30-09-2023 10:56 AM
بقلم : حسن محمد الزبن
فيما يخصُ أوراقَ استقالةٍ النائبينِ الذي وحسبِ الخبرِ الصحفيِ في أحدِ المواقعِ الإخباريةِ قدْ أكدَ في 25 / 9 / 2023 م ، الموافقَ يومُ الإثنينِ أنهُ منْ مصدرٍ مطلعٍ في مجلسِ النوابِ ما يفيدُ على استقالةِ النائبِ عمرْ العياصرة والنائبِ أبيِ صعليكْ وأنهما فعلاً قدما استقالتهما منْ مجلسِ النوابِ تمهيدا لدخولهما في التعديلِ الوزاريِ الجديدِ . وإذا كانَ البعضُ غيرُ معنيٍ بما يجري منْ تعديلاتٍ على طاقمِ الحكومةِ ، أوْ منْ يدخلُ أوْ يخرجُ ، فهذا لهُ أسبابٌ خارجةٌ عنْ إرادةِ الشعبِ وظروفهِ المتلاحقةِ ، لكنَ الضرورةَ تستدعي التوقفَ عندَ فجوةٍ قدْ تشكلُ فراغ دستوريٍ لا يمكنُ أنْ يكونَ مكشوفا للعامةِ منْ الشعبِ ، وليسَ فيهِ شفافيةٌ ، يفضي لخفايا لا يمكنُ أنْ يعلمها إلا منْ يعملُ في مكتبِ الرئيسِ أوْ المكتبِ التنفيذيِ في مجلسِ النوابِ ، وننظرُ بأهميةٍ وشفافيةٍ لصدقِ أيِ روايةٍ تصدرُ منْ مسؤولٍ في موقعِ المسئوليةِ ومؤتمنٍ على الواجباتِ والإخلاصِ لها منْ منطلقٍ وطنيٍ ، وحرصَ على حقوقِ الآخرينَ .
نحنُ هنا أمامَ نقطةٍ يجبُ التوقفُ عندها في التعديلاتِ الدستوريةِ الجديدةِ التي جرتْ مؤخرا ، والرجوعُ عنها وتعديلها ، كونهُ قدْ أقرَ فيها أنهُ لمْ يعدْ عندَ استقالةِ أيِ نائبِ ضرورةٍ لموافقةِ أوْ تصويتِ المجلسِ عليها وتعتبرُ نافذةٌ منْ لحظةِ تسليمها لرئيسِ المجلسِ أوْ المكتبِ التنفيذيِ .
ما بينَ التأكيدِ وعدمِ التأكيدِ على استقالةٍ غيرِ معلنٍ عنها ويكتنفها السريةَ والغموضَ ، وامتعاضَ رئيسِ الحكومةِ منْ تسريبِ اسمِ النائبينِ عنْ نيتهِ إدخالهما تعديلَ الحكومةِ ، وهذا بالأصلِ أنَ لا يكونُ ما دامَ الأمرُ شأنا عاما ، إلا أنَ ما لمْ يحسبْ حسابهُ تلكَ التناقضاتِ في المشهدِ العامِ وتلكَ التصريحاتُ حينما جاءتْ على سجيتها وبصدقِ يومِ 25 / 9 / 2023 م والتي كانتْ قريبةً بساعاتٍ منْ لحظةِ أداءِ القسمِ أمامَ الملكِ ظهرَ يومِ 26 / 9 / 2023 م ، وتأكيدَ أصحابِ المعاليَ الدكتورُ مهندْ مبيضينِ ومعالي نادي الروابدة أنهما أبلغا بتعيينهمْ وزيرينِ قبلَ 45 دقيقةٍ منْ أداءِ القسمِ أمامَ الملكِ ، ما يعني أنَ الأمورَ كانَ فيها استعجالٌ لا أعرفُ مبرراتهُ وكانَ يمكنُ تأخيرَ التعديلِ يوما آخرَ لتجريَ الأمورَ بأريحيةٍ وهدوءٍ دونَ إرباكِ لأيِ طرفٍ .
ففي الوقتِ الذي تمَ التعتيمُ على أمرِ الاستقالةِ للنائبينَ ، وظلتْ رهينةً لما يستجدُ أوْ يحصلُ منْ تأكيداتِ التعديلِ ، وقيلَ فيما بعدُ التأكدِ بعدمِ دخولهما التعديلِ في الحكومةِ وأنهما لمْ يقدما استقالتهما ، والمتأملَ لهذهِ الروايةِ يدركُ أنَ تكتيكا إداريا وقرارا متفقا عليهِ أنَ الاستقالةَ تكونُ جاهزةً وتقدمَ لرئيسِ مجلسِ النوابِ عندَ أخذِ الإشارةِ بالضوءِ الأخضرِ منْ رئيسِ الحكومةِ بالموافقةِ على التوزيرِ .
وبحسبَ الروايةِ الرسميةِ كانَ هذا الإجراءِ لتقليلِ الكلفةِ السياسيةِ وعدمِ تضررِ النائبينِ بكلفةٍ أعلى لقرارٍ مفاجئٍ بعدمِ التوزيرِ ، وهوَ خروجهمْ منْ موقعهما في مجلسِ النوابِ قبل سنةٍ منْ انتهاءِ عمرْ مجلسُ النوابِ وتجنبِ إحلالِ نائبينَ آخرينَ منْ الدوائرِ الانتخابيةِ لمنْ لهما استحقاقُ بملءِ الفراغِ لمقعدينِ شاغرينِ حسمها عددَ الأصواتِ حسبَ فرزِ الدوائرِ الانتخابيةِ التابعةِ لأيٍ منْ النائبينِ المستقيلينَ منْ المجلسِ امتثالاً للدستورِ في المادةِ ( 88 ) التي جاءَ نصها : ( إذا شغرَ محلُ أحدِ أعضاءِ مجلسيْ الأعيانِ والنوابِ بالوفاةِ أوْ الاستقالةِ أوْ غيرِ ذلكَ منْ الأسبابِ باستثناءِ منْ صدرَ بحقهِ قرار قضائيٍ بإبطالِ صحةِ نيابتهِ ، يملأَ محلهُ إنَ كانَ عينا بطريقِ التعيينِ منْ الملكِ ، وإذا كانَ نائبٌ يقومُ المجلسُ بإشعارِ الهيئةِ المستقلةِ خلالَ ثلاثينَ يوما منْ شغورِ محلِ العضوِ ويملأُ محلهُ وفقَ أحكامِ قانونِ الانتخابِ خلالَ ستينَ يوما منْ تاريخِ الإشعارِ بشغورِ المحلِ وتدومُ عضويةُ العضوِ الجديدِ إلى نهايةِ مدةِ المجلسِ ).
وجاءَ لاحقا تصريحَ رئيسِ مجلسِ النوابِ وكشفَ لنفسِ المصدرِ الإخباريِ في يومِ 26 / 9 / 2023 م ، أيْ نفسَ اليومِ الذي جرى فيهِ التعديلُ أنَ رئيسَ الوزراءِ صرفَ النظرِ عنْ توزيرِ النائبينِ وأكدَ أنهما لمْ يتقدما باستقالتهما للمجلسِ وأنهُ منْ المفترضِ أنَ تقدمَ الاستقالةِ يومَ الإثنينِ الموافقِ 25 / 9 / 2023 م ، إلا أنهُ تمَ تأجيلها ليومِ الثلاثاءِ بسببِ الشعورِ بعدمِ نجاحِ دخولهما الحكومةَ ، وتحسبا لخسارةِ الموقعينَ في حالِ تبدلِ الموقفِ ، وهوَ ما جرى فعلاً وهوَ يعني بذلكَ عدمَ التوزيرِ .
معَ أنهُ قيلَ إنَ النائبينِ قدما الاستقالةُ وتمَ الرجوعُ عنْ ذلكَ لاحقا ، فمنْ الأهميةِ قطعَ الشكُ باليقينِ في الروايةِ الرسميةِ المحاطةِ بالشفافيةِ التي يتطلعُ إليها الجميعُ ، وعلى المشرعِ إعادةَ النظرِ في موضوعِ استقالةِ النوابِ وأنَ لا يكتفي بتقديمها للرئيسِ أوْ المكتبِ التنفيذيِ في المجلسِ دونَ التصويتِ عليها منْ أعضاءِ المجلسِ ، وبالمقابلِ يجبُ إعادةَ النظرِ فيما يخصُ العينُ عندَ استقالتهِ منْ مجلسِ الأعيانِ لأنَ الدستورَ لمْ يوضحْ رأيهُ في الاستقالةِ إنَ كانتْ تعتبرُ نافذةٌ بمجردِ تقديمها لرئيسِ مجلسِ الأعيانِ ، كما هوَ موضحٌ صراحةً للنائبِ ، وأنا هنا أرى ضرورةٌ لإعادةِ النظرِ بأنْ تكونَ الاستقالةُ مصادقا عليها منْ الملكِ أوْ نائبِ الملكَ إذا كانَ خارجَ البلادِ ولا تعتبرُ نافذةٌ إلا إذا وشحتْ بإرادتهِ الساميةَ .
إذنُ الأصلِ أنْ يكونَ لكلا المجلسينِ النوابَ والأعيانَ في مظلةِ مجلسِ الأمةِ كبرلمانٍ أردنيٍ عتيدٍ في الوسطِ العربيِ والدوليِ أنْ يوحدَ الإجراءاتِ والمعاييرَ فيما يخصُ استقالاتِ النوابِ والأعيانِ على حدٍ سواءٍ ، فهذا مجلسُ الشعبِ وذاكَ مجلسُ الملكِ ، وكلاهما تحت مظلةِ مجلسِ الأمةِ ، فلماذا لا يصوتُ على استقالةِ النائبِ والعينِ ، فيظهرُ للعلنِ موضوعَ الاستقالةِ ، والأصلُ في القانونِ السابقِ كانَ التصويتُ ، وكانَ حينها الأمرَ واضحا أبلج كسطوعِ الشمس في وضحِ النهارِ للرأي العامِ ، فلماذا تمَ التراجعُ عنهُ معَ أنهُ أكثرُ شفافيةٍ ولا يخضعُ لمزاجيةِ التكتيكِ الإداريِ حتى لا يثارُ التشكيكُ والتأويلُ .
المتتبعُ للأحداثِ في الساعاتِ الأخيرةِ للتعديلِ 7 على الحكومةِ وما جرى في أروقةِ الدوارِ الرابعِ وأروقةِ العبدليّ ، يدركَ أنَ هناكَ ضرورةٌ لمراجعةِ قانونِ التصويتِ على استقالةِ النوابِ والأعيانِ لما لهُ منْ ضرورةٍ ملحةٍ لنفيِ وجلاءِ المخفيِ باليقينِ ، ونعززُ ذلكَ منْ خلالِ نصوصِ القانونِ والدستورِ.
فالاستقالةُ لها استحقاقٌ قانونيٌ ودستوريٌ ، ونتساءلُ لماذا لمْ يسعفنا أصحابُ القرارِ أنْ نقرأَ السطورمعهمْ علنا ، ونشاركهمْ ما بينَ أيديهمْ بعيدا عنْ الغموضِ ، وأتمنى على أهلِ الخبرةِ في الفقهِ القانونيِ والدستوريِ اطلاعَ الرأيِ العامِ على رأيهمْ في المادةِ ( 72 ) منْ الدستورِ والتي جاءَ فيها : (يجوزَ لأيِ عضوِ منْ أعضاءِ مجلسِ النوابِ أنْ يستقيلَ بكتابٍ يقدمهُ إلى رئيسِ المجلسِ وتعتبرُ الاستقالةُ نافذةً منْ تاريخِ تقديمها ) ، لتعمّ الفائدةُ ويقدمونَ توصياتهمْ لتعديلِ القانونِ ليكونَ ملزما التصويتَ على الاستقالةِ لأيِ نائبٍ أوْ عينٍ يستقيلُ منْ منصبهِ .
وحمى اللهُ الأردنُ ،
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-09-2023 10:56 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |