27-10-2023 12:08 PM
بقلم : د. محمد عبدالله خميس اليخري
في عالم تنتشر فيه المعلومات بسرعة وسهولة، يمكن أن تكون عواقب المعلومات الخاطئة وخيمة. التاريخ مليء بالحالات التي أدت فيها المعلومات الكاذبة أو الدعاية إلى الصراعات والحروب والفظائع. تذكر دائما لكي نواجه عدم اليقين، يجب أن نمارس الحكمة والصرامة والالتزام الثابت بالحقيقة.
إن المأساة الأخيرة المتمثلة في تفجير المستشفى الأهلي العربي او ما عرفت إعلاميا (مجزرة مستشفى المعمداني) في غزة هي بمثابة مثال مؤثر على مخاطر التضليل. في أعقاب التفجير، سارعت وسائل الإعلام إلى تقديم تقارير، وسارع القادة السياسيون إلى إلقاء اللوم عليها. العناوين الأولية، التي تأثرت بمزاعم حماس، فشلت في التحقق من دقة المعلومات. وكانت النتيجة رواية منحرفة غذت الغضب والإدانة.
سارع الرئيس جو بايدن، بدعم من مجلس الأمن القومي الأمريكي والاستخبارات الأمريكية، إلى نشر هذه المعلومات المضللة. وقدموا أدلة تشير إلى صاروخ خاطئ أطلقته جماعة فلسطينية مسلحة مما تسبب بتدمير المستشفى. واستند تقييمهم إلى مجموعة واسعة من المصادر، بما في ذلك الأدلة الصوتية والمرئية والأقمار الصناعية والرادار والأشعة تحت الحمراء، فضلا عن اتصالات «حماس» التي تم اعتراضها.
كما نفى جيش الدفاع الإسرائيلي نفيا قاطعا أي تورط له في الهجوم، وألقى باللوم بشكل مباشر على المقاومة الفلسطينية. جادل الخبراء الذين حللوا الأدلة المتاحة بأن الأضرار التي لحقت بالمستشفى لا تتفق مع غارة جوية إسرائيلية. في الواقع، لم يكن لدى إسرائيل أي حافز لقصف مستشفى مدني، وخاصة عشية تجدد مناقشات السلام.
ويبدو أن الرواية التي روجت لها حماس تتماشى مع محاولتها الواضحة لتخريب اتفاقات السلام، بما في ذلك "اتفاقيات إبراهيم" او ما تسمى بصفقة القرن. وأشار الرئيس بايدن إلى أن تصرفات حماس تهدف إلى إخراج العلاقات السعودية الإسرائيلية الأمريكية عن مسارها. اتفاق السلام، الذي كان يمكن أن يوحد الشرق الأوسط.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لوضع الأمور في نصابها الصحيح، فإن الشرق الأوسط غارق الآن في الاحتجاجات ومناهضة الولايات المتحدة الأمريكية والمشاعر المعادية للصهيونية. وقد أدت المعلومات الكاذبة مرة أخرى دورها في تأجيج التوترات وتفاقم الصراعات ليس في المنطقة وحسب بل في العالم أجمع.
التاريخ مليء بالحكايات التحذيرية المماثلة. أدى الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، بناء على افتراضات خاطئة ومعلومات استخباراتية خاطئة، إلى عواقب وخيمة لا يزال صداها يتردد. يعد غرق يو إس إس مين (USS Maine) في عام 1898، الذي كان يعتقد في البداية أنه حادث ولكن تم استغلاله لاحقا من قبل وسائل الإعلام لحشد الدعم للحرب ضد إسبانيا، كمثال آخر. استند حادث خليج تونكين في عام 1964، والذي أدى إلى تصعيد حرب فيتنام، إلى تقارير خاطئة.
وتؤكد هذه الأمثلة التاريخية الحاجة إلى اليقظة في عصر المعلومات الذي نعيشه. وقد سلط خطاب الرئيس بايدن الأخير الضوء على أهمية الإسناد الدقيق وعواقب استهداف المدنيين الأبرياء. وشدد أيضا على الحاجة الملحة إلى تقديم المساعدة الإنسانية للمتضررين من الصراعات.
النقاط الرئيسية التي أد التركيز عليها في هذا المقال هي:
1. تحقق من الحقائق: يجب أن نتعامل مع المعلومات مثل المحققين، لضمان فحص الادعاءات بدقة.
2. التحقق من المصادر: يتطلب التفكير النقدي أن نقيم موثوقية ومصداقية المصادر، مع الاعتراف بما لا يزال غير مؤكد.
3. المطالبة بالشفافية الإعلامية والحكومية: يجب على الحكومات ووسائل الإعلام أن يمارسوا الشفافية الكاملة في نقل ما يحدث لتجنب انتشار الأخبار الزائفة، ويجب البحث عن القصة الكاملة لتجنب التلاعب.
4. الحذر من الديماغوجية: تساءل عن دوافع أولئك الذين يقدمون المعلومات، لأنهم قد يسعون إلى استغلال العواطف لتحقيق مكاسبهم.
يجب ألا يؤدي الاحتفال بـ "حكمة الحشود" إلى انتشار المعلومات التي يتم التلاعب بها أو التعصب أو العنف. في عالم يمكن أن تكون فيه المعلومات سلاحا، فإن التمييز والالتزام بالحقيقة هما أقوى دفاعاتنا ضد مخاطر المعلومات المضللة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-10-2023 12:08 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |