حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13780

المقاطعة سلاح المستهلك في تغيير الواقع

المقاطعة سلاح المستهلك في تغيير الواقع

المقاطعة سلاح المستهلك في تغيير الواقع

14-11-2023 08:25 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سمر الصوالحي
تعتبر المقاطعة إحدى الوسائل الفعّالة التي يمكن استخدامها للتعبير عن الرفض أو التنديد تجاه سياسات أو ممارسات معينة، سواء كانت داخلية أو خارجية، وذلك باتخاذ الافراد قرارًا بتجاهل المنتجات أو الخدمات أو حتى التعامل مع دولة معينة كوسيلة للتأثير على سياستها أو تصرفاتها، مما له تأثير كبير على الناتج الإجمالي المحلي للدولة.

المقاطعة اليوم تعكس إرادة جماعية للمجتمع، للتخلي عن استهلاك أو دعم معين لتحقيق غاياتهم السياسية أو الاقتصادية،كما يمكن أن تكون هذه الغايات متعلقة بقضايا اجتماعية، بيئية، أو حقوق إنسان.

إحدى أوائل ظواهر المقاطعة في التاريخ تعود إلى حركة المقاطعة في الهند خلال الحركة مناهضة للاستعمار البريطاني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كانت هذه الحملة موجهة ضد سياسة الضرائب الاستعمارية التي فرضها البريطانيون على الهند.

تاريخيًا، في عام 1885، تأسست الكونجرس الوطني الهندي (Indian National Congress)، وهي منظمة سياسية هندية تطالب بالاستقلال عن الاستعمار البريطاني. وفي العقود التالية، اشتعلت حركة المقاطعة كوسيلة للمعارضة السلمية ضد السياسات البريطانية.

في عام 1905، أعلن اللورد كرزون، حاكم الهند البريطاني، عن تقسيم مقاطعة بنغال إلى مقاطعتين، وهو القرار الذي أثار غضباً واسعاً في جميع أنحاء الهند. في هذا السياق، دعا بالغاندي، الزعيم الهندي الذي أصبح لاحقًا رمزاً للمقاومة السلمية، إلى حملة لمقاطعة السلع البريطانية والمنتجات الصناعية. وقد نجحت هذه الحملة في تجنيب الناس استخدام السلع البريطانية، مما أثر بشكل ملحوظ على الاقتصاد البريطاني.

يشتهر هذا النوع من المقاطعة بأنه كان غير عنفي، حيث استندت إلى فكرة الامتناع عن استخدام السلع البريطانية والتجارة مع البريطانيين كوسيلة للمطالبة بالحقوق السياسية والاستقلال.

واليوم ظاهرة المقاطعة الاقتصادية تجاه إسرائيل تمثل جزءًا من الحملات الدولية التي تهدف إلى التعبير عن الاحتجاج ضد هذا الكيان الصهيوني وتأتي هذه الحملات في سياق التضامن مع الشعب الفلسطيني وكمحاولة لفرض ضغط اقتصادي لتحقيق تغييرات سياسية.

وتعتبر هذه الحملات جزءًا من الضغط الدولي على إسرائيل لتغيير سياستها تجاه الصراع الفلسطيني، كما تؤثر هذه الحملات على الاقتصاد الإسرائيلي من خلال تقليل حجم التجارة والاستثمارات، ولكن يمكن أيضًا أن يثير هذا التأثير نقاشًا حول فعالية استخدام المقاطعة كوسيلة لتحقيق التغيير السياسي.

يكمن تأثير المقاطعة على الناتج الإجمالي المحلي في تفاعل العوامل المتعددة، بما في ذلك حجم المقاطعة، والقطاعات المستهدفة، ورد الحكومة،ورغم أن المقاطعة تعتبر وسيلة قوية للتعبير عن الرفض، يجب أن يتم تقييم تأثيرها الاقتصادي بعناية لتحقيق التوازن بين التأثير المرجو والآثار السلبية المحتملة.

واليوم تأثير المقاطعة الايجابي على السوق المحلي يعتبر استراتيجية للتحول نحو الاقتصاد المستدام والمسؤول وهذا امرًا حيويًا ومهم للدولة،و من بين الوسائل التي يمكن للأفراد والمجتمعات استخدامها للتأثير الإيجابي في هذا السياق هي المقاطعة. بالرغم من أن المقاطعة قد تظهر في بعض الأحيان بشكل سلبي، إلا أنها يمكن أيضًا أن تحمل آثارًا إيجابية كبيرة على السوق المحلي منها:

• تشجيع المقاطعة للمنتجات الوطنية يحفز الاقتصاد المحلي، فعندما يختار المستهلك تجنب المنتجات الأجنبية أو التي ترتبط بشكل مباشر بسياسات لا تتفق مع قيمه يتم تحفيز الطلب على المنتجات المحلية.

• تشجيع الابتكار والمنافسة فإذا كانت الشركات المحلية تشعر بضغط المنافسة، قد تقوم بتطوير جودة منتجاتها وتقديم خدمات أفضل هذا التحفيز يمكن أن يؤدي إلى تحسين مستوى الابتكار في السوق المحلي، مما يعود بالفائدة على المستهلكين.

• دعم الاقتصاد الاجتماعي قد تستهدف المقاطعة بشكل محدد الشركات التي تلتزم بالمسؤولية الاجتماعية، وهو ما يعزز الشركات التي تركز على الاستدامة وهذا الدعم يمكن أن يسهم في نمو الاقتصاد الاجتماعي وتعزيز الوعي بين الشركات.

• تحسين بيئة الأعمال فعندما يعتمد الاقتصاد المحلي على دعم المستهلكين المحليين، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين بيئة الأعمال المحلية و قد يشجع هذا الدعم على إنشاء مزيد من الشركات الناشئة وتحفيز روح المبادرة الريادية.

• تشكيل السلوك الاستهلاكي اليوم تساهم المقاطعة في تشكيل سلوك المستهلك، حيث يتم تحفيز الأفراد على التفكير في تأثير اختياراتهم على الاقتصاد المحلي والمجتمع. يمكن أن تساعد هذه التوجيهات في بناء وعي استهلاكي يركز على المسؤولية الاجتماعية.

في نهاية المطاف، يُظهر أن المقاطعة، عندما تُستخدم بشكل مدروس ومستهدف ودقيق، يمكن أن تلعب دورًا إيجابيًا في تعزيز الاقتصاد المحلي وتشجيعه على التنمية المستدامة وهي ليست مجرد لفتة رمزية وإنما هي أداة ملموسة قادرة على إحداث التغيير،كما يجب أن تتبنى الحكومات والوزارات وصناع القرار استراتيجيات مدروسة لضمان أن المقاطعة تسهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية بشكل فعّال ومستدام.








طباعة
  • المشاهدات: 13780
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-11-2023 08:25 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم