12-10-2023 09:44 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
وكأن المنطقة وصلت إلى مفترق طرقٍ جديد، بعد العملية الأخيرة في غزة، وما قبل السابع من تشرين الأول الجاري، ليس كما بعده، ويبدو أنّ الضربة التي تلقتها إسرائيل، أسست لمشهدٍ بالمنطقة، الجديد فيه هو أن تحذيرات الأردن على مدار سنوات تحققت.
منذ سنوات والأردن يستشعر التحولات بعمق في الضفة والقطاع، وعلى مستوى القضية الفلسطينية ككل، وفي كل المنابر كان جلالة الملك عبدالله الثاني يحذر من انزلاق المنطقة، إلى منعرجٍ جديد، بسبب صعود اليمين المتطرف في إسرائيل.
وفي غمرة انشغال العالم، بأوكرانيا وحربها، وتصعيد هذه القضية، من جديد تثبت المنطقة، منطقتنا، أن الحلول لا تجزأ عالمياً، وأن أيّ طرحٍ للعدالة على مستوى العالم، أو في أيّ خطابٍ وموقف غربيٍ، مهما كانت أولويته، لا يصلح إن قفز عن تحقيق العدالة لأقدم قضيةٍ في عصرنا، وهي القضية الفلسطينية.
المتابع للمشهد، يتأمل الانفعال والصدمة التي تلقتها إسرائيل، وهي بحجم ما جرى عام 1973م، ولكنها أعمق تأثيراً، لأنّ عنصر المباغتة ليس وحده ما توفر، بل وأيضاً، المواجهة التي استمرت لأكثر من 60 ساعة في الداخل المحتل، وما تزال المواجهات مستمرة، وإن سعت إسرائيل إلى إعادة التموضع، ونقل المعركة إلى القطاع.
نتنياهو وحكومته، وهم الفاعلون الذين خلقوا ردة الفعل هذه بتعديهم وانتهاكهم للأقصى، والتنكيل الذي مورس بحق الفلسطينيين، ليس في الضفة والقطاع وحسب، بل وحتى في الداخل، ما يزالون تحت تأثير الصدمة، والعلة أنهم ما يزالون يدورون في فلك البحث عن حسابات البقاء بالسلطة، غير مدركين أنّ عدم استجابتهم لطروحات التهدئة المؤسسة للحلول الواقعية، ستجر المنطقة، وستجرهم وإسرائيل، إلى وحلٍ لا يستطيعون الخروج منه، وقد وصلوا إليه فعلاً.. فالظلم الذي ألحقوه بالفلسطينيين، في العامين الأخيرين، يفوق ما تتحمله مجتمعات وبشر.
اليوم، هناك مشهد جديد يتشكل، وتسخر فيه إسرائيل أدواتها كافة، مستنفرةً علاقاتها العميقة غربياً، وأداتها الإعلامية، ويبدو أن نبرة التصعيد هي الغالبة وأن الساعات والأيام المقبلة ستشهد تحولاتٍ أعمق، وتحمل أيضاً مخاطر جمة بدءاً من مخاوف «الترانسفير» ليس في قطاع غزة وحسب، بل هي مخاوف تمتد إلى أنحاء الضفة الغربية، لذا فالمطلوب أردنياً وعربياً حراك أنشط، للتصدي لأيّ مخططاتٍ أو محاولات... فحكومة نتنياهو وبعد هذه الصدمة تحاول إعادة إنتاج نفسها، وتبحث عن أيّ عنوانٍ تقنع فيه الرأي العام بأنها قادرة على الرد.. وتريد اس?غلال ما يمكن لأجل البحث عن مشروعية البقاء أمام ناخبيها، مهما كان.
لذا، فالمطلوب كبير اليوم، أردنياً وعربياً، والمنطقة على موعدٍ مع حراك دبلوماسي نشط، وبحث عن مقاربات، هي صعبة هذه المرة، فالحديث عن بعد إيراني في المشهد حاضر، والحديث عن التوقيت في ذهنية العديد من عواصم القرار في المنطقة والعالم.. إننا أمام مشهد غير مسبوق، يحمل مخاطر على الفلسطينيين بدايةً، وحكومة نتنياهو تريد الاستثمار فيه قدر ما تستطيع..
والأيام المقبلة تعيد اختبار المنطقة، إن لم يكن العالم، من جديد.. بأن تضعها على مفترق طرقٍ تاريخي، لن يتم تجاوزه، ما دامت العدالة غائبة لفلسطين وقضيتها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-10-2023 09:44 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |