17-09-2023 08:12 AM
بقلم : د.نشأت العزب
في كل قمة عالمية و في كل حفل من المحافل الدولية تبهر جلالة الملكة رانيا العبدالله العالم أجمع بحكمتها و نظرتها الثاقبة و الحكيمة للأوضاع العالمية و تسهم و جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في رسم القيم السليمة المرتكزة على قواعد الإنسانية لجعل العالم الذي نعيش مكانا أكثر أمناً و سلامة و وسطاً يسهم في تطوير مهارات الانسان و إبراز قيمة الإنسانية السليمة بداخله لتنعكس بذلك على المجتمع ككل و بالمحلصة على العالم أجمع .
تتطرق جلالة الملكة في كل مرة إلى مواضيع دقيقة تمس و بشكل مباشر الأسباب الأولية للنتائج الكارثية التي يعيشها العالم اليوم و أهمها حقوق الانسان و مشكلة المناخ التي يتولد من خلالها المشاكل و الأزمات الإقتصادية و السياسية الذين يولدان مجتمعات تفقد فيها أمنها و استقرارها و بالتالي تصبح بؤرة تؤثر على العالم أجمع و تحتاج لمزيد من تكاتف الجهود لحلها.
كان السؤال الأساسي في القمة يتمحور حول" كيف ننجح في السنوات العشر القادمة" ، و كالعادة أبهرتنا جلالة الملكة في الإجابة عن هذا السؤال الذي يتطلب فهما حقيقياً و عمقاً في التفكير و البحث عن السبب الرئيس الذي يمنعنا من نجاح السنوات العشر القادمة، فإبتدأت حديثها بالحديث عن مفارقة الإنسان الحداثي الذي من جانب يبحث و من خلال العلم و المعرفة و بكافة الطرق و الوسائل في إيجاد الإدوية اللازمة لإطالة عمر الفرد البشري و في نفس الوقت يعاني العديد من البشر في العالم من كوارث الحروب السياسية و الأزمات الإقتصادية و البيئية في وقت يمكن في التقليل و تجنب تلك الخسائر البشرية ، و لسان حال جلالتها يقول أما آن الوقت ليجتمع العلم و التطور و حقوق الانسان تحت مظلة واحدة يسهمان في تقدم و تطور جودة حياتنا جميعاً على كوكبنا الأم الارض .
تحدثت جلالتها عن دورها كملكة و الإسهامات التي عملت على تحقيقها و هي تحسين مؤشرات الصحة و التنمية و تقليل نسب الفقر على الرغم من الصعوبات الإقتصادية و السياسية في المنطقة، فمن خلال زيارتها لمعظم المناطق التي يقطنها الناس الأقل حظا و حيلة تحدث جلالتها و بتواضعها المعتاد عن كيفية تغير نظرتها لمفهوم القيادة و بشكل كلي و من هنا رسالة إلى كل من يحمل رسالة العلم أو الشهادات أو المنصب أن يتحلى بالتواضع و يؤمن بالتغير فلا يوجد حقيقة ثابتة و نحن في هذا الكون الشاسع أبناء الطبيعية هدفنا هو التعلم و التطور و التقدم، فما زال الهاشميون ينقلون لنا اسمى قيم الانسانية السليمة في التواضع و الاحترام و تقبل الرأي الأخر .
و بخطاب يحمل الكثير من المعاني و الدروس للجميع صغيرا و كبيرا ، متعلما و غير متعلم ، ذو قوة و نفوذ أو ضعيف و قليل الحيلة ، تابعت جلالة الملكة رانيا حديثها عن أن القيادة لا تعني ابدا الاستمرار بالقناعات الراسخه بل هي دوما في السؤال و التشكيك الذين يمثلان الجناحين لأي عقل سليم يرغب في السباحة في بحر الحقيقة التي كلما اوجدانها اكتشفنا أننا لا نزال أبعد عنها ، و تحدثت جلالتها عن اهمية تسخير العقل و القلب معاً في عملية القيادة فبذلك نستطيع أن نملك المرونة اللازمة التي تساعدنا في التقدم و نجعلنا دوماً في المكان الصحيح ، و أوضحت جلالتها أن الشرط لنجاحنا في السنوات العشر القادمة هو التقبل، التقبل عندما نعلم أننا كنا مخطئين !.
ذكرت جلالتها الحضور و العالم أجمع بحوادث الغرق التي تحدث بشكل مستمر في البحر الأبيض المتوسط و تحدثت كيف أصبح كل طرف يلقي اللوم على الأخر بينما يعاني هؤلاء الغرقى من ويلات الحروب من ناح و من أخر خطر الموت في حال البحث عن سبل افضل لحياة كريمة.
نوهت جلالة الملكة إلى نقطة بالغة في الأهمية و هي اليقين الذي يعتبره الكثير مقياساً للنزاهة لكنه في الحقيقة صدع أخلاقي يؤدي إلى قيم مشوهه تجعلنا نبحث عن الأسباب التي تؤكد وجهه نظرنا بدل النظر و حل النتائج التي تسببت بها ، و من هنا لابد إلى الإشارة إلى العمق الفكري لجلالتها التي و من خلاله تضع يدها على المكان الصحيح للجراح التي تعاني منها انسانيتنا اليوم .
و كمثال حقيقي لأهمية تسخير القلب و العقل معا في القيادة أستقبل الأردن بقرار من جلالة الملك في الأعوام العشر الماضية الملايين من الإخوة اللاجئين من مختلف الدول العربية على الرغم من الصعوبات الإقتصادية التي تعاني منها مملكتنا الحبيبة و على الرغم من العبىء الكبير الذي تحملته مملكتنا ، لكن جلالته كان أمام موقف صعب أمام الإختيار بترك الاخوة اللاجئين لويلات الحرب و تعريض حياتهم للموت أو استقبالهم و تحمل تلك الصعوبات ، و كان الخيار الثاني الذي أكد حكمة و إنسانية ابا الحسين .
تابعت الملكة رانيا حديثها بالتذكير في الازدواجية لدى العالم المتحضر في أتخاذ القرارات الانسانية ، فقد تم التعامل مع اللاجئين من اوكرانيا خلال شهر واحد فقط من خلال تقديم المساكن و الدعم اللوجستي و المالي و كل ما يحاتجونه في حين يتم تأخير معاملات اللاجئين من دول مثل السودان لأشهر طويلة، و تحدث جلالتها عن اهمية استغلال الفرص حيث تحتاج الدول المتقدمة إلى العديد من الشواغر في العمل التي يمكن ملؤها بأيدي عاملة من دولة تعاني من مشاكل سياسية أو اقتصادية .
أختتمت جلالة الملكة حديثها عن أهمية ان نبدأ الأن فلا مجال للتأخير في محاولة التقدم و تحسين جودة الأفراد و المجتمعات و في مختلف المجالات و أولها الحقوقي و الصحي من خلال التوعية و الدعم و إيجاد الحلول التي يحتاجها العالم أجمع ليكون واقعاً و مستقبلاً آمناً و صحياً لنا و لأبنائنا ، بيدنا نحن أن نقرر بأن تكون السنوات العشر القادمة أفضل حقبة عرفتها البشرية بالإستناد على قيمنا و قناعاتنا التي نغذيها بالشك و السؤال، و القيادة من خلال استعدادنا للتبعية عبر قراراتنا التي تنبع من القلب و العقل سويا فبذلك يمكننا أن نتقدم نحو المستقبل بطاقة و تفاؤل و أمل .
azabnashatco@gmail.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-09-2023 08:12 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |