15-10-2023 08:44 AM
بقلم : د. عدلي قندح
النزاع المستمر بين الفلسطينيين وإسرائيل هو واحد من أكثر النزاعات طولًا وتعقيدًا في العالم. لقد أسفر هذا النزاع الذي استمر عقودًا عن معاناة بشرية هائلة وتعقيدات جيوسياسية ومناقشات مثيرة حول أسبابه الأساسية والحلول المحتملة. وتعود جذور النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل إلى منتصف القرن العشرين وتاريخ المنطقة المعقد. فبعد أن تأسست «إسرائيل» في عام 1948 بموجب قرار للأمم المتحدة، تشرد الفلسطينيون، وتفاقم النزاع على الأرض منذ ذلك الحين.
ان الهدف النهائي لا يزال هو التوصل الى اتفاق سلام شامل وعادل، لذا يجب أن تتناول المفاوضات القضايا الأساسية مثل الحدود وقضية اللاجئين ووضع القدس. ولا بد أيضاً أن ينظر المجتمع الدولي الى ضرورة تحسين ظروف العيش للفلسطينيين من خلال تخفيف الحصار فهذا يمكن أن يبني الثقة ويقلل من احتمالات العنف. كما أن استمرار المشاركة الدولية وجهود الوساطة ضروري، حيث تلعب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أدوارًا محورية، على ان تكون الوساطة عادلة وغير منحازة لطرف ضد الطرف الاخر.
وقد تسبب النزاع المستمر في تداعيات كبيرة على اقتصادات المنطقة، وبشكل خاص تأثيرات ملموسة على الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى آثار اقتصادية إقليمية أوسع، مما أثر بشكل كبير على التنمية الاقتصادية، وتوفير الوصول إلى الأسواق الدولية. كما أن تدمير البنية التحتية خلال الصراعات، أدى إلى تدهور الاقتصاد، وارتفاع معدلات البطالة، وانتشار الفقر، وانتشر الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة، مما جعل من الصعب على الشركات ان تنشأ وتزدهر.
ومن الاثار الرئيسية للنزاع تصريف رأس المال البشري، حيث أن الأفراد المتعلمين والمهرة في الأراضي الفلسطينية سعوا إلى فرص اقتصادية أفضل في الخارج بسبب الظروف المحلية الصعبة. ونظراً لارتباط اقتصادات المنطقة في الشرق الأوسط ببعضها البعض، فإن ذلك يجعل من عدم الاستقرار وعدم اليقين في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني تأثيرات على التجارة الإقليمية، لانه يتعارض مع طرق النقل ويؤثر على العلاقات الاقتصادية مع الدول المجاورة.
كما أن النزاع يفاقم من ندرة الموارد، ويتسبب الوصول المحدود إلى موارد مثل المياه والأراضي الصالحة للزراعة وغيرها من الموارد الحيوية في زيادة التحديات الإقتصادية، ويزيد النزاع من تلك التحديات من خلال التنافس على الموارد النادرة.
كما تؤدي التكاليف المرتبطة بالأمان والاستجابة للأضرار المرتبطة بالنزاع بضغط مالي كبير على كل الأطراف ما يؤدي إلى زيادة العجز في موازنات الدول، وخاصة الضعفية منها في الأصل، وينعكس ذلك في ضعف الخدمات العامة، وزيادة الدين العام.
ويجبر النزاع المستمر الاعتماد على المساعدات الإنسانية الدولية، وعلى الرغم من أهمية هذه المساعدات في معالجة الاحتياجات الفورية، إلا أنها لا تساهم في إحداث تنمية اقتصادية طويلة الأمد ومستدامة. كما ان النزاع المستمر يثير عدم اليقين السياسي والاقتصادي في المنطقة، ويثني قرارات الأعمال والاستثمار، مما يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي.
وما يفاقم النزاع الإسرائيلي الفلسطيني صعوبة هو إدراك الظلم الواقع على الجانب الفلسطيني، وبشكل خاص فيما يتعلق بموقف الدول الغربية تجاه الفلسطينيين. ويقدم المراقبون المحايدون، بعيداً عن أصحاب القضية، حججًا بأن الدول الغربية تطبق معاييرًا مزدوجة عندما يتعلق الأمر بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. بينما يدعون إلى مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في أماكن أخرى، يعتقد المراقبون المحايدون أن هذه المبادئ تُطبق انتقائيًا أو تُتجاوز في سياق الأراضي الفلسطينية.
وتعبر الدول الغربية غالبًا عن دعمها القوي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها من التهديدات، ومع ذلك، تواجه هذه المواقف انتقادًا في كيف يكون الدفاع عن النفس مبرراً في وضع الاحتلال، وعندما تنتج الاستجابات العسكرية عن وقوع خسائر مدنية كبيرة في الأراضي الفلسطينية. فالتركيز على أمان إسرائيل يأتي على حساب حياة الفلسطينيين وحقوقهم الشرعية. كما أن بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية كانت قضية مثيرة للجدل. فالدول الغربية لا تبذل ما يكفي من جهد للضغط على إسرائيل لوقف التوسع في المستوطنات والامتثال للقانون الدولي?الذي يعتبر تلك المستوطنات غير قانونية. علاوة على أن الوضع الإنساني، وخاصة في قطاع غزة، نتيجةً للحصار الإسرائيلي والقيود، كان موضوع قلق دولي. ويُعتقد أن الدول الغربية لا تمارس ضغطًا كافيًا على إسرائيل لتخفيف هذه القيود، مما يؤدي إلى ايجاد وضع صعب للسكان الفلسطينيين.
ولطالما قامت الدول الغربية في بعض الأحيان برفض قرارات الأمم المتحدة النقدية لإسرائيل عن طريق استخدام حق النقض؛ الفيتو. ويُعتبر هذا الموقف أنه يحد من التوافق الدولي بشأن ضرورة الوصول إلى حل سلمي للنزاع واحترام حقوق الشعب الفلسطيني.
من المهم ملاحظة أنه ليست جميع الدول الغربية تشترك في نفس الموقف بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ويمكن أن تختلف آراء الجمهور داخل تلك الدول بشكل واسع. حيث يعمل بعض الأفراد والمنظمات داخل الدول الغربية بنشاط على دعم حقوق الفلسطينيين والسعي نحو نهج أكثر توازنًا لحل النزاع.
إذا كانت هناك نوايا عالمية حسنة لعدم ضياع خمس وسبعين عاماً أخرى من عمر المنطقة، يجب أن يُدرك الظلم في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بالنسبة للدول الغربية بأسرع ما يمكن وأن يتم تبني المزيد من النهج المتوازن في التعامل مع النزاع لأن في ذلك ليس فقط مصلحة لأبناء ودول المنطقة، وإنما مصلحة عالمية، تفضي لتجيير الموارد الاقتصادية العالمية للتنمية المستدامة بدلا من حرقها بقنابل المدافع والصواريخ والطائرات والبوراج الحربية. النزاع الاسرائيلي الفلسطيني يجب أن يُحل بشكل عادل وفقاً لمبادئ القانون الدولي المتعارف عليها وم?ادئ حقوق الإنسان. «طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ."
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-10-2023 08:44 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |