27-09-2023 08:43 AM
سرايا - تناول المحاضر في شؤون الأمن والسياسة الخارجية في جامعة لندن أندرو باين، السيناريوهات التي ستتركها السنة الانتخابية المقبلة في الولايات المتحدة على مسار الحرب في أوكرانيا.
كانت حروب أمريكا في كوريا، وفيتنام، والعراق مليئة بالأمثلة على تقويض النفوذ الرئاسي بفعل المناخ السياسي الداخلي.
وكتب في صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، أن البيت الأبيض كافأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مهمته الدبلوماسية الأخيرة إلى واشنطن بإعلان حزمة عسكرية جديدة توفر قدرات دفاعية جوية كبيرة، إلى جانب عدد صغير من الصواريخ طويلة المدى المعروفة، اختصاراً باسم أتاكمس.
لكن معارضة الجمهوريين لطلب الإدارة الحصول على مساعدة إضافية بـ 24 مليار دولار ألقت بظلال من الشك على قدرة الرئيس الأمريكي جو بايدن على تقديم ضمانات بدعم طويل المدى لأوكرانيا. وتسلط هذه الحادثة الضوء على الإمكانات المعيقة للكونغرس في السياسة الخارجية.
تهديد حقيقي
تقليدياً، يُعتقد أن الرؤساء يتمتعون بحرية نسبية في شؤون الحرب والسلام. وصحيح أن السلطة التشريعية كانت مترددة في السنوات الأخيرة ضد ممارسة مسؤولياتها الرقابية الرسمية في هذا المجال. لكن في بيئة سياسية متزايدة الاستقطاب، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، تبدو الحرب في أوكرانيا قضية مهمة في الحملة الانتخابية، وثمة الآن تهديد حقيقي بأن يستخدم المعارضون في الكونغرس سلطتهم لإحباط سياسات الإدارة. وهذا مجرد عنصر واحد من قصة أوسع بكثير.
كان المؤرخون يميلون إلى تأكيد المصلحة الوطنية والآيديولوجية وتأثير مجموعات المصالح مثل صناعات النفط، والدفاع، عند دراسة دوافع التدخل الأمريكي. من الناحية العملية، شكلت الاعتبارات السياسية المحلية منذ فترة طويلة الطريقة التي تعامل بها الرؤساء مع الحروب الخارجية. يحتوي هذا السجل الذي يمتد عقوداً على أصداء لما يحدث اليوم ويعطي أدلة على الكيفية التي يُحتمل أن تتطور بها الأمور.
السيناريو الأول
بطبيعة الحال، فإن الملامح الدقيقة للنقاش ستتطور أيضاً استجابة للتطورات في ساحة المعركة. على افتراض أن الجمود الحالي سيستمر بشكل ما، فمن المرجح أن تزيد حدة الدينامية الحالية، حيث تعتمد قوة المعارضة في الكونغرس على توازن القوى بين الفصائل المتنافسة في الحزب الجمهوري. وهذه ليست المرة الأولى التي تشكل فيها هذه التيارات السياسية مسار انخراط الولايات المتحدة في الصراعات الخارجية.
خلال الحرب الكورية، بدأ الإجماع المبكر بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي على دعم المساعدة العسكرية في الانهيار بمرور الوقت، كما يشهد المراقبون الآن للصراع في أوكرانيا. ثم ساهمت المعركة بين الفصائل التدخلية والانعزالية داخل الحزب الجمهوري في اتخاذ الرئيس هاري ترومان قراراً بتصعيد الحرب في كوريا خوفاً من الظهور بمظهر الضعيف في الرد على العدوان المدعوم من الكرملين.
قبضة قوية
اليوم، خلافاً لما حدث في خمسينات القرن الماضي، فإن الذين يشككون في التزامات أمريكا الخارجية هم الذين يشكلون التيار الصاعد. وفي الوقت الحالي، يبدو بايدن واثقاً أن القادة الجمهوريين في الكونغرس سيؤيدون الطلب المعلق للحصول على مساعدات إضافية لأوكرانيا. لكن مع تعرض رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي لهجوم متجدد من الجناح اليميني في حزبه، ليس هناك ما يضمن صمود هذا التحالف التشريعي الهش.
وتجلى ذلك بشكل أكبر في المناظرة التمهيدية الأخيرة للحزب الجمهوري والتي شكك فيها المرشحان البارزان لمنصب الرئيس، رون ديسانتيس، وفيفيك راماسوامي، في الحاجة إلى استمرار المساعدة الأمنية لأوكرانيا. وتحدى هذه المواقف آخرون على مسرح المناظرة. لكنها تعكس قوة قبضة الرئيس السابق دونالد ترامب على الحزب. حتى داخل حزب بايدن، ثمة أصوات تقدمية كثيرة لا تزال غير مرتاحة لفكرة الدعم المفتوح لأوكرانيا.
خيارات بايدن
يمكن لهذه الديناميات أن توفر حوافز لبايدن ليتبع خطى رؤساء آخرين استجابوا لضغوط مماثلة بتأخير أو تخفيف الالتزامات في الحروب الخارجية. على سبيل المثال، رفض ليندون جونسون مراراً المقترحات لتصعيد التدخل الأمريكي في فيتنام إلى ما بعد انتخابات 1964. وبدل ذلك، سمح الرئيس بعمليات سرية وغيرها من الأعمال "التي يمكن التنصل منها"، ليس لأنه يعتقد أنها قد تغير مسار الحرب، ولكن لأنها قد تكون كافية لإبقاء العدو في اضطراب بطريقة تجتذب مقداراً أقل من الجدل السياسي في الداخل.
بطبيعة الحال، تابع الكاتب، فإن الولايات المتحدة بعيدة بعض الشيء عن المناقشات حول إرسال قوات أمريكية مقاتلة إلى أوكرانيا. ولكن في ظل مجموعة مماثلة من الضغوط، قد يسعى بايدن إلى تأخير الطلبات في المستقبل للحصول على تمويل إضافي، أو يطلب أقل مما يعتقد أنه ضروري، أو يختار تبني أدوات سياسية بديلة لمحاولة تجنب خلاف ضار مع الكونغرس من شأنه أن يزيد تآكل رأسماله السياسي.
السيناريو الثاني..النجاح الكارثي
يمكن أن تتغير الأمور بسرعة في السياسة والحرب. إذا حققت أوكرانيا تقدماً كبيراً في ساحة المعركة مثلاً، فقد تتحول الرياح السياسية لصالح سياسة أمريكية أكثر هجومية، لدحر النفوذ الروسي، وتؤدي إلى نتائج متقلبة، وربما بالغة الخطورة. أقرب تشبيه لهذا السيناريو الذي يمكن تسميته بـ"النجاح الكارثي" كان في حرب الخليج، فبعدها، واجه جورج بوش الأب ضغوطاً شديدة للاستفادة من طرد القوات العراقية من الكويت بالسعي إلى إزالة صدام حسين. إذا حققت القوات الأوكرانية إنجازاً مماثلاً، فقد يصعب سياسياً على بايدن مقاومة الضغوط لتأييد التوسيع اللاحق لأهداف الصراع.
ترامب والاتفاق النووي
حسب الكاتب، ليس مستبعداً أيضاً من الآن وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أن يظهر سيناريو تشارك فيه روسيا وأوكرانيا في مفاوضات لحل الصراع. في ظل ظروف مماثلة، فإن إن قدرة بايدن على المشاركة بشكل بناء في المحادثات ستتعرض للعرقلة بسبب القيود التي تفرضها سنة الانتخابات.
كانت حروب أمريكا في كوريا، وفيتنام، والعراق مليئة بالأمثلة على تقويض النفوذ الرئاسي بفعل المناخ السياسي الداخلي. مهما كان النهج الذي قد يتبناه بايدن، فمن المؤكد أنه سيستخدم سلاحاً من قبل خصومه السياسيين.
زعم ترامب أنه قادر على إبرام صفقة بين زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في غضون 24 ساعة. مع اقتراب يوم الانتخابات، لا يستغرب أن يتوقف ترامب عن اعتبار الاتفاق النووي مع إيران "أسوأ اتفاق على الإطلاق".
تتبقى رؤية كيف ستشكل هذه الاعتبارات بالضبط قرارات بايدن في المستقبل حول أوكرانيا. لكن التاريخ، وفق الكاتب، يشير إلى أن السياسة في واشنطن، ستلوح إلى حد كبير باعتبارها قيداً على ما هو قادر ومستعد لتقديمه في المرة المقبلة التي يتصل فيها الرئيس زيلينسكي، به.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-09-2023 08:43 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |