11-10-2023 10:48 AM
بقلم : م. أنس معابرة
نصل اليوم إلى محطتنا الأخيرة في طريقنا للفوز بالمعارك، حيث تناولنا في المقالات السابقة قواعد مختلفة للفوز بالقتال، تنوعت بين الجاهزية، والسرعة، والروح القتالية، ومعرفة نقاط القوة والضعف، والليونة، والريادة والإبتكار، وتقليل الخسائر، والمنح في المحن، والمعارك حياتية، واليوم نتحدث عن الفوز الحقيقي.
إنه لمن الأنانية أن تقيس فوزك ونجاحك فيما حققته أنت فقط، بل إن الفوز الحقيقي في المعارك الحياتية يتلخص في مدى التأثير الذي ستتركه أفعالك وأقوالك، في مدى الإصلاح الذي ستحدثه في المجتمع المحيط بك، في عدد الناجين على يديك.
كان بإمكان سيدنا ونبينا محمد – عليه الصلاة والسلام – أن يكون أغنى الناس، وأكبر الملوك، ولكنه رضي بأن يكون خبزه كفافاً، وخرج من عند الغلام اليهودي وهو يقول: "الحمدُ للهِ الَّذي أنقَذه مِن النَّارِ"، فحمد الله – عز وجل – على إنجاز ساعد به غيره لعبور الطريق إلى الجنة.
وقوله – عليه السلام – لعليّ بن أبي طالب: "فواللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم"، فلم يذكره بكثرة التجارة والمال أو الصلاة أو الصيام، بل ذكره بفضل مساعدة غيره للوصول إلى هدفهم الديني أو الدنيوي.
يروي أحد رؤساء جنوب أفريقيا قصته فيقول: "أتممتُ المرحلة الثانوية، وبالكاد حصلت على قبول جامعي بإحدى الجامعات في فرنسا، وهي فرصة عمري، ولكنني لا أستطيع أن أترك أمي وأخواني دون مُعيل، فذهبت إلى بائع البقالة، وطلبت منه أن يُزود أهلي بالمواد الغذائية لحين عودتي، أخذ البائع بكلامي فقط، ووافق على ذلك دون شروط.
عدت بعد ثلاث سنوات، وتوجهت إلى بائع البقالة الذي أوفى بوعده، وطلبت منه تفاصيل حسابي لكي أسدده له في القريب العاجل، فقال البائع لي: لا عليك؛ بإمكانك تسديدي ديني من خلال مساعدة الآخرين كما ساعدتك أنا".
لم يدرَ هذا البائع البسيط - الذي ربما كان أمياً - أنه يصنع رجلاً سيقود البلاد لاحقاً، لم يدرَ أنه بعمله البسيط هذا؛ قد كتب تاريخ شعبه ووطنه في جنوب أفريقيا.
يقول سيد قطب – رحمه الله -: "إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً، ولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً".
إن حجم الإنجازات التي قمت بها في حياتك لا يمكن أن يقاس بعدد السيارات التي تملكها، أو بعدد المنازل التي اشتريتها، أو بمساحة الأرض التي تنتمي إليك، بل يكون حجم إنجازاتك وانتصارك في المعارك الحياتية، بحجم الخدمات التي قدمتها لأهلك وأمتك ووطنك ودينك، بحجم حملك للأمانة التي استُأمنت عليها، بقدر نجاحك في تربية أبناءك وتعليمهم، بقدر الإحسان إلى جيرانك ودعوتهم بالحسنى.
بقي إلى أن أشير إلى نقطة واحدة فقط؛ صحيح أنني كنت قد دعوت هذه القاعدة بالأخيرة، فهي ربما الأخيرة حسب تصنيفي وفهمي للموضوع، ولكن أرجو ألا تكون الأخيرة بالنسبة إليك.
تأكد بأنك تعلم القواعد المختلفة للفوز بالمعارك، ثم حاول أن تضع القواعد الخاصة بك، طبقها في جميع المعارك الحياتية التي تخوضها، وسيكون الإنتصار حلفك إن شاء الله.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-10-2023 10:48 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |