حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1358

البنوك التقليدية في مواجهة عمالقة التكنولوجيا المالية .. نظره قانونية

البنوك التقليدية في مواجهة عمالقة التكنولوجيا المالية .. نظره قانونية

البنوك التقليدية في مواجهة عمالقة التكنولوجيا المالية ..  نظره قانونية

26-09-2023 08:46 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. حمزه العكاليك
لقد أحدثت التكنولوجيا المالية، أو شركات التكنولوجيا المالية، ثورة في الطريقة التي نتفاعل ونتعامل بها مع المال.

فمن الدفع عبر الهاتف المحمول إلى الإقراض المباشر من نظير إلى نظير، حيث جعلت شركات التكنولوجيا المالية الخدمات المالية أكثر سهولة وبأسعار معقولة وملاءمة أكثر من أي وقت مضى. ولقد اكتسبت شركات التكنولوجيا المالية العملاقة، مثل Apple وAnt Group وPayPal وStripe، قدرا كبيرا من القوة في السنوات الأخيرة. حيث ان لديهم مليارات المستخدمين وتريليونات الدولارات من الأصول الخاضعة للإدارتهم. وهذه العوامل تمنحهم القوة والقدرة على التأثير على النظام المالي وتشكيل طريقة تفكيرنا في المال.


أحد أهم الطرق التي تقوم بها شركات التكنولوجيا المالية العملاقة مثل Apple بتغيير الصناعة المالية هي من خلال منصة الدفع عبر الهاتف المحمول، حيث أنه يتم قبول Apple Pay الآن من قبل ملايين التجار والشركات حول العالم، وهي واحدة من منصات الدفع عبر الهاتف المحمول الأكثر شعبية في الولايات المتحدة. كما أن هناك طريقة أخرى أحدثت تغييرا في الصناعة المالية وهي من المحفظة الرقمية. حيث تسمح Apple Wallet للمستخدمين بتخزين بطاقات الائتمان والخصم وبطاقات الولاء والتذاكر الخاصة بهم في مكان واحد. وهذا يسهل على الأشخاص متابعة شؤونهم المالية وإجراء الدفعات أثناء التنقل. بالإضافة إلى منصة الدفع عبر الهاتف المحمول والمحفظة الرقمية، تعمل FinTech أيضا على تطوير منتجات وخدمات مالية أخرى، مثل بطاقة الائتمان وخدمة الشراء الآن والدفع أو التقسيط لاحقا. ولقد تم تصميم هذه المنتجات والخدمات لجعل الخدمات المالية أكثر سهولة وملاءمة للمستهلكين.
هذا التطور كان السبب في ايجاد العديد من العوامل التي تساهم في قوة شركات التكنولوجيا المالية العملاقة. أحد هذه العوامل هو الحجم الهائل لشركات التكنولوجيا المالية؛ فالميزات التي تقدمها شركات التكنولوجيا المالية ساهم في الوصول إلى عدد هائل من المستخدمين والعملاء، مما منحها قدرا كبيرا من حصة السوق وهذه الحصة السوقية تمنحهم القدرة على تحديد الأسعار والشروط، والتأثير على سلوك الشركات الأخرى في النظام المالي. والعامل الآخر الذي يساهم في قوة شركات التكنولوجيا المالية العملاقة وهو إمكانية وصولها إلى البيانات؛ فهي تجمع كمية هائلة من البيانات حول مستخدميها، بما في ذلك معاملاتهم المالية وعادات الإنفاق والجدارة الائتمانية. حيث تمنحهم هذه البيانات فهما عميقا لعملائهم واحتياجاتهم. كما أنها تمنحها القدرة على تطوير منتجات وخدمات جديدة مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات عملائهم. كما تتمتع شركات التكنولوجيا المالية العملاقة أيضًا بقدر كبير من الخبرة التكنولوجية حيث إنهم يستثمرون بكثافة في البحث والتطوير، ويبتكرون باستمرار طرقا جديدة لتقديم الخدمات المالية. وتمنحهم هذه الخبرة التكنولوجية ميزة تنافسية على المؤسسات المالية التقليدية.
ولذلك، فإن القوة المتنامية لشركات التكنولوجيا المالية العملاقة أثارت عددا من المخاوف، بما في ذلك: المنافسة: حيث يمكن لشركات التكنولوجيا المالية العملاقة استخدام قوتها السوقية لخنق المنافسة والابتكار. ومصدر قلق آخر هو الاستقرار المالي: يمكن أن تشكل شركات التكنولوجيا المالية العملاقة خطراً على الاستقرار المالي إذا لم يتم تنظيمها بشكل صحيح. وأيضا هناك عامل آخر مهم الا وهو حماية المستهلك: حيث تقوم شركات التكنولوجيا المالية العملاقة بجمع كمية هائلة من البيانات حول مستخدميها، وهناك خطر من إمكانية إساءة استخدام هذه البيانات. اما ما يتعلق بالمنافسة؛ تتمثل إحدى طرق تعزيزها وذلك بتسهيل دخول شركات التكنولوجيا المالية الجديدة إلى السوق وقد يشمل ذلك تقليل الحواجز التنظيمية وتوفير إمكانية الوصول إلى رأس المال. ويتعين على صناع السياسات أيضا أن يشجعوا المؤسسات المالية التقليدية على تبني تكنولوجيات جديدة وتطوير منتجات وخدمات جديدة. وهناك طريقة أخرى لتعزيز المنافسة وهي تعزيز إنفاذ مكافحة الاحتكار فينبغي لصناع السياسات أن يدققوا بعناية في عمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع التكنولوجيا المالية لضمان عدم وجود محتكر كبير واحد للسوق وأنه لا تخنق من المنافسة.
علاوة على ذلك، يجب على البنك المركزي الأردني، باعتباره حارسًا للاستقرار المالي، أن يعمل كما يفعل دائمًا على التخفيف من مخاطر عدم الاستقرار المالي من خلال تعزيز تنظيم شركات التكنولوجيا المالية العملاقة. وقد يتضمن ذلك مطالبتهم بالاحتفاظ بمزيد من رأس المال وإخضاعهم لاختبارات تنظيمية أكثر صرامة. وينبغي لواضعي السياسات أيضا أن يفكروا في تطوير أدوات تنظيمية جديدة لمعالجة التحديات المتجددة التي تفرضها شركات التكنولوجيا المالية العملاقة. فضلا عن أن حماية المستهلك موضوع مهم ينبغي حمايته من خلال تعزيز قوانين خصوصية البيانات وهو ما نفتقده في الأردن حتى في مشروع القانون الموجود لدى مجلس الأمة الآن. حيث ينبغي لهذه القوانين أن تمنح المستهلكين القدرة على التحكم في بياناتهم، ويجب أن تطلب من الشركات الحصول على موافقة المستهلكين قبل استخدام بياناتهم للتسويق أو لأغراض أخرى. وهناك طريقة أخرى لحماية المستهلكين وهي تعزيز قوانين حماية المستهلك المالي. ويجب أن تضمن هذه القوانين حصول المستهلكين على معلومات واضحة وموجزة حول المنتجات والخدمات المالية، وحمايتهم من الممارسات غير العادلة أو الخادعة.
بالإضافة إلى السياسات المذكورة أعلاه، يمكن لواضعي السياسات أيضا النظر في سياسات تعزيزية أخرى كإنشاء بيئة تكنولوجية تجريبية تنظيمية: فالبيئة التجريبية التنظيمية هي إطار يسمح لشركات التكنولوجيا المالية باختبار المنتجات والخدمات الجديدة في بيئة خاضعة للرقابة. ويمكن أن يساعد ذلك في تشجيع الابتكار في قطاع التكنولوجيا المالية مع تخفيف المخاطر التي يتعرض لها المستهلكون وهو ما قدمه البنك المركزي الأردني بالفعل حيث أن لديه نظاما تكنولوجيا ماليا تجريبيا وضعه البنك المركزي الأردني موضع التنفيذ بالفعل. واقتراح آخر هو إنشاء عملة رقمية للبنك المركزي (CBDC): العملة الرقمية CBDC هي نسخة رقمية من العملة الورقية التي يصدرها البنك المركزي. حيث يمكن أن تقدم العملة الرقمية للبنك المركزي عددا من المزايا مقارنة بالعملات الخاصة، مثل قدر أكبر من الأمان والاستقرار. ومن المفيد أيضا تطوير وتحديث إستراتيجية وطنية للشمول المالي: يمكن أن تساعد الإستراتيجية الوطنية للشمول المالي في ضمان حصول جميع الأشخاص على خدمات مالية آمنة وبأسعار معقولة. ويمكن أن يشمل ذلك سياسات لتعزيز استخدام خدمات التكنولوجيا المالية بين السكان الذين لا تصلهم الخدمات المالية كما يحصل عليها سكان المدن
الرئيسية.

وبالنتيجة، فإن شركات التكنولوجيا المالية العملاقة مثل Apple تعمل على تغيير الصناعة المالية العالمية بسرعة حيث تتمتع هذه الشركات بالقدرة على التأثير بشكل كبير على دور البنوك التقليدية ومنها الأردنية من خلال جعل الخدمات المالية أكثر سهولة وبأسعار معقولة، وزيادة المنافسة في النظام المالي، وتغيير طريقة استخدام الأموال، وجمع وتحليل كميات كبيرة من البيانات حول مستخدميها. وسوف تحتاج البنوك المركزية إلى التكيف مع هذا المشهد المتغير حتى تظل فعالة. ويمكن للبنوك المركزية أن تتبنى تقنيات جديدة وتطور عملاتها الرقمية وأنظمة الدفع الخاصة بها. كما يمكنهم أيضا العمل مع شركات التكنولوجيا المالية لتطوير منتجات وخدمات جديدة تتماشى مع أهدافهم. ويمكن للبنوك المركزية أيضا تعزيز القواعد التنظيمية لشركات التكنولوجيا المالية لضمان عملها بأمان وضمن المعايير التنظيمية.








طباعة
  • المشاهدات: 1358
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
26-09-2023 08:46 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم