09-09-2023 08:20 AM
سرايا - السيارات التي تعمل بتكنولوجيا القيادة الذاتية تنطلق من دون ممارسات سائقي المركبات من البشر، مثل الضغط بشدة على دواسة الوقود أو الإفراط في تحريك عجلة القيادة ، فهل تكون القيادة الذاتية الحل لجميع مشاكلنا على الطريق في المستقبل .
فالخوارزميات أو القيادة الرقمية ( اذا جاز التعبير ) لا يمكن أن تثمل أو تشعر بالنعاس أو يشت انتباهها. وتلك هي الأسباب الرئيسية للوفيات على الطرق، حيث أنها مسؤولة إلى حد كبير عن مقتل 1.3 مليون شخص في حوادث طرق كل عام.
مزايا القيادة الذاتية
القيادة الذاتية أيضا ليست عرضة للغضب الذي ينتاب السائقين، أو تناول الطعام أثناء القيادة، أو العبث بأنظمة التسلية والترفيه أثناء القيادة. ويمكن أن تتحرك بشكل أسرع، وبأمان أكبر عبر الطرق، وهو ما يقلل من الازدحام.
سيارات القيادة الذاتية ورهان المستقبل
والأنظمة التي تعتمد على أجهزة الكمبيوتر أفضل من نظيراتها البشرية في اختيار الطرق التي توفر أكثر كفاءة في استهلاك الوقود، بالإضافة إلى أنها تسرع وتتوقف بطريقة أكثر سلاسة. هذه الممارسات الصديقة للبيئة مجتمعة توفر الوقود، وهو ما يقلل في نهاية المطاف من انبعاثات العادم.
المشاكل البيئية للقيادة الذاتية
كل هذا يبدو رائعا. ففي نهاية المطاف، تسهم السيارات والشاحنات والحافلات حاليا بنحو 30 في المئة من الاحتباس الحراري المرتبط بالتلوث في الولايات المتحدة. كما أن السيارات تعد مصدرا رئيسيا لتلوث الهواء في شتى مدن العالم.
القيادة الذاتية والعوامل البيئية
من السهل أن ندرك لماذا يرى البعض الدقة والقدرة على التنبؤ التي الناتجة عن تسليم عملية التحكم في المركبات إلى الخوارزميات أو القيادة الذاتية كحل، ليس فقط لقضايا السلامة، ولكن لمشاكل بيئية يواجهها النقل البري أيضا. ولكن إدراك هذا الواقع يعني التغلب على العديد من التحديات. في ما يلي ثلاثة منها.
1- الطاقة
ربما كان من غير البديهي ما توصلت إليه دراسة في جامعة ميشيغان في عام 2018 من أن التحول نحو القيادة الذاتية يمكن أن يزيد (بدلاً من أن يقلل) حاجة السيارة للطاقة. إن التعطش المتزايد للطاقة يأتي، جزئيا، من جميع ما تحتاجه القيادة الذاتية للسيارات من المعدات والأجهزة الإضافية. فلكي تتنقل هذه السيارات في طريقها في عالمنا الفوضوي والمعقد، فهي تعج بكاميرات متقدمة وأشعة ليزر وأجهزة استشعار أخرى.
الحوسبة الفائية بسيارات القيادة الذاتية
وعلى الرغم من أن هذه التكنولوجيا تساعد في الحفاظ على سلامة الركاب، فإنها تعني أيضا زيادة الوزن، وهو ما يزيد من كمية الطاقة اللازمة لتحريك وتسيير السيارة. كما أن إضافة الأجهزة إلى الأجزاء الخارجية من السيارة (بدلا من صبها وقولبتها داخل جسم السيارة) يعني أنها تمخر الهواء بكفاءة أقل.
القدرة الحسابية تعد مشكلة ذات صلة ، فمركبات القيادة الذاتية الحديثة ترصد كل شيء من درجة حرارة الزيت إلى توقيت المحرك وعمل المكابح. وهذا ينطوي على تنقل مستمر لكميات ضخمة من البيانات كل ساعة. ومن المتوقع أن تكون كمية البيانات أكبر كثيرا في السيارات ذاتية القيادة.ما هو السبب؟ كل هذه المجسات الإضافية تنتج كميات أكبر بكثير من البيانات، والتي يجب أن تقوم خوارزميات القيادة الذاتية بتمشيطها والتأليف بينها والعمل عليها.
2 – أعباء الحوسبة الفائقة لسيارات القيادة الذاتية
تسلا وتحديثات مستمرة مع القيادة الذاتية
كما ينبغي أن تفعل المجسات ذلك بسرعة وبطريقة صحيحة ، وهذا يتطلب قوة حوسبة فائقة. ولكن لا أحد يستطيع تخمين كم هذه القوة. ولم تتحدث الشركات المنتجة سوى عن القليل بشأن مقدار الطاقة الإضافية التي تحتاجها مركبات القيادة الذاتية لكي تقوم بكل هذه المهام الحسابية. كما أنها لم تشارك أحدا بشكل قاطع بالمعلومات عن الكيفية التي يخططون لتلبية هذه الحاجة بها.
3 – مشكلة الوزن الزائد لسيارات القيادة الذاتية
رولز سبيكتر الكهربائية
هناك حل واحد، هو تجهيز السيارات ببطاريات أكبر. ولكن هذا يضيف وزنا، وهو ما يقلل من الكفاءة. التحول من محرك يعمل بالوقود إلى محرك يعمل بالكهرباء هو حل آخر. وهذا الأخير أكثر كفاءة بكثير في توجيه الطاقة المخزنة لتحريك العجلات. بيد أن بعض المعادن الخام المستخدمة في السيارات الكهربائية تأتي من جمهورية الكونغو الديمقراطية، البلد الذي عانى طويلا من مزاعم متعلقة بعمالة الأطفال. وعلى الرغم من إمكانية استخراج المعادن من البحر، فإن ذلك يطرح تحديات سياسية، حيث تتنازع الدول منذ فترة طويلة حول حقوق التعدين في قاع البحر.
4 – مشكلة سعر سيارات القيادة الذاتية
سيارات الأجرة ذاتية القيادة
شأن العديد من التكنولوجيا الحديثةالأخرى، قد تكون القدرة على تحمل التكاليف واحدة من أكبر العقبات التي تقف في طريق سيارات القيادة الذاتية . ربما تكون هذه المركبات جيدة لكوكب الأرض ولكن انتشارها لن يكون سهلا إن لم يكن السعر مناسبا.
وتظهر الأبحاث أنه عندما يتعلق الأمر ببيع السيارات، فإن التكلفة هي العامل الحاسم. هذا هو أحد الأسباب الرئيسية في أن السيارات الكهربائية خاصة سيارات القيادة الذاتية منها – على الرغم من كونها أكثر ملاءمة للبيئة – تظل أقل شعبية مقارنة بنظيراتها التي تعمل بالوقود. ومازالت الصورة غير واضحة حقا عن التكلفة الكاملة لسيارات القيادة الذاتية ، ولكن هناك أمر واحد مؤكد: أنها لن تكون رخيصة.
5 – التكلفة الباهظة لتقنيات القيادة الذاتية
تشير التقديرات الحالية إلى أن تكلفة تكنولوجيا القيادة الذاتية، باستثناء السيارة نفسها، تتراوح بين 70 ألف دولار و150 ألف دولار. وهذا يعادل بالفعل ما بين ثلاثة وأربعة أمثال متوسط سعر سيارة جديدة في الولايات المتحدة.
ومن المسلم به أن الأسعار سوف تنخفض. وقد أعلنت شركة الهندسة الألمانية “روبرت بوش” مؤخرا عن خطط لتطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية “بأسعار معقولة لسوق ضخمة”. ولكن الكيفية التي سيتحقق بها ذلك، تظل أمرا غير واضح.
سيارات أوبر الأجرة ذاتية القيادة
فأجهزة الاستشعار الذاتية وحدها تكلف حاليا ما يزيد على 10 آلاف دولار. وهذا الرقم لابد أن ينخفض ـ وفقا لخبراء صناعة السيارات ـ إلى أقل من 200 دولار لكي تكون تكنولوجيا القيادة الذاتية قابلة للتطبيق تجاريا.
لذا فإن سيارات القيادة الذاتية ليست مهيأة، قريبا على الأقل، ليمتلكها الأفراد. وبدلا من هذا يمكن أن نتوقع أساطيل من سيارات الأجرة ذاتية القيادة التي يُطلق عليها روبوكاب ” robocabs”. وفكرة الروبوكاب لها فائدة بيئية أخرى: وهي تقليل عدد السيارات المطلوبة لخدمة السكان، وهو ما يقلل في نهاية المطاف من الانبعاثات.
القيادة الذاتية وعالم سيارات الأجرة ( الروبوكاب )
إنها فكرة تنفق بعض الشركات المليارات لتنفيذها. فعلى سبيل المثال، أنفقت شركة “أوبر” العملاقة أكثر من مليار دولار على تطوير سيارات أجرة ذاتية القيادة، واختبرت التكنولوجيا في سان فرانسيسكو وبيتسبرغ.
وقد أجريت اختبارات مماثلة من قبل شركة وايمو “Waymo”، وهي شركة ناشئة لتكنولوجيا القيادة الذاتية مدعومة من شركة ألفابيت “Alphabet” التي ولدت من مشروع غوغل التجريبي للسيارات ذاتية القيادة.
إذن، كم سيكلفك استخدام روبوكاب؟ تقول بعض الدراسات إن التكلفة ستكون مجرد سنتات لكل ميل، أي أقل بكثير من تكلفة امتلاك سيارة تقليدية. وهكذا، فإن قطاعات واسعة من المجتمع سوف تتخلى تماما عن سياراتها التقليدية. وهناك دراسات أخرى أقل تفاؤلا، تشير إلى أن تكلفة استخدام الروبوكاب يمكن أن تتجاوز ضعف تكلفة امتلاك سيارة تقليدية. وهناك أمر واحد مؤكد: إذا لم يكن السعر مناسبا، فإن الحد من الانبعاثات لن يكون سهلا.
6 – التشارك
عندما يتعلق الأمر بسيارات القيادة الذاتية والبيئة، يكون القول المأثور “المشاركة اهتمام” صحيحا على نحو خاص. فقد اتضح أن الجانب الأكثر أهمية في مسألة خفض الانبعاثات لا ينطوي فقط على تفضيل الروبوكاب على السيارات الشخصية، ولكن أيضا التشارك في ركوب السيارات.
فقد وجدت دراسة أجرتها جامعة “كاليفورنيا ديفيس” أنه بدون اعتماد “التشارك في الرحلات” – وهي الممارسة التي تتلخص في ركوب المزيد من الأشخاص سيارة واحدة – فإن استخدام السيارة، وبالتالي الانبعاثات، قد يرتفع بشكل كبير بحلول عام 2050.
لماذا لم يجد التشارك قبولا مجتمعيا
فلماذا لا نتشارك إذن؟ من إحدى الزوايا، لا يتحمس الناس – بسبب مخاوف متعلقة بالسلامة والخصوصية – لمشاركة السيارات مع الغرباء. كما أن التشارك يخلق إزعاجا بإطالة الرحلات. ولهذه الأسباب، واجهت مسألة تشارك الركاب صعوبات في كسب مؤيدين، مثل ما حدث مع شركة أوبر حين وفّرت في عام 2014 خيارا لمشاركة الرحلات مع آخرين (أطلقت عليه اسم أوبربول UberPool).
حوسبة السيارات ذاتية القيادة
وتُطرح أسعار منخفضة لأولئك الذين يختارون الركوب المشترك، ولكن هذا المفهوم مازال لا يحظى بشعبية كبيرة بين الركاب، لدرجة أن شركة أوبر لجأت إلى إعادة برمجة تطبيقها “لدفع” الركاب نحو خيار التشارك مع الآخرين.والتشارك في الرحلات، على كل فوائده، هو ممارسة غالبا ما يتجنبها المستهلكون (ولهذا أسبابه المفهومة). قد تؤدي هذه الفكرة إلى خفض الانبعاثات، ولكن هذا الاحتمال غير مرجح ما لم يكن من الممكن إقناع المستهلكين بأن مميزاته تفوق عيوبه.
وبالنسبة لأولئك الذين يطورون مركبات ذاتية القيادة، قد يكون التغلب على الحواجز التكنولوجية والاقتصادية أسهل من تلك المتعلقة بالسلوك البشري.وفي حين أن أجهزة الكمبيوتر قد تجعل وجود بشر خلف عجلة القيادة أمرا لا حاجة له، فإن الكيفية التي نختار بها أن نستخدم أجهزة الكمبيوتر ستحدد في نهاية المطاف تأثير هذه التكنولوجيا.