06-11-2023 08:53 AM
بقلم : عبدالهادي راجي المجالي
صار مستشفى الشفاء في غزة, يتصدر كل نشرات الأخبار في العالم... واسأل الان كل فتية العالم العربي عنه, حتما سيعرفونه... أجزم أن التماثيل التي ستوزع بعد الحرب, على السياح في أوروبا وروسيا والصين.. لن تكون نماذج برج (إيفل), ولا البرج المائل في إيطاليا.. حتما سيكون مجسم مستشفى الشفاء.. من أهم المعالم التي تعبر عن الحرية والإرادة والصمود.
أنا إن مرضت, فسأقصد مستشفى الشفاء.. على الأقل سيقول لي الأطباء هناك, كم شهيد لفظ أنفاسه الأخيرة في هذه الغرفة, وكم استقبلت هذه الغرفة من أطفال فقدوا كل العائلة, وكم من الدماء نزفت في هذا الممر, وكم صرخة وشهادة نطقت في الطوارئ... هذا ليس بالمشفى أبدا.. من يعتقد أنه مشفى هو لا يعرف التاريخ أبدا.. سيكون هذا الصرح الشهادة الحية والحقيقة على أبشع الجرائم التي ارتكبتها عصابة.. تعاطى معها العالم كدولة, وسيكون هذا الصرح.. حتما مكان تبرك للذين يؤمنون أن الحرية لابد لها من مهر عظيم وهو الدماء الزكية.
أنا وبعد النصر أنصح الأثرياء العرب بترك مستشفى (كرومويل) في لندن, بعدم الذهاب إلى سويسرا.. وحتى مستشفيات نيويورك, أنصحهم بمقاطعتها... أنصحهم بالعلاج في مستشفى الشفاء.. على الأقل هناك سيستنشقون رائحة الدم الفلسطيني الطاهر.. ورائحته أقسم أنها أهم من علاجات الغرب كله, هناك سيطلون من شبابيكهم على بحر غزة, وسيعرفون كم قاتل البحر.. وكم أرسل نسماته السكرى للناس وللمقاتلين.. وكم تعمد أن يوجه الهواء في الليل لمستشفى الشفاء كي يخفف عن المصابين التعب... أنصح العرب جميعهم وبعد النصر الأكيد بالتداوي في مستشفى الشفاء.. ?لى الأقل ستضمن أنك إن مت هناك, فجسدك سيمر من ذات المكان الذي مر منه شهداء غزة العظيمة, وستوضع في نفس الثلاجة التي حفظت فيها الأجساد الطاهرة... والتي تطهر فيها الجدار والمكان والمدى بدمهم..
أنصح أيضا الأمهات في عالمنا العربي, بالولادة في ذات المستشفى.. الطبيب الموجود هنالك يعمل في قسم الولادة منذ 25 عاما, أغلبية من يحملون قذائف الياسين الان ويفجرون فيها حديد الكيان الصهيوني ودباباته, هو من أشرف على ولادتهم... هو نطق اسم الله عليهم حين ولدوا.. هو من نظر لعيونهم, وهو من تأكد أن الأكسجين يسري في صدورهم.. وهو من قام بفحصهم, وأظنه تأكد من أن سبابة الكف الأيمن سليمة.. وأنها ستكبر وستحترف الضغط على الزناد فيما بعد.
أصلا هذا المستشفى ليس للشفاء وحده, هو مستشفى للشهداء.. هو للبطولة, هو للكبرياء والكرامة.., هذا المستشفى قاتل نيابة عن كل العرب, كان مثل فرقة مسلحة.. مهما حاصروها ومهما ضربوها... تستفيق من جديد ويصر الرجال فيها على المقاومة.
أنا أقترح على مدير صحة غزة, أن يستحدث قسما للبطولة.. وقسما للفداء بجانب عيادات الباطنية, وأنصح أيضا باستحداث طابق لكشف الخيانات.. ولكشف التواطؤ وليكن بجانب قسم الأورام, وأنصح باستحداث قسم اخر... للشرف العربي, وهذا القسم لا يحتاج أن تقدم فيها العلاج ولا الحقن ولا أنواع الأدوية... يحتاج فقط أن يدخل كل من يعاني من أزمة الضمير العربي عليه, ويشم رمل غزة, ويأكل تمرة...وأظنه سيشفى حتما...
من قال إن الشفاء من مستشفيات غزة لا يعرف الحقيقة.. الشفاء هو: مكان فيه الطرق مفتوحة للجنة مباشرة, هو المكان.. الذي تولد فيه الحرية من عمق الجراح... وهو المكان الذي تنطق به الشهادة كل يوم مليون مرة, وهو المكان الذي يختصر تاريخ العرب وبطولات العرب وكل انجازات العرب.
Abdelhadi18@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-11-2023 08:53 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |