13-09-2023 09:27 AM
بقلم : د. صلاح جرّار
في الطرف الآخر من الشارع الذي يطلُّ منزلي عليه تصطف في الليل والنهار عشرات السيارات التي يستمتع ركّابها بالإطلالة على شارع الأردنّ ويلتقطون الصور التذكارية، ويخلّفون في كلّ يوم وليلة مئات أكياس النايلون ذات الألوان المختلفة والجذابة من أبيض وأحمر وأزرق وأخضر وليلكي وغيرها من بقايا الوجبات السريعة، بالإضافة إلى حفلات الغناء والموسيقى الصاخبة التي تتناثر بعدها عبوات المشروبات الغازيّة وغير الغازية أحياناً البلاستيكية والمعدنية أيضاً ذات الألوان الزاهية المتعدّدة.
وعند حلول الصباح الباكر يأتي قطيع من الأغنام البيضاء أو السوداء يسوقها أو يقودها راعٍ لا يبالي بما تلتهمه هذه الأغنام، فينشغل هو بجمع العبوات الفارغة ليبيعها لاحقاً، بينما تنتشر أغنامه في المكان انتشار النار في الهشيم تلتهم كلّ ما في طريقها من بقايا الخبز والطعام المتناثر، ثم تقبل على أكياس النايلون تشدّها إليها روائح الطعام والمايونيز وليونة ملمسها وسهولة مضغها، فتأكلها بنهم واضح شديد.
صحيح أن راعي الأغنام ينظّف المكان من العبوات المعدنية الفارغة، وأغنامه تنظف المكان من أكياس النابليون، مما يجعلنا نحسن الظنّ بعمّال البلديّة ونعتقد واهمين أنّهم هم الذين قاموا بتنظيف المكان.
أراقب هذا المشهد بشكل يوميّ تقريباً، وذلك لخوفي من أن يغفل الراعي عن غنمه وهو يبحث عن العلب الفارغة فتسطو غنمه على النباتات المتطرفة في حديقة المنزل.
وتخطر دائماً وأنا أراقب هذا المشهد في البال تساؤلات كثيرة منها: كيف يسمح لسائقي السيّارات أن يصطفّوا أمام منازل المواطنين؟ وكيف يسمح أن يزعجوا أصحاب المنازل المجاورة بالصخب والموسيقى والغناء وخاصّة في ساعات الليل المتأخّرة- أي من منتصف الليل حتّى ساعات الفجر؟ ولماذا لا تفرض عقوبات على من يلقي الفضلات والنفايات في الشوارع ويغرّمون غرامات باهظة؟ ولماذا يسمح لرعاة الأغنام أن يطلقوا أغنامهم في الشوارع؟ ومن هو المسؤول عن تنظيف الشوارع من نفايات المواطنين وفضلاتهم؟
والأهمّ من ذلك كلّه ما أثر تناول الأغنام لأكياس النايلون على صحة الأغنام نفسها وعلى إنتاجها من الحليب واللحوم؟ وأخيراً ما هو أثر تناول لحوم الأغنام التي تأكل أكياس النايلون على صحة المواطن؟
هذه سلسلة من الأسئلة وأخرى تنبثق عنها تتداعى مراراً كلّما قرعت مسامعي أصوات الساهرين على جانب الشارع المقابل للمنزل، وكلّما وقعت عيناي على مشهد قطيع الأغنام التي تلتهم بقايا طعام السّاهرين وأكياسهم الملوّنة الزاهية المطعمّة بالمايونيز في صباح اليوم التاني.
وهذه الأسئلة أو التساؤلات قد أعرف بعض الإجابات عنها، وقد يملك القرّاء الكرام أجوبة مختلفة عنها، لكنْ يبقى في النهاية أنّ ثمّة جهات ومؤسّسات تتحمل مسؤولية متابعتها وإعطاء إجابات عنها ووضع حلولٍ للمشكلات الناجمة عنها، مثل المؤسّسات البيئية والمؤسّسات الصحيّة والمؤسّسات البلدية وغيرها. آخذة بعين الاعتبار أنّ بعض الظواهر السلبيّة كالتي وصفت لا تليق بمجتمع يسعى إلى التطوّر والسير في ركب الحضارة والتقدّم.
Salahjarrar@hotmail.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-09-2023 09:27 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |