14-09-2023 02:16 PM
بقلم : الدكتور علي الصلاحين
لم تكن الأخلاق يوما عيبا بل إنها قيمة مضافة وكبرى تشكل حياة الإنسان الصالح يعيش فيها ويبنى عليها حاضره ومستقبله،وهذه الحياة الأخلاقية لها بوابة كبيرة يدخل منها الطيبون والراغبون فى محبة الله ورضوانه، ولها دائرة لا تغلق أبدا، ومن الأخلاق الحميدة "الصدق فى الوعد".
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة مريم فى حديثه عن نبيه إسماعيل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام "وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا"، وتدلنا هذه الآية الكريمة على أن "الصدق فى الوعد" صفة عظيمة تستحق أن تذكر فى مواضع المدح، والقرآن هنا يمدح نبى الله إسماعيل، يحدثنا عن صفته الأهم والأبرز إنه صادق فى الوعد الذي يعده ويفى بما اتفق عليه مع الآخرين.
أما إسماعيل عليه السلام فكان صادق الوعد في أمر حياة أو موت، أمر يتعلق بنفسه، حين قال لأبيه: {ياأبت افعل مَا تُؤمَرُ ستجدني إِن شَآءَ الله مِنَ الصابرين}
وهذه لفته قرآنية تُعلِّمنا أن المسلم إذا استسلم لقضاء الله، ورَضِي بقدره فسوف يجني ثمار هذا الاستسلام ،فكيف يرضى من لم يحالفه الحظ بقدر الله ويستسلم حينما لم ينجح في الانتخابات فيعيث لسانه سبا وشتما حتى في اليد التي امتدت اليه لتساعده في يوم من الأيام ولم يحترم قدر أن هنالك ناجحا وقد يكون هو الراسب في ،وآخر يعترض لأن زميله في العمل رُقِّي حتى صار رئيساً له، فإذا به يحقد عليه ويحقره، وتشتعل نفسه عليه غضباً، وكان عليه أن يتساءل قبل هذا كله: أأخذ زميله شيئاً من مُلْك الله دون قضائه وقدره، إذن: فعليك إذا لم تحترم هذا الزميل أن تحترم قدر الله فيه، فما أخذَ شيئاً غصباً عن الله لذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اسمعوا وأطيعوا، ولو وُلِّى عليكم عبد حبشيّ، كأنّ رأسَه زبيبة» فعلى المسلم أن يحترم قيمة الوعد الإلهي في حياته وأن الأقدار تسير بمشيئته.
والصدق فى الوعد، يعنى صدقًا فى القول وصدقًا فى الفعل، وتأتى أهميته وتكمن خطورته فى أنه أمر لا يتعلق بشأن نفسك فقط، بل يتعلق بآخرين، أنت مجرد طرف فى معادلة وهناك طرف آخر، كما أن هناك نوعين من الصدق فى الوعد، الأول يتعلق بالله سبحانه وتعالى، أى أن يفى الإنسان بما بينه وبين الله من عهد دينى وأخلاقى، فيسعى إلى اتباع أوامر الله وينتهى عن نواهيه.
والنوع الآخر، يرتبط بالعلاقات بين الناس فى الحياة الاجتماعية، وذلك لأن سوء الأخلاق تدفع البعض للاعتقاد بأن مخالفة العهود "شطارة" والخداع "فهلوة وذكاء" وعدم الوفاء بالمتفق عليه "فتونة"، وفى الحقيقة كلها أمور سلبية تعمل بالتراكم على انهيار القيم فى المجتمع الواحد وتخرج لنا أجيالا تهدم بيوتها بأيديها.
نعم، الصدق في الوعد من أخلاق الأنبياء، لأنه يحتاج مجاهدة فى النفس حتى يفى الإنسان بما عليه، فمن طبيعة الإنسان أنه يحب أخذ الأشياء ولا يحب منحها، ونسأل الله السلامة.
* الدكتور علي الصلاحين.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-09-2023 02:16 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |