعتمد الجمعيات لضمان استمرارية وجودها على الدعم الحكومي للجمعيات، حتى وصل الأمر ببعضها إلى إقامة بعض الفعاليات الشكلية، فقط لضمان استمرار الدعم الحكومي، مما أفقدها مبرر وجودها.
وبمكاشفة صريحة، بعيدة عن المجاملات، يتضح أنّ المشكلة بدأت بتعديل قانون الجمعيات، حيث اكتفى التعديل باشتراط سبعة أشخاص فقط لتأسيس أي جمعية، بدلًا عمّا كان في السابق، وهو وجوب تقديم طلب التأسيس من خمسين شخصٍ على الأقل.
هذا التعديل جعل تأسيس الجمعيات أكثر سهولة، حتى وصل الأمر إلى أن تصبح بعض الجمعيات (جمعيات عائلية، أو جمعيات أصدقاء)، يقوم عليها شخص واحد هو رئيسها (الأبدي) ولا تتجاوز هيأتها العامة في أحسن الأحوال خمسة عشر شخصًا، بدل أن تكون إدارتها مؤسسية، وهيأتها العامة بالمئات.
تفتقد أكثرية جمعيات (العائلة والأصدقاء) إلى وجود مقرات لها (سواء بطريق التملك أو الإيجار)، وتعتمد في وجودها على الدعم الحكومي أو الرعايات الفردية لرجال الأعمال والموسرين، أو في أحسن الأحوال على برامج وزارة الثقافة ومدنها وألويتها الثقافية، وبحكم الطابع الشخصي لهذه الجمعيات فإنّ العلاقات الشخصية للقائمين عليها تتأثر سلبيًا وإيجابيًا بعلاقاتهم مع بعضهم البعض، ولا تخفى فوضى الفعاليات، واشتباكها زمنيًا وفي ذات التوقيت على أحد.
هذه الفوضى في المشهد الثقافي الأردني لا حلّ لها إلّا بتدخل حكومي، يضمن استمرارية الجمعيات النشطة الفاعلة والمؤثرة في الساحة الثقافية، وشطب الخاملة منها، مع ضرورة تدخل مجلس النواب لتعديل قانون الجمعيات، بحيث لا تقل الهيئة العامة لأية جمعية عن خمسين عضوًا، ومنح مهلة زمنية لهذه الجمعيات مدتها ستة أشهر لتصويب أوضاعها وفق هذا المطلب.
التعديلات التشريعية والتدخل الحكومي مطلوبان لضبط إيقاع هذه الجمعيات، حمايةً للأمن الثقافي الوطني، وضمانةً لجودة المنتَج الثقافي ومخرجاته، وبغير ذلك، ستبقى الفوضى سيدة المشهد، ويستمر التدهور في الازدياد.
أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-09-2023 10:39 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |