حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2283

استخدام التكنولوجيا في اثبات جرائم الحرب

استخدام التكنولوجيا في اثبات جرائم الحرب

استخدام التكنولوجيا في اثبات جرائم الحرب

15-11-2023 10:56 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. حمزه العكاليك
لقد أدى التقدم في تكنولوجيا المعلومات إلى تغيير طبيعة التحقيقات في جرائم الحرب بشكل لا رجعة فيه. فالسعي لتحقيق المساءلة عن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي يتطلب الآن الوصول إلى والتعامل مع الأدلة الرقمية. فالانتشار العالمي لمنصات مثل فيسبوك، ويوتيوب، وتويتر (X) يعني أن الكثير من هذه الأدلة الرقمية تحتفظ بها شركات التواصل الاجتماعي الأمريكية، ويخضع الوصول إليها لقانون الاتصالات المخزنة الأمريكي. الا أن الكثير من الأدلة الرقمية التي يتم إنتاجها عالميًا مملوكة لشركات خاصة تابعة لوسائل التواصل الاجتماعي مقرها الولايات المتحدة. وهو ما يدخل المحققين الامريكيين في تعقيدات الأطر القانونية الأمريكية التي تنظم قدرة منصات مثل فيسبوك، أو يوتيوب، أو تويتر على مشاركة المحتوى الرقمي والتي تتجاهل حقيقة حاجة التحقيقات الدولية لمثل هذه الادلة في جرائم الحرب اليوم.


في عام 2021، شقت أول قضية تتعلق بمحاولة الحصول على أدلة رقمية من شركة أمريكية لوسائل التواصل الاجتماعي للمساءلة عن جرائم الحرب طريقها إلى المحاكم الأمريكية. ولكن من منظور المساءلة، سلطت النتيجة الضوء على مشاكل كبيرة في النظام الحالي لتبادل الأدلة الرقمية. فغياب المسار الذي يمكن للمحققين الدوليين في جرائم الحرب من خلاله البحث عن محتوى خاص، يحبط المساءلة عن جرائم الحرب.



ومع ذلك، فانه بمجرد نشر المواد علنًا على الإنترنت، فمن الممكن للمحقق أن يحتفظ بنسخة منها، ويستخدم إجراءات التوثيق المناسبة، ويؤمنها كدليل رقمي. الا انه في كثير من الأحيان، تتم إزالة الأدلة الرقمية الأكثر قيمة من العرض العام قبل أن تصبح في متناول المحقق. ويمكن أن يحدث ذلك من خلال أحد المسارات التالية: أ. إزالة خوارزمية. تتم إزالة كمية كبيرة بشكل متزايد من المحتوى قبل ظهوره علنًا على الإنترنت، حيث يقوم الإشراف على المحتوى القائم على الآلة "بقراءة" المحتوى الذي ينشره المستخدمون ويقوم تلقائيًا بفحص المحتوى الذي ينتهك المعايير التي تم تدريب الخوارزمية عليها. ومن هذا المنطلق، تقوم بمسح المحتوى الرقمي لإزالة ما يعتبر دعاية إرهابية حتى عندما يكون في الواقع دليلًا رقميًا من منظور جرائم الحرب كما يحجث الان في غزم حيث ان القوانين الامريكية تتبر حماس منظمة ارهابية وعلية هناك تقييد كبير على نشر المحتوى الذي يدعم وجهة النظر سواء الفلسطينية او العربية المتضامنة مع اهل غزه.


بالإضافة إلى ذلك، فإن الإبلاغ عن المستخدم هو الطبقة التالية من نظام الإشراف على المحتوى حيث يحدث ذلك على الرغم من الإزالة الخوارزمية عندما يرى مستخدم منصة الوسائط الاجتماعية المحتوى الذي يعتقد أنه ينتهك معايير النظام الأساسي لمستخدمي المنصة. فيمكن للمستخدم "الإبلاغ" عن هذا المحتوى إلى النظام الأساسي، وطلب إزالته. وفي بعض الحالات، ستتم إزالة المحتوى الذي تم الإبلاغ عنه تلقائيًا، الا انه في حالات أخرى سيتم فحصه بواسطة مشرف المحتوى البشري، الذي يحدد ما إذا كان سيتم الاحتفاظ بالمحتوى عبر الإنترنت أم لا. وفي كثير من الأحيان، تحتفظ شركات وسائل التواصل الاجتماعي - وخاصة الشركات الكبرى مثل فيسبوك ويوتيوب - بنسخ احتياطية من المواد المحذوفة، لفترات زمنية متفاوتة.


وتعتبر الفئة الأخيرة من المحتوى بمثابة مجموعة شاملة للمواد التي ليست خاصة ولا عامة بشكل واضح. فالمحتوى في هذه الفئة يقع على نطاق واسع. ففي أحد الأطراف، على سبيل المثال، يمكن للمرء أن يتصور مستخدمًا يقوم بإعداد مجموعة فيسبوك مقيدة تكون مرئية فقط لأفراد عائلته الأربعة المباشرين. وعلى الطرف الآخر من الطيف توجد مجموعة فيسبوك دون أي قيود عليها. وبين هذين القطبين يكمن الكثير من القضايا الصعبة. ومع ذلك، من وجهة نظر المحققين الدوليين، فإن غموضها أقل أهمية مما قد يتخيله المرء، لأنه بموجب القانون الأمريكي الحالي، فإن وصولهم إلى كل من المحتوى العام المحذوف وشبه العام على حد سواء يخضع لتقدير شركات وسائل التواصل الاجتماعي.


ولأن محققي جرائم الحرب الدولية ليس لديهم سلطة إصدار أمر تفتيش، فإن قدرتهم على الوصول إلى الأدلة الرقمية من شركة التواصل الاجتماعي محدوده. على الرغم من حقيقة أن الأدلة التكنولوجية يمكن ان تكون أداة قيمة في إثبات جرائم الحرب ضد الإنسانية، لكن موثوقيتها تعتمد على عوامل مختلفة. ومن اهمها تحليل الطب الشرعي: فيمكن للأدلة التكنولوجية، مثل صور الأقمار الصناعية، أن توفر توثيقًا مرئيًا قيمًا للأحداث والمواقع المتعلقة بجرائم الحرب. ويمكن استخدام هذه الأدلة لتعزيز شهادات الشهود وإنشاء أساس واقعي للتحقيقات.


كما ان الأدلة الرقمية التي تشمل الأدلة التكنولوجية من بيانات من الأجهزة الإلكترونية، أو منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، أو رسائل البريد الإلكتروني، أو غيرها من الاتصالات الرقمية قد توفر معلومات مهمة حول التخطيط لجرائم الحرب أو تنفيذها. ومع ذلك، يجب التحقق بعناية من صحة هذه الأدلة وسلامتها لضمان موثوقيتهاوقبولها من قبل محكمة الجنايات الدولية.


وبالاضافة الى ان تسلسل وترابط الادلة حيث تعتمد موثوقية الأدلة التكنولوجية أيضًا على الحفاظ على سلسلة متواصله ومناسبة. ويعني ذلك التأكد من جمع الأدلة وتخزينها وتحليلها بما يحفظ سلامتها ويمنع التلاعب بها أو التلاعب بهااضافة الى انه غالبًا ما تتطلب الأدلة التكنولوجية تحليلًا متخصصًا من قبل متخصصين ذوي معرفة متخصصة في مجالات مثل تفسير صور الأقمار الصناعية أو الطب الشرعي الرقمي. وتعتبر خبرتهم حاسمة في تفسير البيانات بدقة وتقديمها بشكل فعال في الإجراءات القانونيةومن المهم بمكان الاشارة الى أن الأدلة التكنولوجية يمكن أن توفر رؤى قيمة حول حوادث أو مواقع محددة، إلا أنها قد لا تعكس دائمًا السياق الكامل أو الدوافع وراء جرائم الحرب.

حيث من المهم استكمال الأدلة التكنولوجية بأشكال أخرى من التوثيق وشهادات الشهود لبناء قضية شاملة.


ومن خلال استخدام التكنولوجيا لجمع الأدلة وتحليلها ومشاركتها، يمكننا محاسبة الجناة على أفعالهم والمساعدة في تحقيق العدالة للضحايا. فعلى سبيل المثال، في عام 2012، أدانت المحكمة الجنائية الدولية الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لدوره في الحرب الأهلية في سيراليون. واستخدمت المحكمة الجنائية الدولية عددًا من الأدلة لإدانة تايلور، بما في ذلك تصريحاته العامة وغيرها من الأدلة التي تم جمعها من منصات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انه في عام 1999 عندما ألقى تايلور خطابًا قال فيه إنه "سوف يحرق" دولة سيراليون بأكملها. وجدت المحكمة الجنائية الدولية أن هذا البيان أظهر أن تايلور كان لديه نية لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.


وفي الختام فانه من المهم تنفيذ العديد من الاصلاحات التشريعية على المدى القصير لتعزيز اساليب الإفصاح المبدئية من أجل تسهيل المساءلة، مع ضمان حماية الخصوصية وأمن البيانات. وذلك من خلال حث شركات وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية على تطوير ونشر المبادئ التوجيهية المؤقتة الخاصة بها حول كيفية اتخاذ قرارات الكشف عن الأدلة، مع افتراض ان تساعد على الكشف عن الأدلة العامة وشبه العامة المحذوفة اللازمة لمتابعة المساءلة عن جرائم الإبادة الجماعية الدولية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والعدوان كما يحدث الان في غزة من قبل دولة الاحتلال.








طباعة
  • المشاهدات: 2283
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
15-11-2023 10:56 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم