25-09-2023 09:11 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
بوتيرة متزايدة تتكرر اقتحامات المسجد الأقصى المبارك، وهي تتصاعد في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، إذ هي تأتي وسط متغيرات عدة، تشمل تشكيل صياغة جديدة للمنطقة.
ووسط هذه المتغيرات على الاستيطان المتطرف، واليهود المتطرفين خاصة أو ما يطلق عليهم بـ «الحريديم»، والآخذة أعدادهم بالازدياد خلال السنوات الاخيرة، أن يدركوا أن تحركاتهم هذه الاستفزازية لا تؤشر إلى إمكانية صمود أي مقاربة.
ونحن نتحدث عن فئة كبيرة باتت تشكل سمة في المجتمع الإسرائيلي، إذ، تقول التقديرات، إنّ عدد ولاداتهم السنوية 35 ألفاً بما يشكل 25% من مجموع ولادات إسرائيل، ويتزوج فيها سنوياً 5 آلاف زوج حريدي، ينجب أحدهم 7-9 ولادات، ينتج عنها زيادة كبيرة في أعدادهم.
وهذه الفئة تتبنى تفسيرات متطرفة في التراث الديني اليهودي، وتتشدد في أداء طقوسها، وهم منعزلون في العادة، حتى داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وتمارس عملها السياسي من خلال نواب في الكنيست، ينتمون إلى أحزاب الحريديم، وأبرزها: شاس، يهدوت، هتوراه، وغيرها.
ونحن نتأمل مشاهد اقتحامات هؤلاء المتطرفين، المدججين بالكراهية، وبحماية شرطة الاحتلال، وخط مسيرهم داخل باحات المسجد الأقصى، ندرك أننا اليوم أمام ظاهرة تطرف، هي من تسير الشأن السياسي لإسرائيل، وباتت تعبر عن عنصريتها، وعنصرية سياسييها، أو بأحسن حال عن خطاب مزدوج.
فنحن اليوم أمام صهيونية دينية متطرفة، مشحونة بالكراهية لكل ما هو مختلف عنها، وهي صهيونية لها حراكها في إسرائيل، وتخيف سياسييها وحكوماتها، وهنا لسنا في مقام التبرير للاحتلال، ولكننا أمام سمات غير معهودة، وتحولات جلية في هذا الكيان المحتل، يمكن اختصارها بالقول: إنّ الصهيونية المتطرفة، بعقائدها، وأدواتها، باتت المسيطرة، وهذا ما يمكن قراءته من الاقتحام الأخير للمسجد الأقصى، وهو أمر خالف كل ما رددته الحكومات الإسرائيلية، وحديثها عن التهدئة، أو التقارب.
وهذه الفئة المتطرفة، تريد تقسيماً زمانياً ومكانياً للمسجد الأقصى، وذلك منذ عام 1967م، إذ أصدرت قاضية المحكمة المركزية الإسرائيلية عام 1976م، أن لليهود الحق داخل الحرم، وفي عام 1981م، اقتحم أفراد من حركة أمناء جبل الهيكل المسجد الأقصى برفقة حاخامات.
ومن بين التواريخ الأخرى الهامة، لمحاولات التطرف اليهودي، عام 1986، حيث عقد عدد من الحاخامات اجتماعًا خاصًا قرروا فيه بصورة نهائية السماح لليهود بأداء الطقوس في المسجد الأقصى، ثم سمحت الشرطة الإسرائيلية رسميا وللمرة الأولى عام 1989 بإقامة صلوات للمتدينين اليهود على أبوابه.
وللدلالة على التطرف الكبير الآخذ بالتصاعد، فإنّ السنوات الأخيرة شهدت تحولاتٍ خطيرة، ففي تاريخ 30 من تشرين الأول 2014م أغلقت قوات الاحتلال -لأول مرة منذ عام 1967- بوابات المسجد الأقصى تماما أمام المصلين، بما في ذلك العاملون فيه، وأتبعت ذلك بفرض قيود عام 2015 حالت دون دخول النساء إليه في الفترات المخصصة لاقتحامات المستوطنين، فضلا عن إبعاد مصلين بأوامر شرطية، ومنعهم من دخوله لفترات.
إنّ أطماع هذه الفئة الحاكمة في إسرائيل اليوم، وسلوكياتها وعبثها غير مدركة بأنها تقود العالم إلى صدامٍ كبيرٍ، فالقضية الفلسطينية، مهما تقادم عليها الزمان، ومهما انشغل العالم عنها، تبقى هي المركزية على مستوى العالم، والعبث في العقائد عبر هذه الانتهاكات، سيقود إلى صدامٍ كبير، وهذا الكلام ليس نظرياً وحسب، بل على مدار التاريخ، كانت القدس محور تحولاتٍ هامةٍ سواء على صعيد القضية الفلسطينية ومحطات الصراع مع المحتل أو عبر تاريخ منطقتنا العربية، ومنذ القدم، وما الاقتحامات إلاّ وجه من وجوه هذا التطرف «المقيت».
إن لجم نزعات هذه الفئة المتطرفة، يختبر اليوم أي طرح، والاقتحامات الأخيرة للأقصى، يجب أن تنتهي، فهي تعبير فاضح عن جدية أي طرح إسرائيلي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-09-2023 09:11 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |