24-09-2023 08:55 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
يكثُر الحديث هذه الأيام عن امكانية إجراء تعديل وزاري و"توزير» نائبين من السلطة التشريعية، حيث خضع هذا الموضوع لتعديلات دستورية جوهرية في عام 2022 تمثلت بالحظر على أعضاء مجلسي الأعيان والنواب أن يجمعوا بين العضوية في مجلس الأمة وفي السلطة التنفيذية.
ولغايات تكريس هذا القيد، فقد جرى تعديل المادة (52) من الدستور لصالح إلغاء النص الدستوري الذي كان يجيز لرئيس الوزراء أو للوزير أن يكون عضوا في أحد مجلسي الأعيان والنواب. كما تمت إضافة فقرة جديدة إلى المادة (76) من الدستور في عام 2022 تقضي صراحة بعدم جواز الجمع بين عضوية كل من مجلس الأعيان أو مجلس النواب وبين منصب الوزارة.
وقد تمثلت الأسباب الموجبة لهذه التعديلات الدستورية كما جرى التعبير عنها في تقرير اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية «بتعزيز مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وزيادة فعالية الرقابة السياسية التي يمارسها أعضاء مجلس الأمة على الوزراء من خلال تحقيق الفصل التام بين عضوية السلطتين التشريعية والتنفيذية».
ويبقى الوقوف على الآلية الدستورية التي يجب على النائب اتباعها في حال ما تقرر تعيينه في مجلس الوزراء، حيث يرتبط هذا الإجراء بالقواعد الناظمة لاستقالته من مجلس النواب كما جرى تعديلها في عام 2022، إذ أصبح يُكتفى بتقديم الاستقالة الخطية إلى رئيس مجلس النواب، والتي تكون نافذة من تاريخ تقديمها.
وعليه، وفي ظل إلغاء الحكم الدستوري الذي كان يشترط لاستقالة النائب موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، فقد أصبح من الجائز دستوريا إجراء تعديل على الحكومة في أي وقت وتوزير النواب فيها، وذلك بصرف النظر عما إذا كان المجلس النيابي منعقد أو في عطلة برلمانية. فطالما أن رئيس مجلس النواب موجود ويمارس صلاحياته المناطة به، فانه يمكن للنائب أن يتقدم منه باستقالته الخطية في أي وقت يشاء، والتي تكون سارية المفعول بمجرد تقديمها.
وعليه، فإن السيناريو الدستوري الأمثل في حال ما تقرر توزير أي من أعضاء مجلسي الأعيان أو النواب أن تصدر إرادة ملكية سامية بهذا الخصوص، وأن يؤدي النائب أو العين قسم الوزير أمام جلالة الملك، ومن ثم يتقدم باستقالته الخطية من المجلس الذي هو منتم اليه. فإذا كان نائبا تكون استقالته محققة لنتائجها الدستورية بمجرد تقديمها، وإن كان عينا فيجب أن تصدر إرادة ملكية سامية بقبولها وفق أحكام الدستور.
ولا يرد القول بأن تأخير الاستقالة بعد صدور الإرادة الملكية السامية فيها مخالفة لأحكام الدستور من حيث الجمع بين العضوية في مجلس الأمة والحكومة، ذلك أن ما قصده المشرع الدستوري من هذا الحظر هو استمرارية الجمع بين النيابة والوزارة بعد التعيين في السلطة التنفيذية. أما الفترة بين التعيين في مجلس الوزراء والاستقالة من مجلسي الأعيان والنواب والتي لن تدوم لأكثر من ساعات أو حتى يوما كاملا، فلا يمكن التمسك في مواجهتها بعدم دستورية هذا التعيين خلال تلك الفترة الزمنية القصيرة نسبيا.
وما يعزز من هذا الرأي الدستوري أن المشرع الدستوري قد حظر على الوزير أثناء وزارته أن يكون عضوا في مجلس إدارة أي شركة ما، أو أن يشترك في أي عمل تجاري أو مالي، أو أن يتقاضى راتبا من أية شركة، وذلك عملا بأحكام المادة (44) من الدستور.
وتتمثل آلية تطبيق هذا القيد الدستوري في الواقع العملي بصدور الإرادة الملكية السامية بتعيين شخص ما وزيرا في السلطة التنفيذية، ومن ثم يتقدم باستقالته الخطية من وظائفه التي يشغلها، أو يتوقف عن ممارسة أي عمل تجاري أو مالي، أو حتى يحصل على قرار بإعارته من الوظيفة العامة إذا كان النظام القانوني الذي يخضع له يجيز ذلك، كما هو الحال بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الرسمية الحكومية.
وخلال الفترة بين العضوية في مجلس الوزراء وتنفيذ أحكام المادة (44) من الدستور لا يتم الدفع بعدم دستورية عضوية الوزير، طالما أنه لم يماطل أو يتعمد التأخير في تصويب أوضاعه وتقديم استقالاته من عضويات مجالس الإدارة ووقف أنشطته المالية والتجارية التي يمارسها.
إن آلية تفعيل الحظر على أعمال الوزير الشخصية ومشاريعه الخاصة به واستقالته منها بعد تعيينه في مجلس الوزراء، هي ذاتها التي يمكن تفعيلها على النواب أو الأعيان الذين قد يجري توزيرهم في السلطة التنفيذية.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-09-2023 08:55 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |