11-09-2023 08:44 AM
بقلم : سهير بشناق
منذ أن رحلت «أمي» وأنا أغلق هاتفي ليلاً بعد أن اعتدت على ابقائه قيد التشغيل وهي بالحياة.. كنت أصحو على رنين الهاتف فيأتي صوتها وهي تريد الاطمئنان فقط.. فأشعر بأن يومي له معنى.
وكنت أيضا.. لا أغلق الهاتف خوفاً من أن تحتاجني لأي عارض صحي ولا أكون بجانبها.
رحلت أمي وبات إغلاق الهاتف عادة يومية توقفت عندها مؤخراً لأدرك أننا ننساق نحن مع الأيام والسنوات وتجارب الحياة ورحيل من نحب إلى فقدان «الشغف».
فنشعر أن الأيام تتشابه فيما بينها لا نكاد نميزها سوى بأرقامها ينتهي يوم ويبدأ آخر ونحن نفقد شغفنا تدريجيا فلاً نعود نحيا الانتظار ولا نترقب ما بالأيام.
بالحياة نحن نحتاج لمن يملأ قلوبنا بالحياه كانتظار حب وأمل جديد وحب انسان حقيقي نشعر معه وبه أن لأيامنا معنى وأن وجوده يمنحنا القدرة على عشق العمر أكثر.
نحتاج «للشغف» كي نستمر دون رتابة أيام العمر وتكرارها كي نشعر أن اليوم لا يشبه الأمس.. وأن العام الراحل لن يشبه الآتي وذاك الاحتياج لا يتعارض مطلقا مع القناعة في نفوسنا والرضى بأننا نحيا دون معاناة.. وأن هذا بحد ذاته يمنحنا الاستقرار ولكنه لا يغير احتياجنا لشغف الأيام الذي قد ينتهي برحيل من نحب وغياب قلب صديق وغربة نحياها نشعر بها تكبر بنا يوما تلو الآخر تجاه من نحيا معهم.
ذاك الشغف الذي لم يعد يدفعنا لمراقبة عقارب الساعة مرات ومرات وانتظار يوم ما كي يأتي.
ذاك الشغف الذي غاب عنه الانتظار وبات الآخرين لنا كرواية نعلم جيداً كل فصولها وفقدنا اللهفة للوصول للفصل الأخير فقد انهيناها من الفصل الأول فقط.
قاسية الحياة التي يغيب عنها «شغفها» تحولنا لمجرد قلوب تنبض فقط وأرواح تحيا ومقاعد حزينة خالية من الانتظار وأماكن موحشة غاب عنها جزء منا وكل معنى للانتظار المحمل بحنين العمر.
في كل مساء اتفقد هاتفي جيداً وأتاكد أنه مغلق فما جدوى ابقاؤه قيد التشغيل مرة واحد فقط ومساحات شاسعة من قلبي مغلقة هي ايضاً من لحظة غياب شغف كان يأتيني بالصباح صوت أحببته حجم العمر كله وأكثر.. وغاب ومن حينها وأنا لا أمتلك الجرأة لابقائه قيد التشغيل... الحياة شغف من نحب فقط.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-09-2023 08:44 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |