حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,7 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3941

عندما تخرج الميثالوجيا من إطار الفلسفة لتصبح واقعاً

عندما تخرج الميثالوجيا من إطار الفلسفة لتصبح واقعاً

عندما تخرج الميثالوجيا من إطار الفلسفة لتصبح واقعاً

22-10-2023 01:32 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.نشأت العزب
الله واحد ، خلق الكون بطريقة فريدة تسعى البشرية عبر العصور لفهمها، يحاول عقلنا اليوم و في هذا العصر على ترجمة لغة بناء الكون إلى خوارزميات رقمية و في كل مرة يفعل ذلك يكتشف هذا العقل أن بناء الكون مصمم بطريقة متناهية الدقة مترابطة و منفصلة بشكل يحتاج فيه عقلنا إلى قدرات فائقة لإدراكه .


منذ الانفجار العظيم و عبر العصور و الحضارات و خصوصاً القديمة منها، حاول البشر تخيل ماذا كان قبل بدء الكون، فنشأة ميثالوجيات مختلفة تفسر ذلك، و تأثر نشوء كل ميثالوجيا منهم بالوسط الجغرافي المحيط و طبيعية الحياة و الكائنات فيه، و كان لتلك الحضارات و افكارها الأثر الكبير في إثراء العقل البشري لما تحققه له من القدرة على التخيل و تغذي إدراكه في العديد من الصور و الانطباعات و الروايات التي هي له كالتمارين التي تسهم في تطوره و نموه، و في فترة لاحقة ظهرت الأديان التي نقلت صورة أكثر شمولاً عن ماهيه هذا الوجود و ظهر اتباع لها، كل منهم يحاول نشر اعتقاده و فرض ايمانه و فهمه لله على الأخر بإسم الله على الرغم من أنهم جميعاً يدّعون أن غايتهم لما يقومون به من حروب و قتل هو إسم الله و تحقيق رضاه .



مهما حاولنا فصل ما يحدث من قتل و دماء في هذا العالم و جعله حدثاً سياسياً أو إقتصادياً بحتاً لنحاول بذلك الإمساك بجذور هذه النزاعات و الحروب علنا نجد لغة حوار مشتركة أو حل عادل يرضي جميع الأطراف، نجد أن جذورها تمتد أعمق من ذلك بكثير و نجد أن الإعتقاد و اليقين به و القتال من أجله هو من يدفع تلك الجيوش للقيام بتلك السلوكات التي جعلت من العالم وسطاً ملياً بالكراهيه منسلخاً عن أي معنى للإنسانية.
لا يمكن لأي ميثالوجيا سليمة أن تكون الدماء جزء من توسعها و تقدمها، فعند النظر إلى هكذا افكار و عقائد نجد أن نهايتها الحتمية دوماً هي الفناء، فالحروب أله يحركها الشيطان و وقودها البشر ، فمن هنا يمكن الأخذ كمؤشر على أي فكر سليم و هي بقدرة هذا الفكر على تحقيق العدل و السلام .
أن إدعاء إمتلاك الحقيقة لهي أول خطوة في الإبتعاد عن الإنسانية، أما اليقين ما هي إلا كلمة تم استخدامها دوماً لجعل أي فكرة سليمة تتحول لأيدولوجيا هدفها تقسيم البشر إلى ضحية و مجرم ، و بذلك تكتسب هذه الايدولوجيا الشرعية لإرتكاب أبشع الجرائم تحت غطاء الحق و تحقيق العدل، و تغطي أعين النزاهه و الشك في البحث عن الحقيقة بحجة أن الطرف الأخر مجرم.


لا معنى للكلمات التي تناقض السلوك، و لا معنى لأي قيمة لا يتبعها سلوك سليم يعكسها ، ماذا أفعل بقوانين دقيقة و صارمة لا تطبق ، كيف يمكن أن أصنف المجرم و الضحية اذا كان كلامها يصور بأنه يرتكب نفس البشاعات ؟ ما ذنب الأطفال و النساء و الشيوخ من أن يقتلوا بدم بارد فقط لان هنالك شخص يؤمن انه بذلك يغذي اعتقاده و يحققه، ما حاجة العالم اليوم لمثل هذه الميثالوجيا! ما ذنب المواطنين العزل في أن يتم اتهامهم بالارهاب و قطع كل وسائل الحياة عنهم ، هل يحتاج الرأي و الضمير الانساني السليم لأكثر مما نراه كل يوم من انتهاك صريح لأبسط حقوق الإنسان و ازهاق لأرواح الأطفال و النساء العزل ليقول اوقفوا الحرب ، اذا كانت الحرب بين اطراف سياسية و عسكرية فلماذا يتم الانتقام من المواطنين العزل الذين يبحثون عن بيئه سليمة و حياة كريمة، أم أنه التعطش للدماء !
أن الذين يدعون للعولمة هم أولئك الذين يمنعون تحقيقها، فكيف يمكن أن تصبح العولمة واقعاً في عالما لا يوجد فيه من الثقة و العدل ما يجعل كل الأطراف تشعر فعلياً بذلك ، كيف يمكن أن يتخاطب من دمر بيته و قتلت عائلته مع ذلك الذي يعتقد أن كل هذا هي لقطات من فلم خيالي، إلى متى ستبقى الازدواجية في المعايير هي الأساس في التعامل مع الأحداث العالمية بدل البحث عن حلول عادلة و شاملة تضمن للجميع حقوقهم المدنية و الفكرية تحت قانون دولي صارم لا يسمح به بالتعدي على الأخر و فيه من الذكاء ما يكفي لمعرفة التلاعب الاعلامي و النفسي للتأثير على الأراء الأخرى لتكون في طرفه .


أن السبيل الوحيد السليم اليوم لتحقيق فكرة العولمة هي بوجود عالم متعدد الأقطاب تحكمه نخبة من الحكماء هدفهم عالم واحد عادل، صحي و سليم، و ايقاف عملية تحويل الميثالوجيات المسمومة إلى واقع عن طريق التعدي على حقوق و ملكية الأخر التي بالمحصلة ستكون نتيجتها المزيد من الدماء و الارواح و من خطورتها خلط الأوراق بحيث يصبح احتمال ما سيحدث غدا صعب التنبوء على الجميع، فالفوضى هي انعكاس لصورة موازية لا شيء فيها يحدث بالصدفه، يراقبها وعي كوني يجعل من أي اختلاف صغير في الفوضى بؤرة تحمل بداخلها العديد من الاحتمالات الجديدة التي لها الأثر في أحداث للتغيرات الكبيرة، و كأنه الكون يستبدل بسلوكنا وعيه، ليحقق بذلك انتخاباً طبيعاً به يضمن الكون ديمومته و نموه، أن تحقيق العدل و النظر للأحداث بصورة إنسانية هي ضرورة لا مكان فيها للازدواجية في المعايير حسب اللون و العرق و الدين أو المصالح بل اساسها الانسانية السليمة .



اذا كان هنالك ميثالوجيا أياً كانت، تسعى لتحقيق نفسها لتصبح واقعاً، فهي ملزمة لأن تكون كالشجرة، يتسع ظلها للجميع فوق أرض تسود فيها أسس الانسانية السليمة لتجمع بذلك العالم أجمع تحت رايتها، جاعلة بذلك العالم مكان اجمل لنا و لمستقبل اطفالنا.








طباعة
  • المشاهدات: 3941
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-10-2023 01:32 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
هل أنت مع عودة خدمة العلم بشكل إلزامي؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم