07-10-2023 11:28 AM
بقلم : الدكتور صبري ربيحات
اخي ابو سليمان ،
اعرف حجم الألم الذي حاصرك في السنوات الأخيرة، واعرف ثقل المعاناة على قلبك النظيف.اعرف شجاعتك وحزمك و قدرتك على التجمل بالصبر وانت تواجه محنة المرض الذي الزمك الفراش وحد من رغبتك في التفاعل مع كل ما يجري، اعرف انك لا تستحسن نظرات الاشفاق التي يبديها البعض في زيارتهم لدارتك وعند السؤال عن صحتك . واعرف الأثر الذي حفره فقدان سليمان على روحك الحرة النبيلة.فهو ابنك الوحيد الذي قضى بعيدا عنك واعرف كيف يمكن ان يشعر رجلا مقداما عندما لا يستطيع أن يقف على قبر فلذة الكبد ويأخذ العزاء ويشرف على مراسيم توديعه وهو يغادر الدنيا ..
اخي ابو سليمان....
اعرف ان المرض اتعبك واعرف ان ملازمة الفراش لا تليق بك واعرف ان قلبك الحي النبيل كان رافضا لهذا الروتين القاتل والتعليمات الطبية المشددة ....
اعرف ان قلبك كان معنا ،فقد كنت حريصا على تتبع الاخبار والاستفسار عن التفاصيل وكان خيالك يطوف البلاد التي احببت وكنت مشدودا الى كل ما يدور على ارضنا الخيرة من احداث تتابع تفاصيلها من على سرير غرفتك وتتمنى لو تسعفك قدماك لتنهض من هذا الفراش المسيج لتشارك الناس مناسباتهم كما كنت تفعل دائما.
دولة الاخ
نعرف ان الانسان منا لا يحقق كل ما يصبو اليه فهناك المعوقات الطبيعية والمصطنعة وهناك القوى والمصالح المتضاربة لكني وكاحد ابناء هذا التراب ومن الذين يخالطون الناس ويعرفون نبضهم اقول لك يا صديقي بان غالبية اهلك في الاردن قد احبوك وتشكلت لديهم قناعة بانك اعطيت لوطنك افضل ما لديك واحببتهم بكل جوارحك ويتذكرون انك افصحت مرارا عن انحيازك للفقراء وتعاطيت مع الراعي والمزارع والجندي والعامل وذكرتنا بأن على الدولة ان تفسح في هياكلها مكانا لابناء الحراثين.
صديقي ابو سليمان...
على الصعيد الشخصي سافتقد حضورك كثيرا بالرغم اني لم أراك في الأسابيع الاخيرة التي اكتفينا خلالها بالمكالمات الهاتفية ..وسأظل ممسكا على إخوتنا وصداقتنا التي ما تبدلت مع تبدل الأيام...ساظل اتذكرك رجلا صادقا وفيا كريما انيقا دافىء اللسان مهذبا لا تذكر عيوب الناس ولا تجرح كرامتهم.
اخي الاعز....
أذكر يوم هاتفتني وانا في جولة عمل في افريقيا لتشرفني بالانضمام الى فريق حكومتك التي عهد لك جلالة الملك بتشكيلها. واذكر المحادثة التي جرت بيننا حول الاصلاح والتنمية السياسية وساحات الحرية واذكر كيف انبهرت ببراعتك في إدارة أعمال مجلس الوزراء فقد كنت دقيقا في الطرح منظما في ادارة الوقت لطيف في التعامل مع الفريق منصفا .كانت توجيهاتك ان نتوخى العدالة في التعيين وان نستمع الى الناس .
ابو سليمان...
كم كنت تشبه الاردن في كل شيء تتحدث لغتهم وتعرف معاناتهم وتروي قصصهم كنت تفصيلي حد الحرف تصححنا في التواريخ والاسماء والاحداث. كانت لك ذاكرة فوتوغرافية تحمل كل التفاصيل حتى متناهية الدقة منها. كنت يا صديقي تدرك الاثار المستقبلية للخصخصة وتوالد المجالس والهيئات على الطبقة الفقيرة ...
سيذكرك المتقاعدون العسكريون انك اخر الرؤساء الذين اقروا اعفاءات لهم لشراء سيارات خاصة وسيذكرك القطاع العام بانك الذي وجه بتعديل هياكل الوظائف وسلم الرواتب والعلاوات في القطاع العام وكانت الاخيرة .
اخي ابو سليمان...
لقد كنت ابن الاردن كل الاردن وانا على يقين ان رحيلك حدث يشعر به الجميع لكن عزائنا ان تركت للاردن ارثا طيبا وسيرة عطرة تجسد معاني وقيم الخدمة الطويلة المخلصة بامانة وكفاءة واقتدار.
الرحمة لروحك والعزاء لكريماتك سوزان ورشا والسيدة ام سليمان والى الاخ عارف والاشقاء والشقيقات والى اهلنا ال البخيت الكرام