02-11-2023 02:51 PM
سرايا - مهند الجوابرة - قبل 16 عاماً وحين بدأ حصار قطاع غزة كان طفلاً صغيراً لا يعلم ماهية المستقبل الذي ينتظره ، ولا يدري بأن هذه البقعة الصغيرة من العالم أمست دنياه وآخرته ، لم يأخذ بعين الاعتبار أن هذه اللحظة الحاسمة والقرار المشؤوم سيغير مجرى حياته ويرفع سقف طموحاته ويخلده في صفحات التاريخ .
هذا الطفل الغزاوي باسم الثغر شديد العزة ضخم الإباء عاش الطفولة كما لم يعشها أحد ، عاصر حروباً وقصفاً ودماراً وحصاراً وحرماناً من أبسط الحقوق التي تمنح لمن هم في سنه وعمره ، شاهد دماءً وأشلاءً وتنكيلاً بأهله وجيرانه وأبناء جلدته على يد أرذل الخلق وأسفلهم ، حتى كبر كرهه للعدو ونمى وتشبث في عروقه وشرايينه بل وطغى على روحه التي حملت ثأراً سيسترد عاجلاً أم آجلاً .
كبر الطفل ، وفي الأول من نوفمبر من عام 2023 وحين كان يأخذ قيلولة واستراحة محاربٍ قصيرة مليئة بصوت القصف ورمي القنابل وأزيز الطائرات ، لكنه لا يبالي ، ولا يكلف نفسه عناء الخوف الطبيعي الذي ينتاب أي إنسان على وجه المعمورة لكنه ليس كأي إنسان على وجه المعمورة ، حمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن قطاع محاصر بمعدات بسيطة صنعها رفاقه المقاومين عبر سنوات الحصار .
لم يتوفر له الوقت لارتداء اللباس العسكري ولا واقي الرصاص ولا خوذة الرأس ولا أي وسيلة لحماية جسده الطاهر من بطش بني صهيون ، فاستل قذيفة الياسين وانطلق نحو فتحة نفق تطل على أرتال الدبابات وكتائب المشاة من جيش الصهاينة الغازي لتخوم غزة الأبية ، قطع قيلولته وبشكل سريع ارتدى سروالاً رياضياً وصندلاً بالياً وذهب لتسلق النفق وأضرم النار في "الميركافا" ودمرها وسحقها ومن ثم عاد إلى النفق وكأن شيئاً لم يكن ، ليصبح سرواله الرياضي لباس الحرب الجديد أمام جيش الواهنين ، ولتصبح صورته وهو خارج من النفق ليلقى أعداءه بديلاً "للموناليزا" عند أحرار العرب ، ولينسف هذا الطفل الذي كبر جميع الروايات التي تقول بأن هذه الدبابات الصهيونية آمنة لمن هم بداخلها ومؤكداً على أن هذه الأرض لن تتسع في يوم من الأيام لهويتين ،، فإما نحن وإما نحن ..