16-09-2023 08:34 AM
سرايا - يُطل علينا د. أنور الشعر بكتابٍ جديد بعنوان «رحيق القوافي/ دراسات نقدية في الشعر العربي المعاصر» بعد أن صدر له العديد من الإصدارات الأدبية التي تنوعت وتوزعت ما بين مجالات الشعر والرواية والكتب النقدية، وكتابة الشعر للأطفال.
قسّم المؤلف كتابه إلى خمسة فصول، في كل فصل من الفصول دراسة نقدية بعنوان رئيس وتحت العنوان مجموعة من العناوين الفرعية، ففي الفصل الأول اختار عنواناً يتحدث عن تقنيات التشكيل الفني لعنصري الزمان والمكان في المجموعة الشعرية «حوار الحكايات» لإبراهيم السعافين، وفي الفصل الثاني تحدث عن الرؤية والتشكيل في أشعار إبراهيم العجلوني، وفي الفصل الثالث تناول الدراسة الأسلوبية في المجموعة الشعرية «في كفها حناء شمس» لردينة آسيا، وفي الفصل الرابع تحدث عن ثنائية الوطن والإنسان (الشعراء أنموذجاً) في ديوان «نزف بريء» لسعد الدين شاهين، وفي الفصل الخامس تحدث عن الثنائيات في المجموعة الشعرية «قلق أنا» لعبد الرحيم جداية.
مهد د. أنور الشعر بمقدمة بين فيها السياسة العامة والمنهجية البحثية التي اتبعها الباحث في دراسة النصوص وقال: «إن القراءة النقدية والبناءة والصحيحة تبدأ من عملية التصالح مع النص المنبثقة من التصالح مع الذات ومع الآخرين، فالناقد الحق يبتعد في تقيمه النقدي عن الأحكام المسبقة عن النص الأدبي أو عن منشئه، بل يعمد إلى الكشف عن جماليات النص واستجلاء الأبعاد الفنية التي وظفها الأديب في نصه أو نصوصه» ووضح فيها بعض الأهداف المرجوة.
في ديوان الشاعر إبراهيم السعافين «حوار الحكايات» تحدث د. أنور عن تقنيات التشكيل الفني لعنصري الزمان والمكان فعمد إلى دراسة الصور الفنية وعناصر التراث، والحلم، والبناء اللغوي في أثناء دراسة المكان والزمان للتعبير عن رؤيته وأفكاره، ووضح معنى التقنية كما وردت في قواميس اللغة، وتعامل مع الزمن بأبعاده الثلاثة: الماضي والحاضر والمستقبل. وفي حديثه عن الزمان توقف عند عناوين كثيرة مثل: زمن المنافي وزمن التحرير والعودة، توظيف الضمائر للتعبير عن الزمن. وفي حديثه عن المكان تناول الوطن ثم المنفى ثم المكان والحلم، وفي الخاتمة يوضح لنا المؤلف أن ثمة علاقة متبادلة بين الزمان والمكان كتقنيتين وظفهما الشاعر للارتقاء بقصائد المجموعة الشعرية.
وفي الفصل الثاني تناول الرؤية والتشكيل في أشعار إبراهيم العجلوني، وحدد الأهداف المرجوة من هذه الدراسة كالكشف عن الأشكال، والأساليب، والتقنيات الفنية واللغوية التي استخدمها الشاعر للتعبير عن أفكاره ومشاعره وعن رؤيته للحياة، والإنسان، والكون، وبيان العلاقة بين التشكيل الفني للقصيدة وبين مضمونها ورؤية الشاعر فيها. وتحت العنوان الرئيس تناول تسعة عناوين فرعية: تفاؤل في زمن الجدب، دلالة المرأة، زمن الصحوة والشهادة، عناقيد الصمت، توظيف أسطورة العنقاء، البنية الإيقاعية في قصيدة (البعد المشروخ ) التشكيل الفني في قصيدة (أغنيات للحب والأمل )، القدس تتهجد خلف البنادق، ثنائية الحياة والموت، والخاتمة.
وفي الفصل الثالث يقدّم لنا المؤلف دراسة قيمة عن الأسلوبية في المجموعة الشعرية «في كفها حناء شمس» لردينة آسيا، فيتحدث فيها عن القيم الصوتية (التحليل الصوتي) وتحت هذا العنوان يبحث في الإيقاع الخارجي والداخلي، وفي الإيقاع الخارجي يبحث في الوزن الشعري (البحور الشعرية)، نظام التقفية. وفي الإيقاع الداخلي ينظر في التكرار الصوتي، والتوازن اللفظي، والتكرار اللفظي، الجناس. ثم تحت عنوان رئيس كبير : القيم التركيبية (النحوية) يبحث في عناوين فرعية كثيرة، الجملة الاسمية والفعلية والأساليب اللغوية : أسلوب النداء، والاستفهام، الحذف، والتقديم والتأخير، التوكيد، الطلب، الالتفات...
والفصل الرابع تناول فيه د. أنور الشعر ديوان الشاعر سعد الدين شاهين «نزف بريء»، وكانت دراسته عن ثنائية الوطن والإنسان (الشعراء أنموذجاً)، وكانت تهدف الدراسة إلى استجلاء صورة الوطن وصورة الإنسان والشعراء على وجه التحديد كما قدمها الشاعر سعد الدين شاهين في مجموعته الشعرية «نزف بريء» الصادرة عام 2018.
وسيعمد الباحث إلى توضيح العناصر الفنية الجمالية التي أسهمت في التعبير عن رؤية الشاعر، وأفكاره وعواطفه وفي بيان شكل صورة الوطن، وصورة الشعراء كما رسمها الشاعر عبر أفضية قصائده، موضحا طبيعة العلاقة بين هذه الثنائية (الوطن والإنسان) مستخدماً المنهج الاستقرائي التحليلي لتتبع مواطن الجمال وتحديد الأدوات التي أسهمت في التشكيل الفني لهذه القصائد.»
وفي الفصل الخامس تناول المجموعة الشعرية «قلقٌ أنا» للشاعر عبد الرحيم جداية، واتبع الباحث منهجية لإنجاز دراسته، فكان هناك قراءة شاملة ومعمقة للمجموعة الشعرية بجميع قصائدها، وتلمس رؤية الشاعر والتقنيات الفنية التي وظفها للتعبير عن رؤيته وأفكاره. ثم عرّج على الثنائيات فتناول ثنائية (الأنا والنحن)، ثنائية (الحلم والحقيقة)، ثنائية (الغربة والمنفى)، ثنائية (الحركة والسكون)، الإيجاب والسلب، التغير والثبات...
ويظل هذا الكتاب (رحيق القوافي) دراسات نقدية في الشعر العربي المعاصر، من الكتب المهمة التي ساهمت بطباعتها وإخراجها وزارة الثقافة الأردنية مشكورة، وإضافة نوعية لرفوف المكتبة العربية.