بقلم : د. سالم نايف الكركي
يعد تطوير الاستراتيجيات في المنظمات الحكومية جانبا حاسما في عملها وفعاليتها الشاملة وتلعب الاستراتيجيات دورا حيويا في توجيه الأعمال وعمليات صنع القرار داخل هذه المنظمات، مما يمكنها من تحقيق أهدافها وغاياتها بكفاءة مع استمرار توسع مسؤوليات المؤسسات الحكومية، أصبح من المهم بشكل متزايد أن يكون لديها استراتيجيات محددة جيدا تعالج التحديات المعقدة وتضمن الاستخدام الأمثل للموارد.

تعريف الاستراتيجيات في المنظمات الحكومية
في سياق المنظمات الحكومية، تشير الاستراتيجيات إلى الخطط طويلة المدى الموضوعة لتحقيق أهداف محددة مع مراعاة العوامل الداخلية والخارجية المختلفة و توفر هذه الاستراتيجيات خارطة طريق لهذه المنظمات من خلال تحديد الخطوات المطلوبة لإنجاز مهمتها ورؤيتها.

الاستراتيجيات الفعالة ضرورية للمنظمات الحكومية لعدة أسباب.

أولا: فهي تمكن هذه الكيانات من مواءمة أعمالها مع أهدافها العامة، مما يضمن التماسك عبر مختلف الإدارات أو الوكالات.

ثانيا: تساعد الاستراتيجيات في إدارة الموارد المحدودة من خلال تحديد أولويات المبادرات الرئيسية بناء على أهميتها وتأثيرها المحتمل.

ثالثا: الاستراتيجيات المصممة جيدا تعمل أيضا على تعزيز المساءلة داخل هذه المنظمات من خلال إنشاء مقاييس أداء واضحة يمكن قياس التقدم على أساسها.

أهمية تطوير الاستراتيجيات في المنظمات الحكومية

يعد تطوير استراتيجيات فعالة أمرا ضروريا للمؤسسات الحكومية لأنه يسمح لها بالاستجابة بشكل استباقي للاحتياجات والتحديات المجتمعية المتطورة. ومن خلال تحديد الأولويات الإستراتيجية و يمكن لهذه المنظمات تخصيص الموارد بشكل فعال نحو المجالات التي تتطلب اهتماما فوريا أو التي لديها إمكانات عالية لإحداث تأثير إيجابي.
علاوة على ذلك، فإن تطوير الإستراتيجية يمكن المؤسسات الحكومية من الاستفادة من الفرص الناشئة مع تقليل المخاطر المرتبطة بعدم اليقين أو الظروف المتغيرة وتساعد الإستراتيجية الشاملة على مواءمة مختلف أصحاب المصلحة نحو هدف مشترك، وتسهيل التعاون بين الإدارات أو الوكالات داخل المنظمة.

أساليب تطوير الاستراتيجيات في المنظمات الحكومية

هناك أساليب مختلفة متاحة لتطوير الاستراتيجيات في المنظمات الحكومية:
1- النهج من أعلى إلى أسفل: يتضمن هذا الأسلوب قيام القيادة العليا بتحديد التوجهات الإستراتيجية التي يتم بعد ذلك توزيعها عبر المستويات المختلفة داخل المنظمة.
مزايا:
- يقدم توجيهات واضحة من الإدارة العليا.
- يسهل التنسيق والمواءمة بين الإدارات أو الوكالات المختلفة.

سلبيات:
- قد لا يستوعب بشكل كامل رؤى وخبرات الموظفين ذوي المستوى الأدنى.
- محدودية المرونة في التكيف مع الظروف المتغيرة.

2- النهج التصاعدي: في هذا الأسلوب، يتم تطوير الاستراتيجيات من خلال إشراك الموظفين على جميع مستويات المنظمة ويشجع هذا النهج على المشاركة النشطة والابتكار والشعور بالملكية بين الموظفين.
مزايا:
- يستخدم المعرفة ووجهات النظر المتنوعة للموظفين.
- يعزز مشاركة الموظفين والالتزام بتنفيذ الاستراتيجية.

سلبيات:
- قد يؤدي إلى استراتيجيات مجزأة أو متعارضة إذا لم يتم تنسيقها بشكل صحيح.
- يتطلب قنوات اتصال فعالة لضمان التوافق مع الأهداف التنظيمية.

3- النهج الهجين: يجمع هذا الأسلوب بين عناصر من النهج من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى، مما يسمح بعملية تطوير استراتيجية تعاونية وهو ينطوي على التماس مدخلات من مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك الموظفين والمواطنين والخبراء الخارجيين.
مزايا:
- يدمج وجهات نظر متنوعة مع الحفاظ على التماسك الاستراتيجي.
- زيادة القبول بسبب مشاركتهم في عملية صنع القرار.

سلبيات:
- يمكن أن تستغرق وقتا طويلا وتستهلك الكثير من الموارد إذا لم تتم إدارتها بشكل فعال.
- يتطلب مهارات قيادية قوية للتنقل بين الصراعات أو الخلافات المحتملة.


مراحل تطوير الاستراتيجيات التنظيمية الحكومية

يتضمن تطوير الاستراتيجيات في المنظمات الحكومية عادة عدة مراحل:
1- التحليل البيئي: تركز هذه المرحلة على فهم العوامل الداخلية والخارجية التي قد تؤثر على قدرة المنظمة على تحقيق أهدافها. ويشمل تقييم التحليل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي ، بالإضافة إلى تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات (SWOT).

2- تحديد الأهداف: بناء على نتائج التحليل البيئي، يتم تحديد أهداف محددة تتوافق مع مهمة المنظمة ورؤيتها. وينبغي أن تكون هذه الأهداف قابلة للقياس، وواقعية، ولكنها تتسم بالتحدي بدرجة كافية لإلهام العمل.

3- صياغة الإستراتيجية: في هذه المرحلة يتم تحديد الخيارات الإستراتيجية بناء على تقييم الموارد والقدرات المتاحة.