04-10-2023 09:56 AM
سرايا - الإيمان بأن الله قد فضلك على شخص آخر في شيء معين نتيجة لمنة منه وليس بسبب جهودك الشخصية، هو تعبير عن الإدراك بأن جميع ما نملك من مواهب وقدرات هي في الأصل نعم من الله، وهذا الإيمان يدعو إلى الشكر والتواضع وليس التكبر.
التكبر في الإسلام يتم تعريفه بأن يرى الإنسان نفسه أفضل من الآخرين ويتعالى عليهم، نلحظ ذلك في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من خردل من كبر)، وعندما سئل عن الكبر، أجاب: (الكبر بطر الحق وغمط الناس)، أي رفض الحق واحتقار الناس.
إذا كنت تعتقد أنك أفضل من شخص آخر في شيء معين، ولكنك لا تتعالى عليه ولا تحتقره، وتساعده بدلاً من ذلك، فهذا يشير إلى التواضع وليس التكبر. التواضع يعني أن تقدر وتعترف بالنعم التي أنعم الله عليك بها، ولكن دون أن تحتقر الآخرين أو تظلمهم.
لذلك، الإيمان بأن الله قد فضلك بنعمة معينة ليس بحد ذاته تكبرًا، المفتاح هو كيف تتعامل مع هذه النعمة، وكيف تتعامل مع الآخرين بناءً عليها، إذا كنت دائم الشكر والتواضع وتساعد الآخرين، فهذا يشير إلى النضج العقلي والإيماني لديك.
لا شك أن جهاد النية من أعظم الأمور في مجاهدة النفس، ولذلك قال بعضهم: الإخلاص ألا ترى الإخلاص، وكذلك هنا، فإخلاصك لله تعالى في هذه القضية، ومحاولة تمحيص النية عن التكبر هي مجاهدة عظيمة، وطالما أنت متخوف من الكبر فأنت على خير -بإذن الله-.
وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد عن معقل بن يسار -رضي الله عنه-: أن النبي ﷺ قال: (يا أبا بكرٍ، لَلشِّركُ فيكم أخْفى من دبيبِ النَّملِ والذي نفسي بيدِه، لَلشِّركُ أخْفى من دَبيبِ النَّملِ، ألا أدُلُّك على شيءٍ إذا فعلتَه ذهب عنك قليلهُ وكثيرهُ؟ قل: اللهم إني أعوذُ بك أن أشرِكَ بك وأنا أعلمُ، وأستغفِرُك لما لا أَعلمُ)، فيمكنك الاستفادة من هذا الدعاء والمحافظة عليه.