18-09-2023 09:39 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
إن الكتابة التاريخية، وتوثيق ذاكرة الوطن، وصياغة روايته هو جزء من الرؤية وتحقيقها، وعناوين الكتابة لتاريخنا الوطني ما زالت بحاجة لمزيد من الجهد حتى تخرج من فلك المدرسة التقليدية البعيدة إلى العصرنة وإشغال العقل والتحليل، وتأمل المصادر وولوج الكشف الوثائقي.
ويجب التنبه الى الوثيقة المتوفرة، والأخذ بها، إن توفرت، ومسايرة الكتابة التاريخية لحجم الوثائق المنشورة أو المحفوظة أو المعلن عنها، سواء داخل وطننا أم في البلدان العربية المجاورة أو الدول الكبرى.
وهذه الحالة في كتابة تاريخنا الوطني بحاجة اليوم إلى التحليل والروية لصياغة كتاباتنا التاريخية وما مر به الأردن من حوادث ومفاصل عظمى عبر عقودٍ مضت.
ما يدفع للكتابة عن حالة الفراغ أو غياب المدرسة هو المقارنة بين كيفية كتابتنا للتاريخ وغيرنا، وأسلوبه في استخلاص العبر، فتيار كالمؤرخين الجدد في اسرائيل، مثلا، أشغل الأوساط الأكاديمية بما قدمه من روايات مناقضة للرواية الصهيوينة، ونجح باستغلال الكشف الوثائقي لصياغة رؤية تقول بحتمية بقاء اسرائيل ضمن حدود 1948م.
فهذا التيار بات مدرسة في الكتابة التاريخية الإسرائيلية ومن بين رواده المؤرخ اليهودي العراقي » آفي شلايم» و» بينيه موريس» وغيرهم، وأحدثوا جدلاً في الأوساط الأكاديمية والصحفية والثقافية ما زال لليوم محل نقاش، بينما يغيب جدل شبيه لدينا.
والمفارقة في أننا نحن أصحاب التاريخ والعمل، والذاكرة فبحاجة اليوم إلى وهج النقاش ليبقى تاريخنا حيوي، ويقدم للأجيال الحاضرة والمقبلة باعتزاز.
فيجب ايلاء أهمية لأي كشف وثائقي يضاف إليه تعزيز الإقبال على دراسة هذا التخصص ورفده بعقول مميزة ليبقى ذهن الأجيال قادرا على مواصلة دراسة وتوثيق التاريخ.
هذه الحالة أيضاً باتت مؤشراً يستدل منه على الحاجة لإيلاء موضوع التاريخ أهمية كبيرة في العقل الأردني، وتنشيطها يتأتى من خلال الدفع باستخدام الكشف الوثائقي وتحسين المدخلات سواء من طلبة أو باحثين، بما يأخذنا إلى عالمٍ من البحث النشط، بخاصة وأننا نمتلك زخما من الوثائق الوطنية، لم يستفد منه بعد في كتابة تاريخنا.
وأذكر أنه قبل سنوات، صدر كتاب عن رئيس قسم التاريخ في جامعة تل أبيب يتناول سيرة احدى الشخصيات الوطنية في عهد الإمارة، ما خلق نقاشاً أكاديمياً وقدم رواية أحوج ما نكون أن نكتبها نحن، خاصة وأن الوثائق متوفرة، وألا تترك روايتنا محل اخذ ورد ويصوغها عنا الآخرون.
فالتاريخ في حقيقته ليس الماضي وحسب، بل هو الحاضر والمقبل، لذا نريد مدرسة لكتابة تاريخ بلدنا، والانتباه أكثر لوثيقتنا الوطنية، والتي هي متوفرة اليوم وبحاجة إلى أن تكون حاضرة لأنها جزء من روايتنا عن أنفسنا في هذا الوطن العزيز بماضيه وحاضره، ومستقبله بإذن الله.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-09-2023 09:39 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |