حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1720

استخدام الذكاء الاصطناعي لارتكاب جرائم ذوي الياقات البيضاء

استخدام الذكاء الاصطناعي لارتكاب جرائم ذوي الياقات البيضاء

استخدام الذكاء الاصطناعي لارتكاب جرائم ذوي الياقات البيضاء

06-09-2023 11:40 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. حمزه العكاليك
لقد برز الذكاء الاصطناعي (AI) كتقنية تحويلية لديها القدرة على إحداث ثورة في مختلف جوانب حياتنا. ففي حين أن الذكاء الاصطناعي يقدم فوائد عديدة، فمن الضروري النظر نقديا لدوره المحتمل في تسهيل جرائم الياقات البيضاء.


شهدت جرائم ذوي الياقات البيضاء، المرتبطة تقليديًا بالجرائم غير العنيفة التي يرتكبها أفراد ذوي قدرات علمية وتحليلية ووظيفية غير متاحة او ممارسة من عامة الناس، تحولًا كبيرًا مع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناع حيث تشمل جرائم الياقات البيضاء مجموعة واسعة من الأنشطة الاحتيالية التي يرتكبها الأفراد أو المنظمات لتحقيق مكاسب مالية . ومع التقدم التكنولوجي، وخاصة الذكاء الاصطناعي، وجد المحتالون طرقًا جديدة لاستغلال نقاط الضعف وارتكاب جرائم معقدة. فلقد أثر الذكاء الاصطناعي على مشهد جرائم الياقات البيضاء، إيجابًا وسلبًا .وبالنظر الى ما أحدثته تقنيات الذكاء الاصطناعي من ثورة في أنظمة الكشف عن الاحتيال من خلال تمكين المراقبة والتحليل في وقت سريع لكميات هائلة من البيانات. فيمكن لخوارزميات التعلم الآلي تحديد الأنماط التي تشير إلى السلوك الاحتيالي، وبالتالي تعزيز جهود الكشف المبكر والوقاية.


استخدمت العديد من السلطات أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لاستخدامها في مكافحة الجرائم المالية مثل غسيل الأموال والتداول الداخلي للاسهم وسرقة الهوية. وتعتمد خوارزميات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على كميات هائلة من البيانات لعمليات التدريب وصنع القرار. وقد يستغل المجرمون نقاط الضعف الموجودة في هذه الخوارزميات للتلاعب بإدخال البيانات أو تعريض ضمانات الخصوصية للخطر. حيث يمكن أن تؤدي مثل هذه التلاعبات إلى إعداد تقارير مالية احتيالية، أو سرقة الهوية، أو الوصول غير المصرح به إلى المعلومات الحساسة. وبالإضافة إلى ذلك، ارتبط ارتفاع عدد ونسبة الجرائم الإلكترونية ارتباطًا وثيقًا بالتقدم في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. حيث يستفيد المجرمون من خوارزميات الذكاء الاصطناعي لأتمتة الهجمات، أو تطوير تقنيات التصيد الاحتيالي المتطورة، أو استغلال نقاط الضعف في أنظمة الكمبيوتر. فالمحتالون يستخدمون الذكاء الاصطناعي في أنشطة الجرائم الإلكترونية مثل هجمات برامج الفدية وعمليات الاحتيال المتعلقة بالهندسة الاجتماعية وانتهاكات البيانات.


وتتمتع تقنيات الذكاء الاصطناعي بالقدرة على تضخيم أنشطة المجرمين الإلكترونيين من خلال تمكيّن هجمات أكثر تعقيدًا مثل التصيد الاحتيالي أو عمليات الاحتيال العميق (باستخدام الانرنت العميقة) أو تقنيات الهندسة الاجتماعية المتقدمة. فالمجرمين يمكنهم الاستفادة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي لإنشاء رسائل بريد إلكتروني تصيدية واقعية أو إنشاء هويات مزيفة مقنعة يصعب على التدابير الأمنية التقليدية اكتشافها، على سبيل المثال، قبل أسبوعين، استخدم رجل الذكاء الاصطناعي لتقليد صوت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أجل خداع شركات مختارة ومسؤولين حكوميين رفيعي المستوى، حيث استخدم المحتال برامج الذكاء الاصطناعي لمحاكاة صوت الرئيس أردوغان واتصل برجال الأعمال من أكثر من 10 هواتف محمولة لمواطنين أجانب. .


علاوة على ذلك، في حين يقدم الذكاء الاصطناعي حلولا واعدة لمكافحة الجرائم الإدارية، فإنه يثير أيضا مخاوف أخلاقية يجب معالجتها. فيمكن أن يؤدي سوء الاستخدام أو التحيز المحتمل داخل أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى اتهامات كاذبة أو إدانات خاطئة. فأحد المجالات التي قد يسهل فيها الذكاء الاصطناعي جرائم ذوي الياقات البيضاء هو من خلال الأتمتة. فيمكن للأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أتمتة المهام المختلفة المرتبطة بالمعاملات المالية وتحليل البيانات وعمليات صنع القرار. ومع ذلك، يمكن أيضًا للمجرمين التلاعب بهذه الأتمتة لتنفيذ أنشطة احتيالية بشكل أكثر كفاءة وعلى نطاق أوسع.


يفرض التطور السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تحديات كبيرة على الأطر القانونية والهيئات التنظيمية. حيث ستواجه الأطر القانونية الحالية صعوبة في مواكبة الطبيعة المتطورة لجرائم ذوي الياقات البيضاء التي يحركها الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعقيد أنظمة الذكاء الاصطناعي يجعل من الصعب إسناد المسؤولية ومحاسبة الأفراد على أفعالهم. فهناك أنواع مختلفة من الصعوبات في تكييف القوانين الحالية لمعالجة الجرائم الإدارية التي يحركها الذكاء الاصطناعي بشكل مناسب. كما يوضح ضرورة التعاون الدولي لوضع أنظمة شاملة تواكب التقدم التكنولوجي. إن فهم الاتجاهات الناشئة في جرائم الياقات البيضاء التي يسهلها الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تكنولوجيا التزييف العميق، والتلاعب في التداول الخوارزمي، وهجمات التصيد التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، أمر بالغ الأهمية لتطوير تدابير مضادة فعالة والبقاء في الصدارة قبل المجرمين. كما إن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في عمليات صنع القرار في القطاع المالي والاداري، مثل التصنيف الائتماني أو ممارسات التوظيف، يمكن أن يؤدي إلى ايجاد نوع من التحيزات والتمييز. وقد يستغل المجرمون ذوو الياقات البيضاء هذه التحيزات للحصول على مزايا غير عادلة، مثل تأمين القروض أو فرص العمل بناءً على مدخلات البيانات التي تم التلاعب بها. من ناحية أخرى، لمكافحة الطبيعة المتطورة لجرائم ذوي الياقات البيضاء، يجب على الحكومة أن تسن استراتيجيات للتخفيف من الجرائم الناجمة عن الذكاء الاصطناعي.


وعلى الرغم من الكم الهائل من الانتقادات التي تلقاها قانون الجرائم الالكترونية الا انه عالج انواع مستحدثة من الجرائم الالكترونية حيث نصّ قانون الجرائم الإلكترونية الأردني رقم 27 لعام 2015 على جرائم ذوي الياقات البيضاء باكثر من مادة فمثلاً تجرم المادة 3 الوصول غير المصرح به إلى المعلومات الحاسوبية المحمية بموجب القانون دون سلطة قانونية. حيث يمكن استخدام هذا الحكم لمقاضاة مجموعة واسعة من الجرائم الالكترونية، مثل القرصنة وسرقة البيانات وسرقة الهوية. كما تجرم المادة 6 الوصول غير المصرح به، من خلال أنظمة المعلومات إلى معلومات بطاقة الائتمان، أو المستندات المتعلقة بالسجلات المالية والمصرفية الإلكترونية.حيث يستهدف هذا الحكم على وجه التحديد الاحتيال المالي، وهو شكل رئيسي من أشكال الجرائم الإدارية. وتجرم المادة 10 استخدام تكنولوجيا المعلومات في ارتكاب جرائم الاحتيال أو التزوير أو غيرها من الجرائم. هذا الحكم هو حكم شامل يمكن استخدامه لمقاضاة أي جريمة إدارية يتم ارتكابها باستخدام جهاز كمبيوتر أو أي جهاز إلكتروني آخر.


وبشكل عام، تعتبر خسائر الائتمان المتوقعة خطوة مهمة إلى الأمام في جهود الأردن لمكافحة الجرائم الإلكترونية. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من العمل لضمان تنفيذ القانون وإنفاذه بشكل فعال. وفيما يلي بعض الأمثلة المحددة لكيفية استخدام قانون الجرائم الإلكترونية الأردني لمقاضاة جرائم ذوي الياقات البيضاء: ففي عام 2018، حُكم على رجل بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة اختراق نظام كمبيوتر أحد البنوك وسرقة بيانات العملاء. وفي عام 2019، تم القبض على مجموعة من الأشخاص لاستخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي للاحتيال على الناس للحصول على أموال. وفي عام 2020، تم تغريم شركة بسبب قيامها بجمع وتخزين بيانات العملاء بشكل غير قانوني. ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن القانون لا يزال جديدًا نسبيًا، ولا يزال قيد تفسيره وتطبيقه من قبل المحاكم. ونتيجة لذلك، فمن الممكن أن يتم تعديل القانون أو توضيحه بشكل أكبر في المستقبل.


يعد التعاون بين دوائر انفاذ القانون ومنظمات القطاع الخاص والأوساط الأكاديمية أمرًا ضروريًا لتطوير آليات دفاع قوية ضد التهديدات الناشئة عن استخدام تطبيقات التكنولوجيا الحديثة. فلا يمكن إنكار تأثير الذكاء الاصطناعي على جرائم ذوي الياقات البيضاء، فعلى الرغم من التقدم الإيجابي في اكتشاف الاحتيال والآثار السلبية في أنشطة الجرائم الإلكترونية. الا ان استمرار التكنولوجيا في التطور بسرعة، يوجب على صناع السياسات أن يتعاملوا بشكل استباقي مع المخاوف الأخلاقية والتحديات التنظيمية المرتبطة بجرائم ذوي الياقات البيضاء التي يقودها الذكاء الاصطناعي. فمن خلال تعزيز التعاون وتنفيذ السياسات والاليات المناسبة، يستطيع المجتمع تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي لتقليل إساءة استخدامه لأغراض إجرامية. ففي حين يحمل الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة لإحداث تأثير مجتمعي إيجابي، الا انه من الضروري الاعتراف بدوره المحتمل في تسهيل جرائم ذوي الياقات البيضاء. وتتطلب الاعتبارات الأخلاقية والآثار المجتمعية المرتبطة بإساءة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأنشطة الإجرامية التطوير والتنظيم والمراقبة المستمرة المسؤولة والضرورية لتسخير فوائد الذكاء الاصطناعي مع تقليل عواقبه السلبية المحتملة على السلامة المالية للمجتمع وأمنه.








طباعة
  • المشاهدات: 1720
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
06-09-2023 11:40 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم