09-10-2023 11:25 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
في مطلع تشرين الأول عام 1918م، وقبل أزيد من مئة عام، دخل الملك فيصل بن الحسين إلى دمشق حاملا في ذلك الزمن مشروعا عربيا نهض من صميم حلم الإنسان العربي.
في تلك اللحظة التاريخية بين انحدار امبراطورية ونهوض أمة، كان المسرح السياسي في المشرق العربي يشهد أحداثاً لا تقل بأهميتها عن ما يجري اليوم في المنطقة، من صراعٍ بين حقوق أناسها والقادمين إليها.
ونقرأ من تلك الأحداث ما عبر عنه " جيش فيصل" الذي كان يمر من الأردن شمالاً ووجهته دمشق قبل نحو مئة عام لتأسيس دولة على صغر عمرها (عامان) إلا أنها لربما وجب أن توصف بأندلسٍ ثانية، لكونها جاءت عروبية خالصة، ولأنها كانت تعبيراً صادقاً عن الوجدان العربي.
فدولة فيصل العربية التي تأسست مطلع تشرين الأول من عام 1918 لم تشكلها الظروف بقدر ما شكلتها الإرادة العربية، وهي درس وشاهدٍ على مقدرة المشرق العربي على التعبير عن ذاته.
وفي ذلك الزمان، حيث كانت القوى في هذا المشرق تتوزع جغرافياَ بين ثلاثة أقاليم: هي سوريا وثقلها التاريخي ورمزيتها، والعراق وثقله السكاني، والحجاز وثقله الديني، تشكلت حالة فريدة من نوعها وفرصة تاريخية أضاعها الانتداب وتآمر البعض لأجل أن ينعتق العرب من حالة التأرجح الحضاري التي عاشوها، ولكن سكة التاريخ لم تسر حسب مقتضى الحال ..!
وبالعودة إلى المملكة العربية السورية، التي هي جزء من تاريخ المنطقة، فإن هذه المملكة التي كانت أول دول الثورة العربية الكبرى، هي شاهد ووثيقة بيد العرب وفي ذاكرتهم على الوعي الذي يتآمر بعض كتبة التاريخ عليه بالتقليل من شأنها أو تجاوزه، رغم أنها حالة عربية خالصة.
فبين عامي (1918 و 1920) بنيت في سوريا دولة أذابت كل الفوارق والحواجز وحمل دستورها أرقى أنواع المؤسسية والحرية، وكادت تتشكل مملكة هي بشهادة وثائقها سواء في المؤتمر العام 1919 أو بأوراق لجنة "كنغ كراين" التي استفتت أهالي المنطقة ، هي مشروع نجح في تذويب أي فوارق طائفية أو دينية.
واليوم، ونحن نستحضر دولة فيصل بعد أكثر من مئة عام نعيد طرح الأسئلة التي ما زالت لليوم مفتوحة.. هل يصلح الأمر بخطاب غير خطاب الشرعية المتأصل من ثنائية القومية والدين التي عبر عنها الهاشميون؟
وما يستدعي اليوم الكتابة والاستحضار عن دولة فيصل ما تقرره اليوم بعض السياسات التي تحاول تسويق سوريا على أنها تتشكل من مجموعة من الشعوب، دون مراعاةٍ للتاريخ، والوجدان الذي أسست له مملكة سوريا التي تأسست على جغرافيا تتفق وواقع المنطق.
وهذا أمر يعبر عنه الأدوار التي خاضها رجالات وجيش هذه الدولة، برفضهم الإنذارات الفرنسية المتتالية، وصولا إلى معركة ميسلون، ومن ثم تشكيل حكومة في الأردن لاحقا تحمل خطاب النهضة، واستعادة الحلم العربي، أو الحق بتقرير المصير.
دولة فيصل.. بعد أكثر من مئة عام وفي سياق الحاضر بحاجة لأن نعيد قراءة سياقات تشكلها وبنائها من جديد في الوعي والذاكرة لكي تكون معيناً على تشكيل منعة من لأجيال يحاول البعض إخراجها وفصمها عن نموها الطبيعي!.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-10-2023 11:25 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |