13-11-2023 08:21 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
دخلت الحرب على غزة شهرها الثاني، وما قبل هذه الحرب ليس كما بعدها.. وحتى اللحظة ما يزال الموقف مشحوناً، وما تزال مشاعر الغضب في الشارع العربي على حالها، إن لم تكن تزداد غضباً.
الأردن، ما يزال يبذل وبصدق ويوظف أوراقه ليس خطاباً وحسب، بل وفعلاً على الأرض، ضمن معادلة متدرجة، وبخطابٍ واضح لم يتغير تجاه فلسطين وحقوقها، فمنذ أن لحق الظلم بفلسطين وأهلها والموقف الأردني ثابت، ومتقدم، ففي حسابات الأردن وقيادته والمخلصين، فإن فلسطين قضية غير خاضعة لأيّ مساومة أو ظرفٍ، فهي الثابت ضمن أيّ متغير مهما كان شكله ونوعه، ومهما كانت دوافعه.
وسواء أكانت فلسطين وقضيتها بزخمٍ أم بغير زخم كانت فلسطين حاضرةً في الخطاب السياسي الأردني، وكان الملك عبدالله الثاني - وما يزال - يضعها في سلم الأولويات.
لربما قبل الحرب على غزة، كانت بوصلة العالم تختبر قضايا جديدة، وكان المنظرون يتحدثون عن عالمٍ جديد، وأقطابٍ أخرى، حتى عادت فلسطين في السابع من أكتوبر لتختبر العالم من جديد.. وهو أمر كان الملك عبدالله الثاني يقوله للعالم، أن لا استقرار عالمياً حتى دون حل القضية الفلسطينية.
ولا نعرف هل فلسطين بحاجةٍ إلى مزيدٍ من ظلم أهلها، وتشريدهم، ودفع الدماء.. حتى يقتنع هذا العالم أنّ هذه القضية ستبقى في كل دورةٍ من دورات الزمان تختبره، ومع كل مفصلٍ تمر به القضية الفلسطينية، كان الأردن ثابتاً في دعم فلسطين وأهلها، وحقوقهم، والمناداة برفع الظلم عنهم، ولم يدخر جهداً ليقدم ويبذل ولنا في الحاضر عظات، كما في الماضي.
فالملك عبدالله الثاني، سخر كل ما هو ممكن حتى اللحظة لصمود فلسطين وأهلها، وكانت الرؤية الأردنية متقدمة، فإذا ما كانت العيون على غزة، فإن الرؤية الأردنية كانت شاملة وهي تحذر من انفجار الأوضاع في الضفة الغربية والقدس، وتتحرك لإيمانٍ عميقٍ بأنّ هذا الوطن هو سند وعون فلسطين.
وما تمر به فلسطين وقضيتها اليوم، هو ظرف يشبه الأمس، أيّ قبل أشهر من نكبة عام 1948م، رغم اختلاف المعطيات ورغم تقادم الزمان، ومن بين أوراق ذلك الزمان خطاب للملك المؤسس الشهيد عبدالله الأول ابن الحسين، الذي بقي حريصاً على فلسطين وبذل لأجلها دمه فكان شهيد الأقصى.
ومما جاء في هذا الخطاب، وتاريخه 14 تشرين الأول 1947م، وألقاه ترحيباً بوفود عربية: «أرحب بالجامعة العربية ترحيب أخ صريح في بلد عربي صحيح، أرحب في وقت عصيب، في زمن مريب، لقد أنكر العرب منذ صدور وعد بلفور الذي جر البريطان والعرب واليهود إلى هذه المتاعب وهذه المشكلات وهذه النتيجة، فنحن أمة تدافع عن وطننا وعن مقدساتنا مع احترامنا لحقوق غيرنا ومقدساته، ولكنا أمة عاشت في هذا الوطن الغالي وتمسكت به وعضت على النواجذ من أجله من ابتداء دخولها إليه حتى اليوم، فهو عربي منذ الخلفاء إلى ملوك الطوائف وبعد الحروب الصليبية ومن عهد العثمانيين حتى اليوم».
ويتابع.."نحن لا نريد العدوان، فإن الله لا يحب المعتدين، ونحن نفضل السلام على الخصام، والمشكلة هي بين أيديكم اليوم، وبين يدي من يمثلكم في منظمة الأمم وبعد ذلك حين يحين التفكير الجدي والأمور الصعبة، عند ذلك قلنا سنحرص على الأوطان بصدق، وإذا قلنا لا نعجز عن الدفاع ولا نكذب وإن جنح القبلاء للسلم نجنح له والاتكال على الله، فالسلام قبل الخصام».
لقد كان هذا الخطاب قبل اشهر من دخول جيشنا العربي حرب 1948م، وصدق الأردن في موقفه، وراعى استخدام أوراقه كافة حينها، فمن بين ما تذكره الوثائق مهاجمة إعلام يهودي في أميركا الأردن إثر مقال نشره الملك المؤسس حينها في «أمريكان مجازين» وفي المقال حمّل الملك المؤسس أميركا مسؤولية نشر الإرهاب في فلسطين، لأنها تصر على نقل آلاف اليهود إلى فلسطين غير آبهة بالنتائج وأن اليهود يشتروا بأموال أميركية السلاح ليقتلوا العرب، والبريطانيين حتى، في إشارةٍ إلى رحيل الإنجليز عن فلسطين مع تصاعد هجمات العصابات اليهودية عليهم.
بعد أشهر من تلك الأجواء، خاض الأردن وبذل لأجل فلسطين، وصدق خطابه.. فدوما ما كان الأردن بقيادة ملوكه، وسيبقى يبذل لأجل فلسطين، بقلب عروبي محب مؤمن بأنّ فلسطين هي الأقرب.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-11-2023 08:21 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |