حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 6304

جدران الخزان

جدران الخزان

جدران الخزان

19-09-2023 02:49 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أمية علوان
نحن يا سيدي أبناء القلق والقرى الحزينة، نتوسم الخير وتعيش أمهاتنا أحلامهن الكبيرة بقناعة لا حول لها ولا قوة: روح يمه الله يوفقك ويعلي مراتبك وتصير دكتور قد الدنيا.
لا يعلمن أن للمراتب أهلها وأن الدنيا تضيق، كبرنا وقلنا لا، وقلنا لا أيضاََ في وجه من قالوا نعم، وقلنا الدنيا "قمرة وربيع" وتركنا التباكي والتظلم والسوداوية والتهم المعلبة وذهبنا صوب النحت في ما هو أقسى من الصخر غير آبهين بالنادي إياه ولا معترفين بتقسيم "الموارس". قلناها بالفم الملآن، ببطون خاوية وظهر لا جدار له، لا وراء ورائنا، ولا أمام، سوى: يابه لا تفشلنا، والحلم الكبير، والغد الآتي.
هذا الحلم الكبير كان على الدوام انتزاع حصة أو مقعد من الطبقة المهيمنة التي احتكرت كل شيء، قالوا هم: لا، لا كبيرة.. وها نحن في قلب هذا الصراع الدائم بين سندانين، سندان الطبقة إياها، وسندان الذين يراؤون ويمنعون الماعون، فما عاد هناك مطرقة، ولا هروب إلا لمزيد من الدماء، في خضم هذا الصراع، الدماء دماؤنا.
هل نسلم الحلم أم هل سيتجاوز التسليم ويتسع إلى ما هو أبعد من الأحلام الشخصية والحقوق الفردية، فالخسارات الكبرى والتنازل الكبير وهدر الأوطان يبدأ دوماََ من التفريط بالشؤون الشخصية حد البلادة التي تضيع بلداََ.
هل سنردد مع سياتل:
ونعرف أن الرجل الأبيض لا يفهمنا
تستوي هذه الأرض عنده والأرض المجاورة
لأنه الغريب الذي تسلل في ظلمات الليل
فنال من هذه الأرض.
نحن يا سيدي لا أنا ولا أبناء الخيارات المحدودة واللاخيارات، لا ننسى من دفع أجرة الباص عنا قبل عشرات السنين، وصديقي في الدراسات العليا قال لي ذات يوم واضعاََ سبابته على فمه يحاول أن يتذكر من قام بتعيينه في وزارة الخارجية ثم قال: نعم تذكرت اتصل أبي مع أعتقد فلان أو فلان. بعد ذلك كنت مدعواََ على "ستيك" عندهم، وسأل صديقي والده عن الذي قام بتعيينه؛ المفاجأة أن أباه لم يتذكر، وقال بعتقد إنه فلان، ثم بوجنته اليمنى التي ارتطمت بعينه وبشفاه مقلوبة للأسفل بطريقة استعلائية قال: على كل حال مش هالقصة. مش هالقصة! ونحن لا ننسى أحد يقلنا من عيرا إلى السلط بالصندوق الخلفي لبكب داتسون مع "التتن" و"السقط" و"الكعوب" وربما الاغنام.. ونحفظها للأبد. فهناك مد يد العون في أبسط أشكاله هو بمثابة إنقاذ وليس مجرد خدمة عابرة، في بيئة لا تقدم شيئاََ ولا حلول إلا بمد يد المساعدة، وهذه مفارقة بين البحث عن تحقيق المكانة الاجتماعية وبين البحث عن تحقيق الحاجات الأساسية، بين حلم فرض عليك وبين ترف تحقيق الأحلام، بين تعدد الخيارات وبين خيار واحد.
وهذه مفارقة أيضاََ بين أم العبد التي تنتمي إليها أمهاتنا وبين أم عبود التي تمثل الطبقة إياها:
"ﺳﻴّﺪﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻥ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻗﻴﻦ ﻭﺍﻷﺭﺟﻴﻠﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﻌﺠﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺒﺮّﻉ ﻟﺠﻬﺎﺕ ﻧﺼّﺎﺑﺔ، ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻜﻮﺗﺎ ﻭﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻨﺴﻮﻳﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻮﺿﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺭﺟﻞ ﺳﺎﻕ على ساق ﻭﺍﻟﺠﻠﻮﺱ ﻓﻲﺍﻟﻤﻘﺎﻋﺪ ﺍﻷﻣﺎﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻨﻜﺎﻳﺔ. ﻭﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺗﺠﻤﻌﺎﺕ ﻧﺴﻮﺍﻧﻴﺔ ﻣﻮﺍﺯﻳﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺠﻠﻮﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺭﺿﻴﺎً، ﻧﺴﺎﺀ ﺭﺍﺳﺨﺎﺕ: ﻣﺤﺾ ﺃﻣﻮﻣﺔ ﻭﻃﺒﻴﺦ ﻭﺩﻣﻮﻉ/ﻃﺎﻋﻨﺎﺕ ﻓﻲ ﺭﺏّ ﺍﻟﺒﻨﺪﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻄﺤﻴﻦ".
صحيح أن البكاء والعويل يليق بنا، وأن التنازلات الصغيرة علامة خيبة واستسلام، نحن الذين كنا نردد مع أمل دنقل: اشهد يا قلم، إلا أنه إن كانت بالفعل تستحق أحلامنا وأوطاننا هذا العويل، ألا يحق لنا مجرد البكاء على أحلامنا وهي ترتقي درج المقصلة.

"لكن للقرميد في بلد الهنود (السمر) معنى واحداََ؛ السهم في جرح الغزال"...








طباعة
  • المشاهدات: 6304
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم