28-09-2023 08:37 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
لقد ترك الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، إرثاً أدبياً غنياً، وأسس بثقافته الواسعة للمشهد الثقافي الأردني، في بداياته.
لقد شارك الملك المؤسس في زمانه المثقفين، وكانت له دوماً معهم مراسلات، ومساجلات، وربطته بهم علاقات أدبية، بينها: مقال حمل عنوان «نريد أدباء عرب في ألسنتهم وأقلامهم».
هذا المقال، نشر في 11 شباط 1937م، ُنشر تحت عدة عناوين بالصحافة الأردنية والفلسطينية، وبينها عنوان: بحث أدبي جليل يخص به صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله المعظم جريدة فلسطين.
وتقول الجريدة، إن هذا المقال الأدبي هو قطعة أدبية من البحث العلمي الرائع، تفضل به علينا صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله، ويقول سكرتير تحرير الجريدة، يوسف حنا بوصف الملك المؤسس، وهو خير من عرفت، دقة ملاحظة وعمق تفكير وسعة إطلاع وقوة تدليل، وبراعة أسلوب، بشرح رأيه وهو الرأي الناضج من مدرستي الأدب القديمة والحديثة.
ويضيف: «وسمو الأمير على علو المكانة الرفيعة التي يحتلها بين العرب، بصفته سليل الدوحة النبوية الطاهرة، وعميد
العائلة الهاشمية، وريث النهضة العربية، ويمتاز بكونه أديبا عبقريا وشاعرًا مجيدًا وبحاثة مدققًا.
ويمضي المقال شارحًا منافع الأدب العربي، «والأدب العربي كما هو معلوم، أجود ما كان أميًا، في الأسلوب والديباجة والوصف بحيث يتغلغل في النفس، فيصور المقال ويشرح التباينات المناخية وتأثيرها على الأدباء العرب، ويقدم خلاله الملك المؤسس رؤية لما تميز به الأدب العربي في زمانه بالقول: إن ما يعتني به أدباء الوقت الحاضر من التحليل الروحي أو التصوير الشخصي أو النقد لشاعرٍ قديم أو أديب غابر كما فعل الأستاذ العقاد عن ابن الرومي، إن هو إلا عمل مجيد يسوق الناس إلى علم ما جهلوه، ويريهم الفرق بين رجال العصور السابقة والحاضرة. وذلك تعليقاً على بحث للعقاد نشره عن ابن الرومي.
واللافت في المقال، هو دعوة الملك المؤسس إلى الإقبال على اللغة الفصحى، مع إدراك الاختلافات التي شابت الأدب القديم عن الجديد بقوله «غير أننا لا نميل إلى مطالعة الشعر الجديد غير الموزون وغير المقفى كما هو.. «ثم إنه لا يخفى أن العروة الوثقى التي تصل بين العرب إنما هي لغتهم الشريفة، التي صابرت الأيام وطاولت الدهر، وإنه لمن البر بها أن نعمل على تطهيرها من الشوائب، وأن نأتي بها في قالبها المحكم، فتبقى سبباً موصولاً بيننا وبين الأجداد وما تفتقت عليه أذهانهم، وجرت به ألسنتهم ونقي خواطرهم». ويدعو الملك المؤسس في مقاله، إلى الإقبال على استخدام اللغة العربية الفصحى، بقوله «وإنه لاحجر على الفكر ولا عليه أن يصول أو يجول كيف شاء واستطاع، وإنما نود أن يرفل في ثوبه العربي القشيب، فلا عدوان على اللغة ولا عقوق لأسلوبها ولا جحود لديباجتها».
هذه الصيغة الرفيعة للملك المؤسس من بين ثنايا ما كتبه، ختمها الملك المؤسس بالدعوة إلى «العناية باللغة، والنزول عند أحكامها.. ونحث الناس على أن يكونوا عرباً في ألسنتهم وأقلامهم وأن يقتبسوا ما شاءوا من رأي وفكر».
إنّ هذا المقال، هو واحد من تعابيرٍ المشهد الثقافي في بلدنا والتي أسس لها مليكنا المؤسس، وبقي إرثها حاضراً حتى اليوم، وهو وعي باكر أسس لوطنٍ أدرك قيمة الإنسان والفكر، وضرورة العناية بالأدب، والعلم.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-09-2023 08:37 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |