25-10-2023 08:47 AM
بقلم : مكرم أحمد الطراونة
في أعقاب الهجوم على صحيفة شارلي إبدو، مطلع العام 2015، غرد إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ على "تويتر" حينها، قائلا: "قد يكون معظم المسلمين مسالمين، لكن يجب محاسبتهم حتى يدركوا ويدمروا سرطان الإرهاب المستمر الذي ينمو بينهم".
مردوخ واحد من كثيرين يشكلون الرأي العالمي تجاه القضايا المختلفة، ويوجهون هذا الرأي تبعا للأجندات التي لم تعد مخفية. من حقيقة كهذه، يتوجب أن ندرك أن قضيتنا خاسرة تماما إعلاميا ضمن المعادلة المتوفرة في عالم الميديا، والتي لا نستطيع المنافسة فيها وإظهار الحقيقة كما هي، وجل ما نستطيع فعله في هذا السياق، هو أن ننهمك في النقاش مع أنفسنا، وتصدير الإدانات والاحتجاجات التي لا يسمعها أحد.
على الصعيد السياسي، يتبدى مرة تلو الأخرى الوجه القبيح للغرب الإمبريالي وهو يبارك الإبادة الجماعية في غزة، ويشد على يد القاتل، بل ويمنحه أدوات جديدة للقتل، غير مكترث بآلاف الضحايا المدنيين الذين يسقطون يوميا. واشنطن أعلنت موقفها الصارم بأنها تقف إلى جانب الكيان العنصري، وأن "إسرائيل فوق الجميع"، أما الاتحاد الأوروبي فقد تضمنت خطابات أعضائه إسفافا ووقاحة وقدرة غير متناهية على تزييف الحقائق.
وفي معادلة هشة في المنطقة، يبدو النظام العربي الرسمي في أضعف حالاته، فعلاوة على الإنهاك الذي أصاب عددا من الدول فيه، تبدو خلافاته البينية أكبر من أن تجمعها طاولة حوار حقيقية للاتفاق على قرار راشد. وفي الوقت الذي ظهر فيه الضعف والترهل العربي من خلال قمة القاهرة الأخيرة، فإن هذا النظام ما يزال يدير معارك "صغيرة" حول السيادة، وهو أمر مضحك للغاية، فعن أي سيادة نتحدث؟ فيما لا يتوفر أي قرار سيادي لدى هذا النظام.
المسألة أن هناك أكثرية تنظر إلى الحرب القائمة على قطاع غزة اليوم، على أنها جولة أخرى من العدوان، سرعان ما تنتهي لتعود الأمور إلى طبيعتها. لكن الخبراء والمهتمين يؤكدون أنها مختلفة تماما، فكل هذا الدعم الغربي للوحشية الإسرائيلية، لا يمكن أن يأتي من أجل "القضاء على حماس"، وهي المهمة المستحيلة في نظر الخبراء، بل إنهم يزيدون من قوتها وعددها بهذا السلوك. إن هدف العدوان الأساسي هو خلق وقائع جديدة على الأرض يصعب تجاوزها في المرحلة القادمة، وتتمثل في التهجير القسري لسكان غزة، والذي سيلحقه، بالضرورة، تهجير آخر لسكان الضفة الغربية المحتلة.
ومع تأكده من حالة التشرذم الكبيرة للنظام العربي، وعدم قدرته على بناء تحالفات تؤثر في القرار الدولي، فإن مخاوف محاولات التهجير القسري لم تغب عن التفكير الأردني، والذي أكد أن مثل ذلك سيدفع الأردن نحو مقاربات جديدة في علاقاته مع المحيط، ولاحقا أكد أن مثل هذا السلوك "بمثابة إعلان حرب".
الأردن يعيش اليوم أزمات متعددة، فعلاوة على أنه يقع وسط كماشة من الأزمات؛ السياسية، والأمنية والاقتصادية، فإن هذه الحرب تضغط عليه اجتماعيا أيضا، نتيجة حالة التماهي بين الشعبين الشقيقين، ما يجعل "بناء مقاربات جديدة" أمرا واقعيا.
المطلوب أردنيا اليوم، هو البحث عن أصدقاء حقيقيين، عبر تحالفات سياسية واقتصادية، والانفكاك تدريجيا من الهيمنة الأميركية عبر الاعتماد على المعونات المالية، والتي لا تسمن ولا تغني. قد لا يكون الاستغناء عن ذلك ممكنا بشكل سريع، لكننا نستطيع ذلك إذا توجهنا لخلق شراكات وتحالفات اقتصادية جديدة، مع دول جديدة.
القرار صعب، والتوجه قد لا يجد مؤيدين كثيرين له، فالتغيير لا بد أن يكون له مقاومون. لكن، إن أردنا أن نخرج من الهيمنة الغربية، يتوجب علينا أن نتخذ قرارات حادة ومصيرية، من أجل أن يتوفر لنا أصدقاء حقيقيون يساندوننا في القضايا والأحداث المصيرية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-10-2023 08:47 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |