حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1981

تضارب الثقافات

تضارب الثقافات

تضارب الثقافات

26-10-2023 04:15 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : م. أنس معابرة
يروي الدكتور جلال أمين في كتاب العولمة قصة حدثت في السودان، حيث قدِمتْ معلمة لتعليم الأطفال اللغة الإنجليزية، نظراً للضعف العام التي تعاني منه الشعوب العربية تجاه لغة الإحتلال.

أرادتْ المعلمة أن تحفّز الطلبة على حضور ومتابعة حصص اللغة الإنجليزية، فقامت بتوزيع دمى عليهم على شكل دب صغير، أو كما يدعي الدب "تيدي"، وطلبت منهم تسمية هذه الدمى بالأسماء التي يرغبونها.

قام أحد الأطفال بتسمية دميته ب “محمد"، نظراً لشيوع الأسم ومحبة الناس له، فما كان من الأطفال جميعاً إلا أن حذوا حذو هذا الطفل، وبالتالي تم إطلاق اسم "محمد" على جميع الدمى، ولم تجد المعلمة حرجاً في ذلك، إذ أرادت أن تُسعد الأطفال فقط، ولم تدرِ ما يحمله هذا الأسم من أهمية ومكانة مرموقة لدى المسلمين.

عندما عاد التلاميذ إلى منازلهم، أخبروا ذويهم بقصة الدمى، وما أن علم أولياء الأمور بإطلاق أسم محمد على الدمى حتى ثارت ثورتهم بسبب إطلاق أسم نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام على دمية على شكل حيوان الدب.

تقدّم أولياء الأمور بشكوى رسمية ضد المعلمة، فأُلقي القبض عليها وأودعت في السجن تمهيداً لمحاكمتها على الجريمة النكراء التي ارتكبتها.

حسب وجهة نظري لم يرتكب أيٌّ من الأطراف في هذه المعضلة خطأً، بل قام الجميع بالصواب؛ إذ لم تخطئ المعلمة حين أرادت تشجيع الأطفال على الدراسة؛ بل هي مشكورة على ذلك، ولم يخطئ الأطفال حين تبِعوا فطرتهم في حب أسم نبيهم الكريم، وأطلقوه على الدمى، ولم يخطئ أولياء الأمور حين غضبوا من إطلاق أسم نبي الإسلام على دمية الدب.

يمكن تعريف ما حصل في القصة السابقة بأنه "تضارب الثقافات"، أو صراع بينها، ينشأ نتيجة الإختلافات في الدين، واللغة، والعادات، والتقاليد، والتي تكون عادة مستمدة من تاريخ طويل.

نعم لقد جعلت العولمة من العالم الكبير قرية صغيرة؛ ولكن في مجالات محددة فقط، عولمة لأفكار وعادات وسلع تخص الدول الكبرى المهيمنة فقط، عولمة باتجاه واحد، يريدون ان يصدروا فقط، ولا يريدون أن يتأثروا بما لدينا من دين وأخلاق، يريدون أن نرتدي الجينز ونأكل المكدونالد ونشرب البيبسي، ويرفضون لباسنا التقليدي، وديننا الحنيف، وعاداتنا الأصيلة.

وعلى الرغم من اتفاق الثقافات الإنسانية في كثير من المبادئ والأفكار والأفعال؛ إلا أن هنالك إختلافات عديدة أيضاً، قد يكون الإختلاف بين الثقافات بسيطاً ولا يكاد يُلاحظ، ولكنه قد يكون عميقاً في أحيان أخرى، فالنظر في عين مُحدثك هو نوع من أنواع التقدير والإنتباه حسب ثقافتنا، ولكنه نوع من أنواع الوقاحة واقتحام الخصوصية لدي اليابانيين خصوصاً، والشرق أسيويين عموماً.

كما أن وضع رجل فوق الأخرى خلال الجلوس بين الناس هو نوع من أنواع التكبر عليهم حسب ثقافتنا، وهو فعل مذموم، خاصة لدى كبار السن، ولكن إن فعله أمريكي أمامك؛ فهذا يعني أنه قد وثق بك، وارتاح إليك، لدرجة أن بإمكانه التبسط في الأقوال والأفعال أمامك، أي أنك أصبحت من المقريين لديه.

يمكن أن نتلافى المشكلات التي تأتي من تضارب الثقافات عبر الإطلاع والمعرفة، وضرورة التعرف على تقاليد الشعوب وثقافاتها قبل زيارتها، فلو عرفتْ تلك المعلمة مقدار الإحترام الذي نكنه لأسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ ما وافقتْ الأطفال على إطلاقه على دمية الدب.








طباعة
  • المشاهدات: 1981
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
26-10-2023 04:15 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم