09-09-2023 11:25 AM
بقلم : الدكتور هيثم الربابعة
مهما كانت درجة الإختلاف بين فئات الوطن يجب أن يكون الوطني محل إتفاق بين الجميع، على أن يسمو فوق مختلف صراعات السياسة والإقتصاد، وأن لا يكون أبداً ساحة للإنتقام أو تصفية للحسابات بين المؤدلجين بمصالح أو أفكار أو مواقف سياسية مضادة لفكرة الوطن للجميع.
أكتب ذلك من أجل تقدير أكثر لهذ الوطن العزيز بين أبناء هذا الجيل، وذلك من أجل وطن يفخر به الأحفاد في مستقبل الأيام، وتهاجر إليه العقول والأموال، ويرفض أن يكون الفقر والخوف مكونات رئيسية في بنيته التنموية.
عندما نرقب نمو وتطور أبناء الوطن في مراحل التعليم ندرك أنه لا يمكن أن يحدث ذلك بدون وطن آمن، فالآمال والأماني تتحقق فقط في حالة الإستقرار والإزدهار في حياة الإنسان، والإحباطات تتوالى عندما يتوقف الزمن بزوال الوطن، عندها نبدأ مرحلة التيه التي عادة تبدأ بالبحث عن قوارب النجاة في رحلة الخطر إلى البلاد المترامية.
عندما أعيد شريط الذكريات والمنجزات أرى وطني شامخاً بين الأمم، وهو ما يزيدني إصرارًا على الإيمان بضرورة الأوطان في الحياة، وأنه مسؤولية عظمى على الجميع أن يحافظ عليه، وألا نفرط بمكتسباته، إما بسبب أنانيتنا، أو صراعاتنا العبثية، أو أطماعنا وأهوائنا الشخصية، أو سوء التقدير لهذه التركة العملاقة.
لا يزال عمر الأوطان قصيرًا في الشرق العربي عند مقارنته بالغرب، فالوطن في عالم العرب لم يدخل بعد مرحلة الضرورة القصوى، ويواجه مفهوم الوطن صعوبات وأطماعا وعدم إعتراف، وهو ما يزيد من المسؤولية على النخب في المجتمع لنشر الوعي السياسي الصحيح، فثقافة المغامرات والمهاترات والمزايدات قد تؤدي إلى إنتكاسة وطنية في المستقبل، وقد تمزقه من الداخل أو من الخارج.
تعلمنا من تاريخ الأوطان أن الوطن يمرض بثقافة الإقصاء، ويحيا بروح المساواة والألفة والإصلاح، ويكون مهدداً بالزوال إذا روج أحدهم أن الوطن هو تلك الأيدولوجيا التي يتناقلها البعض في قنواتهم السرية، أو أنه هو تلك الأفكار التي إذا آمن بها أحدهم أصبح شريكاً لنا في الوطن.
تعلمنا من تجارب الآخرين أن الإقتصاد والتنمية بمثابة العمود الفقري في الجسد الوطني، وأن الحرية المسؤولة بمثابة الرئة التي تتنفس من خلالها الشعوب، وإن المكاسب ودخل الفرد ومستويات المعيشة القلب النابض بروح الوطن، وإذا ضعفت تهتز أركانه، ويكون عرضة ل الإستغلال ضعاف النفوس من أجل مآربهم الخاصة.
في كل يوم لابد أن نتذكر ما تحقق على يد المؤسس الملك عبدالله الأول طيب الله ثراه ورجاله من أبناء الوطن، ولابد من التشديد على أهمية الحفاظ عليه، بالعمل والإستمرار في تحقيق الإنجازات، وأن نكرس للأبناء رسالة فحواها أن الوطن للجميع بلا تفرقة أو عنصرية، وأنه سيكون دوماً المكان المناسب لتحقيق الأحلام لأي مواطن مهما كانت خلفيته الإجتماعية.
لابد أن نشدد على أهمية الوقوف مع القيادة، على أن نكون عوناً لهم من أجل تحقيق السلم الإجتماعي، وتكريس الأمن، وطرد الخوف من وعينا السياسي، وذلك حتى لا يولد هذا الوعي مشوهاً عند الأجيال القادمة.. أنعم الله على الوطن وقيادته وأبنائه بالخير والإستقرار.
الدكتور هيثم عبدالكريم أحمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-09-2023 11:25 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |