حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,24 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2129

حروب النفط

حروب النفط

حروب النفط

29-10-2023 09:27 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. عدلي قندح
ارتوى تاريخ النفط بفترات من النزاع والمنافسة، حيث استمر عطش العالم لهذا المورد الحيوي في النمو عبر السنوات والعقود الماضية. لقد كان لحروب النفط بين منظمة أوبك (منظمة الدول المصدِّرة للبترول) والدول غير الأعضاء فيها تأثير عميق على أسعار النفط وبالتالي على معدلات التضخم العالمي. هذه النزاعات كانت موضوعًا متكررًا في عالم الجيوسياسة والاقتصاد، مما أسفر عن عواقب بعيدة المدى على الإقتصادات وأمن الطاقة والعلاقات الدولية.

وإذا ما عدنا للتاريخ نجد أن منظمة أوبك تأسست في عام 1960 من خمس دول هي إيران والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية وفنزويلا، لمواجهة سيطرة الشركات النفطية الكبرى الغربية ورغبة في توحيد أعضائها للتأثير جماعيًا على سوق النفط العالمي من خلال تنظيم الإنتاج والأسعار. في سبعينيات القرن الماضي، أصبحت منظمة أوبك قوة مؤثرة، حيث استخدمت نفوذها من خلال حظر تصدير النفط في عام 1973-1974 وثورة إيران في عام 1979. أدت هذه الأحداث إلى إرتفاع كبير في أسعار النفط وتاثيرات أخرى مباشرة على الإقتصاد العالمي.

كان حظر النفط في عامي 1973-1974، بعد حرب أكتوبر، لحظة فارقة في تاريخ حروب النفط. ففرض أعضاء أوبك، بقيادة المملكة العربية السعودية، حظرًا على تصدير النفط إلى الولايات المتحدة وحلفائها، مما أدى إلى مضاعفة أسعار النفط أربع مرات وإلى إشعال أزمة نفط على مستوى العالم، كانت نتائجه ركود عالمي وتضخم هائل، خاصة في الدول المستوردة للنفط.

مثال تاريخي آخر هو حرب إيران-العراق (1980-1988)، حيث تورطت دولتان من دول أوبك في نزاع طويل ومدمر. وقد أثر النزاع على امدادات النفط من المنطقة، مما ساهم في ارتفاع أسعار النفط. هذا الصراع أظهر هشاشة أسواق النفط وإمكانية أن تكون التوترات الجيوسياسية لها عواقب اقتصادية بعيدة المدى.

لم تقتصر حروب النفط على كتب التاريخ، فمن الأمثلة الحديثة على تأثير الصراعات المتواصلة على أسعار النفط والتضخم المرتفع، ما حصل عام 2020، حيث دخلت روسيا والمملكة العربية السعودية في نزاع إنتاجي، مما أدى إلى حرب أسعار قصيرة تسببت في إنهيار أسعار النفط، حيث انخفض سعر نفط وسيط غرب تكساس إلى مستويات سالبة للمرة الأولى في التاريخ. أدى هذا الصراع، وما تلاه من تأثيرات لوباء كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية إلى اضطراب اقتصادي كبير وضغوط تضخمية في العديد من البلدان. ويرى كثير من المحللين أن الصراع الحالي في المنطقة سيكون له أثار عكسية على اتجاهات التضخم العالمية الأخيرة، الأمر الذي قد يلغي جهود البنوك المركزية طوال السنة ونصف السنة الماضية.

حروب النفط بين منظمة أوبك والدول غير الأعضاء فيها كانت موضوعًا متكررًا في عالم الجيوسياسة الطاقية. هذه النزاعات كانت لها عواقب كبيرة على أسعار النفط وبالتالي على التضخم العالمي. الأحداث التاريخية التي ذكرناها في متن المقال تشكل تذكيرًا واضحًا بالخراب الاقتصادي الذي يمكن أن تسببه حروب النفط.

فهم تأثير حروب النفط على أسعار النفط والتضخم أمر ضروري للصناعيين والسياسيين والمستثمرين. تؤكد هذه الصراعات على ضرورة الاستمرار بالتنويع في مصادر الطاقة وتعزيز الكفاءة الطاقية وتطوير استراتيجيات للتخفيف من الآثار الاقتصادية المترتبة على حروب النفط في المستقبل. كل ذلك لأن التجربة أثبتت خلال نهاية العقد الماضي أن طاقتي الرياح والشمس غير كافيتين في الوقت الحاضر لتلبية الطلب العالمي على الطاقة. والأسواء من ذلك، أنهما لا يستطيعان تزويد الطاقة باستمرار ودون إنقطاع مستقبلاً، فالأمر يعتمد أيضاً على توفُّر الإشعاع الشمسي لفترات طويلة ومستمرة، أو طاقة الرياح لفترة طويلة، ومن ثمّ لا بد من دعم هاتين الطاقتين بطاقات أخرى نظيفة مثل الطاقة الهيدروكهربائية.

في عالم مترابط، ستظل ديناميات سوق النفط تلعب دورًا حاسمًا في الاقتصاد العالمي، مما يجعل من الضروري مراقبة هذه التحديات المتواصلة والتعامل معها. وفي نهاية المطاف، الشعوب تدفع ثمن النزاعات والصراعات اياً كان موقعها وزمانها.








طباعة
  • المشاهدات: 2129
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
29-10-2023 09:27 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم