21-09-2023 09:14 AM
بقلم : د.اسمهان ماجد الطاهر
كان خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة بمثابة دعوة قوية ومقنعة للعمل على ثلاث قضايا عالمية ملحة: اللاجئين، وتغير المناخ، والقضية الفلسطينية.
خطاب الملك عبد الله الثاني وضح الصورة الحقيقية لما تواجهه منطقة الشرق الأوسط بأكملها من ظروف، وتحديات والأزمات المتكررة، فالمنطقة العربية تشكل نقطة محورية تتلاقى فيها غالبية التحديات العالمية الأكثر إلحاحا.
لقد استهل الخطاب بالحديث عن خطر انعدام الأمن الغذائي والخطر المحيط بعدد يفوق 345 مليون شخص حول العالم.
وقد ألقى الضوء جلالته على الفئات الأكثر عرضة لهذا الخطر، الذين نزحوا قسرا من بيوتهم نتيجة لظروف سياسية صعبة، اضطرتهم إلى الهرب في رحلات محفوفة بالمخاطر لإنقاذ أسرهم.
لقد دعا الملك عبد الله الثاني إلى ضرورة زيادة الدعم للبلدان المضيفة، وخاصة في الشرق الأوسط، لتلافي الضغط الهائل الذي تتعرض له هذه البلدان، وهناك حاجة ملحة إلى التضامن العالمي في معالجة الأزمة الإنسانية.
لقد استعرض الملك عبد الله الثاني الدور الذي قامت به الأردن تجاه اللاجئين، فقد بذل الأردن كل ما في وسعه لتأمين حياة كريمة للاجئين. وقد أكد جلالته على ضرورة إيجاد حل سياسي يتوافق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، بما يضمن وضع خارطة طريق لحل المشاكل تدريجيا والتعامل مع جميع العواقب المترتبة.
الملك في خطابه التاريخي تطرق أيضا إلى التغير المناخي، وما يصاحبه من موجات حر مدمرة وجفاف وفيضانات.
إن تركيز الملك على تغير المناخ باعتباره عاملا مضاعفا للتهديدات، جاء في الوقت المناسب وبشكل خاص، أنه في خطابه أقر بالحاجة الملحة لمعالجة هذه القضية بشكل شامل وسلط الضوء على التزام الأردن بالطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، من خلال دعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر وحث الآخرين على أن يحذوا حذو الأردن بذلك، مؤكدا على على أهمية العمل الجماعي في التخفيف من الآثار المدمرة لتغير المناخ.
وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لقد أكد جلالة الملك ضرورة التوصل إلى حل عادل ودائم يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وكرامته، ودعا إلى العودة إلى المفاوضات واستئناف عملية سلام حقيقية، وحث المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسؤولياته في التوسط للتوصل إلى حل عادل ودائم.
إن تأكيده على حل الدولتين وأهمية الإجماع الدولي يؤكد التزام الأردن الثابت بالسلام والاستقرار في المنطقة.
وعلى الرغم من أن كل قرارات الأمم المتحدة منذ بداية هذا الصراع تعترف بالحقوق المتساوية للشعب الفلسطيني بمستقبل ينعم بالسلام والكرامة، ولكن السلام الشامل والدائم، لم يتحقق فما زال يعيش خمسة ملايين فلسطيني تحت الاحتلال، بلا حقوق مدنية، ولا حرية في التنقل، ولا قرار لهم في إدارة شؤون حياتهم.
وقد خاطب الملك الحضور قائلا «لا يمكن لأي بناء للأمن والتنمية الإقليميين أن يثبت أساساته فوق الرماد المحترق لهذا الصراع».
خطاب قوي ومؤثر يحمل في ثناياه مطالبة بوقف بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي وتدمير البيوت في فلسطين، الذي يتزامن مع جعل القدس بؤرة للقلق.
الأردن وبموجب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، يواصل التزامه بالمحافظة على هوية المدينة المقدسة، وحماية القدس كمدينة للإيمان والسلام.
لقد حمل الخطاب مطالبة للمجتمع الدولي بالعمل كشركاء للتصدي للتحديات التي تواجه دول المنطقة العربية، وذلك أجل بناء مستقبل أفضل، يخدم مصلحة الشعوب، ومن أجل تقليل ضحايا النزاعات والتهجير والجوع، والكوارث التي يسببها التغير المناخي، والأزمات المتلاحقة.
كلمات الملك لم تسلط الضوء على مدى إلحاح هذه التحديات فحسب، بل قدمت أيضا رؤية للمسؤولية الجماعية تضمن التنسيق والتعاون للتصدي لها بفعالية.
بشكل عام، كان خطاب الملك عبد الله الثاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة بمثابة نداء مقنع للعمل بشأن القضايا التي تتطلب الاهتمام والتعاون العالميين. مؤكدا دعوته إلى الوحدة والمسؤولية المشتركة، وأهمية التعاون الدولي في معالجة كل التحديات المعقدة.
إن رؤية الملك لعالم أكثر عدلا واستدامة هي بمثابة مصدر إلهام للقادة والأفراد على حد سواء للعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.
ومن أجمل ما ورد في الخطاب حديث عن الأطفال والشباب والتأكيد على أن البشر ليسوا مجرد إحصاءات وأرقام، وإنما هم إخوان في الإنسانية وشركاء في هذا العالم. حمى الله الأردن أرضا وقيادة وشعبا..
a_altaher68@hotmail.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-09-2023 09:14 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |