08-11-2023 01:10 PM
بقلم : د.نشأت العزب
كفرد بسيط، في كل مرة أنظر فيها إلى هذا الكون، أكون متأكدًا من أن الفوضى الظاهرة التي نعتقد أنها موجودة بداخله هي دقيقة بشكل ملحوظ ومصممة بشكل رائع و تعد إنعكاساً لمفاهيم و كيانات كونية يعجز عقلنا حالياً على فهمها، فأستنتج أن هذا الكون مبني على قوانين خوارزمية رقمية صارمة تضمن ديمومته، البشر فيها هم نتيجة للتطور وسببه، ومن خلال محاولتي مقارنة ذلك بالواقع الذي يعيشه العالم اليوم، أخلص إلى أننا في حالة من الفوضى العميقة التي لا تعد إنعكاساً لشيء كوني بل حالة من الفوضى سببها غياب الوعي بتكلفة و ثمن السلوك البشري و ترك الإمور لقيادة "الأنا" التي تبحث عن إشباع رغبات أنية فقط غير مدركة لما يخبئه الغد .
إن إهمال مفهوم القيمة وإعطاء الأولوية لمفهوم السعر دون النظر إلى التكلفة سيؤدي إلى نتائج كارثية على مستوى العالم و على البشرية جمعاء، مما يساهم في الانقسام والصراعات والحروب الطويلة، والتي لا يمكن حلها إلا بفرض القوة والقمع، وهذه في نظري نتيجة لا تقل كارثية عن أسبابها، فإن استخدام القوة هو دائمًا القرار الخاطئ لحل أي نزاع أو مشكلة، فطريقة حل الخلافات و النزاعات بإستخدام القوى لهي مؤشر على إفلاس العقل و دليل يعكس مدى ضعف و جهل مستخدمها حتى و إن بدى غير ذلك، فالعقل الذي وهبه لنا الخالق الأوحد لهو الهدية التي من خلالها نستطيع حل النزاعات وإيجاد الحلول المناسبة، فهنالك دوماً الكثير من الحلول لتحقيق الغايات و الأهداف، أخرها الحرب.
إن الابتعاد عن تحقيق القيمة والسعي لتحقيق السعر اللحظي، يعني الخروج عن قوانين الكون ومساره و خطته، وهذا يشكل خطرا كبيرا على البشرية جمعاء وعلى كوكبنا الأرض، فالنتائج التي تتبع الحروب و ينتج عنها ازمات اقتصادية و اجتماعية و سياسية لا يمكن أن تتوافق مع كوننا على مشارف عالم و حضارة جديدة، فحتما كل هذه المخرجات لا يمكن الا أن تكون عائقاً في طريق كل حضارة سليمة ، فالحروب هي آلة من خلالها يتحول الانسان إلى كائن آخر يشبه الانسان فقط في شكله أم بداخله فهو كيان يحمل بداخله الشعور بالظلم و إعتبار نفسه ضحية و هذه المشاعر لهي الخطوة الأولى في طريقة تكون شخصية مليئة بالكره و الانتقام، و عند النظر إلى السبب و النتيجة نجد أن هذا الشخص و المجتمعات فعلا ضحية من جانب و مجرمة من جانب أخر، فيظهر السؤال الباحث عن الحل لكل هذه الأسباب و النتائج و الذي لا يمكن أن يكون الا بتحكيم الحكمة و العقل و ذلك بوجود نظام عالمي جديد عادل يقف على مسافه واحده من جميع الأطراف و الامم أساسه الحب و عمل الخير و نشر قيم الإنسانية السليمة و الإنطلاق إبتداء من هذه الأسس.
كلما تأملت هذا الكون أدركت مدى انحطاط واقعنا العالمي و مدى ازواجية معاييره و مدى حاجتنا إلى الوقوف و نبذ كل هذه السلوكات و البحث عن لغة عالمية مشتركة تجمع الامم و الحضارات و تسهم في تقدم البشرية وتنميتهنا وتقدم كوكبنا، والذي على الرغم من صغر حجمه مقارنة بهذا الكون، أعتقد أنه يلعب دورًا مهمًا وحاسمًا في هذه السمفونية الكونية العظيمة.
أعتقد أن الإنسان لا يمكن أن يصل إلى التفرد إلا عندما تتحول "أنا" الى "نحن" و ذلك لا يكون الا بفكر يعكس سلوكاً ينعكس على الواقع و يتزامن من الوعي الكوني، لذلك لا أرى أي قيمة في السماح للأنا بالظهور على أنها "أنا" بدلاً من "نحن" كما نرى في عالمنا اليوم، لذلك أرى أننا بحاجة ماسه لرسم طريق واضح لتصل فيه البشرية لأسمى قيم الإنسانية السليمة لجعل هذا العالم مكانًا أفضل وأكثر جودة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن يكون ذلك الطريق للإنسانية السليمة هو الذي يحترم الأفراد ومعتقداتهم وألوانهم وأعراقهم، طالما أنها لا تسبب ضررًا للأخرين، ومن خلال القيام بذلك، يمكننا خلق بيئة مثالية لحياتنا وكوكبنا، والتحرك نحو العالم المثالي الفريد و العادل الذي نرغب به من جميع الجوانب.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-11-2023 01:10 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |