12-11-2023 08:54 AM
بقلم : فايز الفايز
إنها غزّة، غزّة التي تحملت عبء الصرّاع البربرّي الهمجيّ الذي قامت به دولة الاحتلال طيلة عقود طويلة، بعدما وضعت دول عربية سلاحها عن أكتاف الجيوش، اللهم عدا عن الحروب البينيّة ما بين بعض الدول وما خلّفت من ضحايا ومواطنين زهقت أرواحهم دون ذنب لهم، وتشريد الملايين من بلادهم واللجوء، فيما أهل غزة اليوم لا يجدون من ينجدهم أو يدافع عنهم غير الكلمات التي لا تضر ولا تنفع، بل هناك من يفرحون من بني جلدتنا يتمنون مسح غزة كما يتمناها الرجل المجنون.
إن غزّة الآن في صمود أهلها وهي تزف آلاف الشهداء من الأطفال الذين تطعن في قلوبنا والنساء الفاضلات اللواتي استشهدن أو زففن أبنائهن بكل إيمان وثقة بعدل الله حتى لو بعد حين، بينما الرجال سطروا أروع الأمثلة في ثباتهم وتدافعهم لنجدة الجرحى ودفن الموتى، حتى بات المشهد في غزة وخان يونس وغيرها من المواقع ساحة معارك تلفزيونية لم تتوقف فيها محطات التلفزة، كي تنقل مشاهد القتل و تدمير المستشفيات والمساجد والجامعات، وكأن العالم ينتظر مشاهدة فيلما من أفلام الرعب تبثها هوليووود قبل أن يخلد للنوم، فيما الأطفال والنساء والعجائز لا زالوا مدفونين تحت ركام المباني.
غزة هي فيتنام العرب، فيتنام التي ركعّت أمريكا عبر عشرين عاماً، وأخرجتها من تلك البلاد يجرون أذيالهم، وسنرى أن غزةّ ستبقى رافعة برأسها مهما استمرت حرب الصهاينة الفاشستيين، وأبطال القسام هناك يرسمون خارطة جديدة لهزيمة دولة الاحتلال، ولعل هجوم الحادي عشر من أيلول الذي قلب الأرض على رأس نتيناهو وكل المجرمين في حكومته، قد كشف الكذبة الكبيرة للكيان الغاصب، وهذا ما أصبح عليه نتنياهو أشبه بالرجل المجنون، تماماً كما أُطلقت على الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بنظرية الرجل المجنون من قِبل وزير الخارجية آنذاك هنري كيسنجر، الذي قام بعملية سرية تفاوض في باريس الوفد الأميركي والجانب الفيتنامي، ما أجبر نيكسون على قبول الانسحاب.
إذا كانت قوات القسام وحماس وغيرهم من أبطال غزة قد أركعتّ تل أبيب بمن فيها، فلهم الحق بتدمير قوة إسرائيل التي كانوا يتبجحون بجيش الذي لا يقهرّ، حتى قهرتهم قوة الحق الفلسطيني، ولم ينتظروا أحداً ليقف معهم، فليس عندهم رفاهية الانتظار، تماما كما فعل الجنرال «جايب» بتخطيط الهجوم الكاسح للثوار الفيتناميين «الفيت كونج» خلال شهر واحد من العام 1968، حيث اكتسح فيه الثوار أكثر من 90 موقعاً وهجومهم على مركز قيادة القوات الأميركية وكبدوها خسائر كبيرة في المعدات والأفراد كما تكبدوا خسائر أكثر، ما دفع القيادة الأميركية إلى إعادة النظر في استراتيجيتها حول الحرب، وتقُبل الرئيس الأميركي بخسارته هناك، والبدء بسحب القوات الأميركية حتى خرج آخر جندي في العام 1973.
المشكلة اليوم أن لا أحد في هذا العالم العربي، بعيداً عن دول الغرب المتواطئ والدعم الأميركي الذي يقود المعركة ضد غزة، استطاع التلويح بأن يقلب الطاولة وهم يرون أن غزة تُباد بأكملها، ليس المباني فقط بل بكل ما يتحرك على أرض غزة،وكأننا لم نتذكر كيف هي حروب الدولة البربرية من بداية نشوئها وقتل آلاف الفلسطينيين وهدم قراهم، حتى حرب 1948، ثم العدوان الثلاثي على مصر، وحرب 1967 وحرب الاستنزاف، واحتلال الجولان واجتياح لبنان، وحتى هذه الساعة لم يتنازل العدو عن عنجهيتهم، ونحن مكتوفي الأيدي.
Royal430@hotmail.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-11-2023 08:54 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |