02-09-2023 02:58 PM
بقلم : د. أجمل طويقات
تعدُّ البيئة المدرسية عاملا مهما من العوامل المؤثرة في نجاح المسيرة التعليمية للطلبة؛ فالبيئة المدرسية المحفزة والآمنة تدعم عملية التعلم، وتحسّن جودة المخرجات التعليمية؛ لذا حرص جلالة الملك عبد الله الثاني على تشجيع بث الثقافة الصحيّة، والتزام أنماط سلوكية قويمة لدى طلاب المدارس، فجاء توجيه جلالته لإطلاق مبادرة" لمدرستي أنتمي".
يمنح شعور الانتماء لدى الطلاب في المجتمع المدرسي إحساسًا بالأمان والهوية، مما يدعم بدوره التطور الأكاديمي والنفسي والاجتماعي لدى الطالب. إنّ المراهقين الذين يشعرون بأنهم جزء من المجتمع المدرسي يقدّمون أداء أكاديميًّا أفضل، وهم الأكثر حماسة داخل المدرسة.
إن الطالب الذي يتمتع بإحساسٍ عالٍ بالانتماء للمدرسة، يثّمن التعلم، ويمكّنه هذا الإحساس من إدراك قيمة ما يتعلمه وأهميته، ما يجعله شريكًا في البيئة التعلميّة لا مجرد وافد إليها. وعندما يشعر الطلبة بالارتباط بالمدرسة فإنهم يكونوا أقل عرضة للانخراط في السلوكيات المحفوفة بالمخاطر والمعادية للمجتمع. كما إنّ الطلاب الذين لديهم روابط اجتماعية قوية هم الأقل عرضة للتسرب من التعليم.
إن الوصول إلى فهم حقيقي للانتماء يتطلب عملاً دؤوباً، وإحساساً عالياً بالمسؤولية تشترك فيه الأسرة، والمدرسة بكلّ مكوناتها البشرية، ومؤسسات المجتمع المدني، كما يحملُ العِبْء فيه كل هؤلاء على حدّ سواء.
تأتي مبادرة "لمدرستي أنتمي" في هذا السياق؛ فهي تهدف إلى إيجاد بيئة مدرسيّةٍ نظيفةٍ، وصحيةٍ، وآمنةٍ، وجاذبةٍ، تعزّز السلوكيات الإيجابيةَ، وتتخلص من السلوكيات السّلبيّة، وتنمي روح التعاون والمسؤولية الجماعية بين المجتمع المدرسيّ والمجتمع المحليّ وأولياء الأمور؛ ممّا يساهم في تعزيز دور المدرسة في التربية والتعليم لتصبح -كما هو مأمول منها-منارةً فكريةً وحضاريةً صالحةً لغرس القيم الإيجابية، ومنطلقاً للمواطن الصالح.
تعزز هذه المبادرة روح التعاون والمشاركة والتطوع داخل المجتمع، كما تعزّز المسؤولية الجماعية، وروح الابتكار، وتسعى إلى تحقيق أعلى مستويات الانضباط المدرسي، والمحافظة على الممتلكات العامة، وتؤكد أهمية أولياء الأمور في إنجاح الأنشطة والمبادرات، كما ترفع وعي الطلبة بأهمية تبني السلوكيات الصحية على المستوى الشخصيّ والبيئيّ.
ويتوقع من الطلبة -في هذه المبادرة-أن يتم تحديد عناصر البيئة المدرسية الداعمة لهم، وتنفيذ مبادرات يقودها الطلبة أنفسُهم، وغير ذلك من الإيجابيات التي تحقق مفهومًا صحيحًا للوطنية مبنيًّا على الإنجاز، والعمل، وتحقيق النفع للأفراد، والمجتمع من خلال جيل واعٍ، ومبادرٍ يضع نصب عينيه الانتماء في بيئة المدرسة، ويشعر بالقبول، والتقدير، والاندماج، والتشجيع من قِبل الآخرين، ويدرك بأنه جزء مهم في أنشطة المدرسة.
وتأتي مبادة لمدرستي أنتمي في إطار عمل ثابت وموحّد يمكن تطبيقه على كل المدارس، ووضعت الوزارة استراتيجيات محددة لتنفيذها في كل المدارس الحكوميّة.
وتعّد مجموعات الأقران مهمة داخل المدرسة، حيث يؤثر الأقران ببعضهم البعض على المستويين الأكاديمي والشخصي. فالشعور بالانتماء للمدرسة داخل نفوس الطلاب من عدمه يُعّد أمرًا معديا. فالمدارس التي لديها طلاب يشعرون بالانتماء لها، تخلق ثقافة مدرسية يكون فيها الانتماء للمدرسة هو القاعدة التي تعمل وفقها خطط المدرسة وأنشطتها وقيَمها؛ لذلك تحتاج المدارس إلى قادة داعمين وملهمين يمكنهم توصيل قيمة الانتماء للمدرسة وأهميته للطلاب، وتكون لديهم سياسات داعمة وممارسات معززة لشعور الانتماء للآخرين؛ ولذلك حرصت وزارة التربية والتعليم على أن يتم البدء بهذه المبادرة مع بداية العام الدراسي 2023/2024.
وكلما كان المعلمون على دراية بكل طالب، فإنهم أكثر استعدادًا لاكتشاف المشاكل، وملاحظة السلوكيات التي تتطلب التدخل بوصف المعلم رائدًا في مجتمعه قدوة لطلابه.
تلعب الأسرة دورًا حيويًّا وهامًّا في المجتمع المدرسي؛ إذ أن تصوّراتها عن التعليم والمعلمين والمدرسة لها تأثير كبير على مواقف أبنائهم، وآرائهم، واتجاهاتهم نحو المدرسة والتعليم. ومن هنا فإن نجاح هذه المبادرة يحتاج إلى وعي الأسرة ومساندتها في تحقيق أهدافها الخيرة.
وتعدّ وسائل الإعلام المختلفة، أحد أهم العوامل المؤثرة في تكوين ثقافة المجتمع وأفراده، وفي بناء الوعي الفردي والجمعي داخل المجتمعات، وظهور ما يُسمى بـالاتصال الجماهيري؛ ولذلك تعوّل وزارة التربية والتعليم على الإعلام الهادف في دعم هذه المبادرة الخيّرة، وتبنيّها.
د أجمل الطويقات
مديرادارة النشاطات التربوية في وزارة التربية والتعليم
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-09-2023 02:58 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |