حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,22 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 7882

وهل مِثلُك يُنسى أيها الفارس الأمير !!

وهل مِثلُك يُنسى أيها الفارس الأمير !!

وهل مِثلُك يُنسى أيها الفارس الأمير !!

26-10-2023 11:52 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : يوسف رجا الرفاعي
كالبحث عن حَطبٍ في ليلٍ شديدِ البرودة او ملاذٍ آمن يُؤوَى اليه في خطرٍ داهم نفتح تلك الكتب التي تَشعُرُ فيها بالدفء يَسري في عروقك والطمانينة تغشاك مجرد ان تبدأ في قراءة الكلمة الاولى من المهابة والعزة والأنَفَةِ من سِيَر أولئك القادة العظام الذين تَشعُر بوجودهم معك وحولك وتطمئن ويطمئن قلبك فلا الخُطوبُ لها مكانٌ حينها ولا الهوان ،
وأي سيرة من سِيَر البطولةِ تتقدم على سيرة ذلك الفارس المقدام الهمام الذي اجتمعت فيه خصلتان فارسٌ ،،، وأمير ،
انه صاحب هذه الابيات التي تغنت بها العرب على مر الزمان كلما اشتدَّت بهم الخطوب وداهمهم امرُ ؛
سَيَـذْكُـرُنـي قـومــي إذا جَــــدَّ جِــدُّهُــمْ،
وفـــي اللّـيـلـةِ الظَّـلْـمـاءِ يُـفْـتَـقَـدُ الــبَــدْرُ

هذا العتاب الأميري الخالد هو دُرَّة من دُرَرِ الادب العربي الذي احتوته بطون الكتب ، فكان حديث هذا الفارس العسكري المغوار هو الاقرب لأعزِّ ما امتلكت العرب في الجاهلية ، فكانت الاقربُ محاكاةً لمعلقات العرب التي سطرت تاريخهم ومجَّدَت انسابهم وحفظت صور بطولاتهم ، كما لم تُنكِر جفائهم وقسوتهم واحترابهم ، فاقترنت قصيدة هذا الشاعر الامير خلوداً مع معلقات الاوائل من قبائل العرب تتقدمهم اشرافهم ،
كيف لا وهو القائل
الشعر ديوان العرب .... ابداً وعنوان الادب .

لقد حظي هذا الشاعر الامير المغوار بعلاقة متميزة مع ابن عمه سيف الدولة الحمداني الذي كان احد سيوف الدولة العباسية فكان نجماً مضيئاً في سماء تلك الدولة التي تمثل تاريخاً مشرقا من تاريخ العرب التليد .

انه الامير الشاعر ابو فراس الحمداني حامل بيرق سيف الدولة حيث كانت كل صفاة الأمير بكامل تجلياتها متمثلة في شخصيته التي ما زال بريقها لامعاً في الصفحات المشرقة من تاريخ هذه الامة ، فكان فارساً لا يُشَق له غبار وكان اديباً حليماً كريماً شجاعاً مهيبا مقداما ،
خاض المعارك وابلى فيها بلاء حسناً لم ينكرها عليه مُحِبٌ او صديقٌ او غريمٌ او عدوٌ او حَقود ، وما زال هذا الفارس الامير على هذا الحال من تسطير البطولات في ساح الوغى الى ان اسره الروم في احدى المعارك .

بعث الى ابن عمه معاتباً بعد ن غفل عنه وتركه تلك المدة اسيراً سجينا ، فكانت ابيات قصيدته التي تَزَين بها ادبنا العربي بزينةٍ هي تاجٌ لكل المناسبات ، فهي الشجاعة بمنتهاها ، وهي الصبر بلا حدود ،وهي العتاب ، وهي الشوق والحنين ، وهي الاعتزاز بالاهل والعشيرة والوطن ، وهي الرقة كالنسيم في البوح للحبيبة والتي هي الوطن .
على هديٍ مِن اخلاق وفضائل الانبياء ارسل لابن عمه عتاب في عذوبته اصفى من الماء الزلال وفي صوت المفردات ارقُّ من نسيم الصباح ، وفي عُمقِ معانيها اثقل من الجبال الطوال .

وحفظت العرب ما قاله الصاحب بن عباد:
بُدئ الشعر بملك، وخُتم بملك، ويعني امرؤ القيس وأبو فراس الحمداني .
لقد ترفَّع الامير في أسره عن الخنوع والخضوع لانكسار النفس وهي قيد الاسر فبدأ حديثه مع نفسه مشعراً اياها بالعزة ، ومتعجباً من شموخها وعدم انكسارها قائلا ؛
اراك عصي الدمع شيمتك الصبر ............
يا نفس ما اشد صبرك وما اعزُّ دمعك ، بدأ باحترام نفسه وتعزيز الثقة بها شاداً من ازرها بحديث امير يليق بأمير .
لقد سمى بفكره وتجلَّت في دواخله مكارم الملوك في الولاء والعطاء ، فصوَّر حبه للوطن والاهل والقرابة والعشيرة بأعلى صنوف الحب والعطاء والصدق في الوفاء ، فخاطب كل هؤلاء مرسلاً لهم ابيات هذه القصيدة الخالدة في الوجدان والادب العربي وتملئ النفس سُموَّاً وعِزَّاً وفخرا ؛
أسِرْتُ وما صَحْبي بعُزْلٍ لَدى الوَغى،
ولا فَـرَسي مُـهْـر ، ولا رَبُّـــهُ غُـمْــرُ
ولـكـنْ إذا حُــمَّ القَـضـاءُ عـلــى امـــرئٍ
فليسَ له بَـــرٌّ يَـقـيـه، ولا بَـــحْرُ
وقـال أُصَيْحابـي: الفِـرارُ أو الـرَّدى؟
فقـلـــــتُ: هـمـا أمــرانِ، أحْلاهُـمـا مُــرُّ
هُوَ المَوتُ فَاِختَر ماعَلا لَكَ ذِكرُهُ
فَلَم يَمُتِ الإِنسانُ ماحَيِيَ الذِكرُ
وَإِن مُتُّ فَالإِنسانُ لابُدَّ مَيِّتٌ
وَإِن طالَتِ الأَيّامُ وَاِنفَسَحَ العُمرُ
سَيَـذْكُـرُنـي قـومــي إذا جَــــدَّ جِــدُّهُــمْ،
وفـــي اللّـيـلـةِ الظَّـلْـمـاءِ يُـفْـتَـقَـدُ الــبَــدْرُ
يوسف رجا الرفاعي








طباعة
  • المشاهدات: 7882
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
26-10-2023 11:52 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم