11-09-2023 04:23 PM
سرايا - بين مؤيد ومعارض، تعالت أصوات تطالب الحكومة بالتراجع عن قراراتها بتثبيت التوقيت الصيفي طوال العام، خصوصًا مع اقتراب حلول فصل الشتاء بحيث تصبح ساعات الليل أطول من النهار على مدار الفصل.
واعتبر هؤلاء أن القرار الذي اتخذه الحكومة العام الماضي، لم يكن مدروسا بشكل دقيق، لا سيما وأنه تسبب بالكثير من الإرباكات ورفع الأعباء المالية على المواطنين نتيجة استهلاك المزيد من الطاقة.
جاء ذلك جراء الفارق الزمني بين دوام المدارس وموظفي القطاع العام، وخروج الطلبة إلى مدارسهم مبكرا خلال "العتمة"، ما يزيد تعرضهم للخطر، مما يخفيه الظلام.
ولم يقتصر رفض القرار على موظفي الحكومة فحسب، بل أبدى موظفون في القطاع الخاص استياءهم من العمل بالتوقيت الصيفي خلال الشتاء؛ نظرا لكونه أقل تنظيمًا وغير ملائم لطبيعة الفصل.
وبحسب مواطنين، فإنهم يواجهون صعوبات بالغة بتأمين مواصلاتهم في ساعات الصباح الباكر عند العمل بالتوقيت الصيفي في الشتاء، خصوصا من يذهب لمناطق بعيدة ونائية.
"تجربة فاشلة"
"أم البراء"، تقول إنها لم تحتمل رؤية أبنائها يخرجون في العتمة وسط أجواء تعج بالبرودة، بينما تفارقهم متجهة إلى العمل بأحد مراكز وكالة الغوث.
وتوافقها الرأي "أم سند" الموظفة في القطاع الخاص، واصفةً تجربة العام الماضي بـ"الفاشلة"، لا سيما وأنها كانت تُخرج بناتها إلى المدرسة وطفلها إلى الحضانة قبل شروق الشمس، بينما تعود من عملها في وقت متأخر من اليوم، وهو ما اعتبرته أمرا سيئا للغاية.
أما "أم رند" الموظفة في القطاع الحكومي، فتقول إنها كانت تشعر بعدم الأمان، في ضوء الدوام المبكر للصغار والفتيات المتجهات للمدارس و"الشمس مش طالعة"، ناهيك عن فارق التوقيت بين دوام الطلبة والأهالي.
وتؤكد المعلمة شذى القرعان أن التوقيت الصيفي غير آمن للطلبة، خصوصا من يقصدون مدارسهم مشيا على الأقدام، في ظل انتشار الكلاب الضالة.
وأظهرت نتائج استطلاع رأي نشره مركز الدراسات الاستراتيجية العام الماضي، أن أغلب الأردنيين 61% مع أن يكون لكل فصل توقيته كما كان معمولا به في السابق.
وبين الاستطلاع أن 25% مع إبقاء التوقيت الصيفي طوال العام، و11% مع إبقاء التوقيت الشتوي طوال العام.
"عناد حكومي"
ويتساءل عضو لجنة التعليم والشباب النيابية الدكتور فريد حداد: ماذا حصدنا من "عناد الحكومة" وإصرارها على إبقاء التوقيت الصيفي في الشتاء على الرغم من رفض الكثير من المواطنين لهذا القرار؟.
ويقول حداد، إن الناس يستطيعون العمل بظروف استثنائية أو صعبة لكن الأهم أن يكونوا مرتاحين، مؤكدا أن هذا القرار لم يكن مريحا لأولياء الأمور.
ويضيف: الحكومة لم تراجع تجربة العام الماضي ولم تقدم نتائجها ولم تفصح عن قرارها للعام الحالي، مطالبا بتحليل التجربة الأخيرة لإقرار التراجع عنها أو الاستمرار بها.
ويشدد حداد على ضرورة أن تستمع الحكومة للمواطنين وتعرف ظروفهم وتأثير تلك التجربة عليهم.
ويتابع: ما وفرناه بالطاقة ليلا استهلكناه صباحا، فالإنارة تضاء في البيوت وكذلك المدافئ قبل خروج الطلبة إلى المدارس.
ويردف النائب: لم نر دراسات حكومية عن الوفر الكهربائي جراء القرار، داعيا الحكومة إلى دراسة أوضاع المواطنين ممن يفتقرون للطعام والدفء في بيوتهم.
كما دعا الحكومة إلى التأكد من توزيع وسائل التدفئة على كل الصفوف في المدارس الحكومية.
ويشير حداد إلى طلبة يسيرون على أقدامهم مسافة تصل إلى 2 كيلو متر للوصول إلى مدارسهم وسط خطر الكلاب الضالة.
ويستذكر قصة الطالبة "نور" التي قضت فجرا خلال اعتماد التوقيت الصيفي في الشتاء قبل 10 أعوام، قائلا "لم تنفع الدموع ولم ينفع الندم".
يشار إلى أن الطالبة الجامعية "نور" قضت طعنا على يد شاب في مجمع باصات الزرقاء فجرا خلال العام 2013، حين أصرت الحكومة آنذاك على الاستمرار بالعمل بالتوقيت الصيفي في الشتاء.
ويستكمل عضو لجنة التعليم والشباب النيابية: ستكون هناك ازدحامات كثيرة في الصباح الباكر، ومع إقرار معدل قانون السير لسنة 2023 يجب أن يكون "التنظيم" شعار المرحلة.
وبررت الحكومة قرارها العام الماضي، بأنه جاء بعد دراسة مستفيضة أجرتها للوقوف على جدوى تثبيت العمل بالتوقيت الصيفي، والتي أظهرت أن استمرار العمل به يتيح الاستفادة من أطول وقت ممكن من ساعات النهار.
وأكدت الحكومة أنه من شأن القرار الحد من أوقات الدوام خلال ساعات المساء والليل، خصوصا لطلبة الفترات المسائية، وطلبة الجامعات، والموظفين في القطاعين العام والخاص الذين تقتضي طبيعة عملهم الاستمرار به حتى المساء.
"توقيت اقتصادي"
ويقول الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن الدراسات المختلفة حول العالم لم تصل لنتائج حاسمة بشأن الوفر في كلفة الطاقة الكهربائية جراء الاستمرار بالعمل بالتوقيت الصيفي طوال العام.
ويضيف عايش: الحكومة لم تصدر بيانات تتعلق بالتوفير، وإنما التبرير الحكومي خلال العام الماضي كان مرتبطا بأن التوقيت الصيفي أقرب لتوقيت دول الخليج وبلدان اقتصادية أخرى يتعامل معها الأردن.
ويتابع: ما قالته الحكومة ليس مبررا حاسما لإبقاء التوقيت الصيفي على مدار العام، كما أن موقف الحكومات الأردنية من التوقيت الشتوي والصيفي يتصل برئيس الحكومة ورأيه بهذا الأمر أكثر من اتصاله بمؤسسات الحكومة.
ويردف عايش: ذلك بمعنى أن القرار الحكومي ليس مبنيا على معايير وقواعد ودراسات تتعلق بنجاعة القرار من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وإنما التبريرات كانت ترتبط بأسباب مرحلية وليست موضوعية حقيقية.
ويرى أن الوفر سيكون قليلا إن استمرت الحكومة بالعمل بالتوقيت الصيفي خلال الشتاء، معربا عن تأييده لـ"قرار التوقيت الاقتصادي الذي يحسن المستوى المعيشي للمواطنين ويخفض كلف الطاقة المترتبة عليهم".
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن نسبة الفاقد الكهربائي السنوي تقدر بنحو 14%، معظمها يعود للسرقات، لكن الفاقد أعلى بكثير من الوفر المتحقق من التوقيت الصيفي في الشتاء.
بدورها، لم تعلن الحكومة بعد توجهها بشأن هذا القرار للعام الحالي، علما أن رئيس الحكومة عادة ما يصدر بلاغا رسميا في 23 أيلول/ سبتمبر لتأخير عقارب الساعة 60 دقيقة في حال إقرار العمل بالتوقيت الشتوي اعتباراً من الساعة الواحدة من صباح آخر يوم جمعة من شهر تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-09-2023 04:23 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |