18-09-2023 07:14 PM
بقلم : د. مرام أبو النادي
بات المواطن في الشارع ممتلكًا للحس الاستشرافي للأزمات؛ والذي أجده مؤشرًا إيجابيًا يدل على تغير طريقة تفكيرهم؛ فالغالبية من المواطنين وعلى اختلاف مؤهلاتهم ومستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية وحتى حراكهم مع هذه المستويات، متابعون للأحداث سواء أكانت محلية أم عربية أم عالمية؛ فالمواطن يعيش التحولات بأسلحة غير تقليدية، هي مهاراته في التفكير.
فنرى المواطن شريكًا لصانعي القرار، لما يصله من أخبار وتحليلات؛ لم يعد مستقبًلا سلبيا، شراكته بهذه الأحداث جعلته يغادر القوقعة التي تجعل همّه ما يعنيه؛ فهو يتلّقى المعلومات ليستأنس بها؛ فتكون من أدوات التفكير ليستشرف المستقبل حتى القريب. فإذا علمنا أن الدراسات الاستشرافية تعتبر من الحقول التي تمثل حقولا معرفية، وتم تضمينها في أولويات واهتمامات الجامعات وصانعي القرار السياسي في الدول النامية؛ ليصار إلى الاعتماد على مخرجاتها للمساعدة في رسم سياسات واتخاذ قرارات ذات سمة علمية وعقلانية؛ فمن المعقول جدا أن نجد أن التحولات الفكرية وصلت إلى العامة؛ فالاهتمام بالمستقبل شأن مشترك و هذا الفضول الإنساني مع التخوّفات التي تشكل ترسًا دفاعيا لتحصين الذات مطلبًا لا بد من أن يتم تقديره من كل دولة. تتنامى الحاجة إلى استشراف المستقبل في ظل اطراد التحديات والمخاطر التي تواجه العالم؛ فالمواطن بهذا التحوّل الفكري سيخوض مغامرات القادم بجاهزية وثقة بالنفس معززا بروح التشاركية، و سيكون قارئا ومنفذا جيدا للخطط الاستراتيجية لدولته، سيكون مستوعبا للإشكاليات و العوائق، وسيتحرّى الدقة في معلوماته؛ لا سيما إن كانت موثوقة المصدر وهذا يتعلق بإدارة المعرفة و تشاركيتها و توزيعها في السلطة التنفيذية بجهاتها المخولة.