18-03-2008 05:00 PM
اذا كنت ترغب في عيد الام ان تستطلع اراء الامهات حول هذه المناسبة فما عليك الا التوجه لاقرب مركز بريد في بلدتك لتجد ان مئات الامهات ينتظرن منذ ساعات الصباح الباكر وبصورة مذلة ولساعات طويلة امام نوافذ البريد من اجل الحصول على شيكات لا تتجاوز قيمة الواحد منها «٣٠» دينارا بدل «دعم المحروقات». الامهات اللواتي طبخت الشمس ادمغتهن من اجل فتات خبز لتقيت اطفالها .. وهذا من باب العوض وكرم الحكومة عليهن . الامهات يقضين ساعات طويلة وقوفا في طوابير امام الابواب المغلقة للبريد بانتظار المناداة على اسمائهن بعد تسليم دفاتر العائلة التي لم تضمن لهن حفظ الكرامة في استلام حقوقهن. المشهد الثاني اذا لم يتوفر لك مقابلة الامهات في المكان المذكور فما عليك الا ان تشد الرحال الى اقرب مركز صحي في منطقتك لتجد مئات الامهات المتوهجات في سنوات العمر المضنية قروش الارض طلبا لحبة دواء للسكري او الضغط الذي ولدته السياسات الاجتماعية دون جدوى وسط صيحات الاطباء والممرضين وكأن الامهات عالة على مجتمع عقيم. المشهد الثالث واذا لم تستيقظ في ساعة مبكرة للبحث عن الامهات في عيدهن وفاتتك صرخاتهن الصباحية فما عليك الا ان تجوب جسور المشاة لرؤية امهات يتوسلن المارة من اجل بضعة قروش «متسلحات بالدموع والذكريات التي ورثنها من زمن من افواه الولدات وكانت عقيمة عليهن ولم تولد الا الاهات. المشهد الرابع في صباحات عيد الام انصحك بالذهاب الى اي دار من دور المسنين كنوع من التغيير والرفاهية الاجتماعية وجزء من التبذير حتى يتاح لك رؤية امهات حملن في الذاكرة تاريخا ايدولوجيا وفكريا عميقا لسهوات الزمان وغدره حيث قسوة الابناء والاباء والحكومات والمتغيرات التي لم ترحم اما بحجم التاريخ والذكريات حتى غدت مهملة كصورة جدارية رسمت في غير زمانها ووضعت في غير مكانها. المشهد الخامس اذا كنت من هواة التنزه في وسط البلد وتزامن ذلك مع عيد الام اشير عليك بالالتفات الى مجمعات السيارات حيث مئات الامهات يفترشن مواقف الحافلات طلبا لوسيلة نقل تسهل عليهن زيارة بيت ميسور مشغول بالاحتفال بعيد الام لتكون اول من يصل ليس كنوع من التكريم بل كونها الخادمة التي ستشرف على اعداد الطعام ونظافة المكان ولاحتفال الاغنياء والميسورين في عيد امهاتهم. المشهد الاخير في يوم الجمعة ينهض الضمير تحشد الحكومة كل امكانياتها وتتزود بكل المعدات والآليات والتجهيزات وتستحضر معها باقات الورود والملابس وكميات كبيرة من الطعام والشراب ومثلها شيكات عاجلة وبجانبها صيدلية ادوية متنقلة وخلفها اطباء من كل التخصصات.. الحكومة تسير بسرعة فائقة «انه عيد الام«.. تسير من الدوار الرابع مفتخرة ومبتهجة والامهات بالانتظار وسرعة الحكومة تزيد وتزيد مرورا على مراكز المسنين وجسور المشاة. تصل الحكومة.. الى اين؟ الى ام فقيرة الى ام فقدت شهيدا.. الى ام تتلوى جوعا برفقة اطفالها التسعة.. الحكومة تستقر في فندق «5» نجوم لعقد مؤتمر تتباحث فيه حول امكانية رفع اسعار قبور الامهات. الكاتب رئيس هيئة التحرير صحيفة المواجهة
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-03-2008 05:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |